خبر « إسرائيل »..إذ تعيد تجربة « سدوم » .. عدنان أبو عامر

الساعة 10:03 ص|06 يوليو 2009

كتب: عدنان أبو عامر

إدانة كل من وزير المالية السابق أبراهام هيرشزون، ووزير الشؤون الاجتماعية الأسبق موشيه بن عيزري، باختلاس المال العام، وخيانة الأمانة وسوء التصرف في الممتلكات الخاصة بالدولة، وصدور حكم بسجن كل منهم عدة سنوات في السجن، سلط الأضواء مجدداً على فساد النظام السياسي في إسرائيل، لدرجة جعلت الكثير من مراكز الأبحاث في تل أبيب، تؤكد أن الفساد أصبح سمة متأصلة للنظام السياسي الإسرائيلي. وقد أفردت الصحف الإسرائيلية الكثير من التعليقات لمظاهر الفساد.

فقد أكد ألوف بن الكاتب والمعلق الإسرائيلي، أن النظام السياسي بات مستعداً ليس فقط لغض الطرف عن الساسة الفاسدين، بل تهيئة الظروف للارتقاء بهم ليتبوؤوا المناصب الكبيرة. وفي مقال نشره في صحيفة " هارتس " يضرب بن مثالاً بما سيحدث لوزير الداخلية الأسبق آرييه درعي الذي أدين باختلاس المال العام قبل سبع سنوات وحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات، وهو الآن يستـعد ليحل محل وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي من المتوقع أن يستقيل بسبب قضايا فساد مماثلة.

ويشير بن إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصر على تعيين ليبرمان في منصب وزير الخارجية الذي يعد ثاني أهم منصب في الحكومة، على الرغم من تحذير المستشار القضائي للحكومة من أنه لا يجوز تعيين وزير تجرى ضده تحقيقات حول شبهة ارتكاب قضايا فساد خطيرة كما هو الحال بالنسبة لليبرمان. وأضاف: "ان مجرد فكرة عودته (درعي) للحكومة مع كل ما ارتكبه من جرائح وجنح، وبطريقة هزت الجهاز السياسي والقضائي تثير الحفيظة في النفوس. وإن حدث هذا الامر فعلاً، فإنه لا يوجد شيء غير ممنوع في إسرائيل ". وأكد بن أن السماح بعودة درعي للحكومة رغم فساده الكبير، سيشجع الفاسدين ويقلص من تأثير العقوبات التي تفرضها المحاكم على الساسة الفاسدين.

وأضاف: " المشكلة الأساسية التي تهدد هذه الدولة انها لا تمتلك ثقافة سياسية وان الجهاز السياسي تحول مع الوقت الى جهاز بلا خجل او وجل، لقد اجتزنا درباً طويلة منذ ان كان النشطاء الحزبيون ضالعين في اعمال فساد بذريعة انهم يفعلون ما يفعلونه من اجل الحزب كما يزعمون ".

أما بامبي شيلغ فقد اعتبر أنه ليس السلطة التنفيذية قد نفث فيها الفساد، بل إن السلطة التشريعية والقضائية قد نخر فيهما الفساد نخراً جائراً. واعتبر شيلغ الكنيست (مجلس النواب)، الذي من المفترض أن يراقب أداء السلطة التنفيذية مؤسسة تثير الخجل والاكتئاب، في حين أن الجهاز القضائي والنيابة والشرطة قد استحكمت فيها المعايير غير الموضوعية، منوهاً إلى أن كبار موظفي النيابة العامة وقادة الشرطة يقومون بتسريب المعلومات حول كل قضية يتورد فيها أشخاص لا يروقون لهم، منوهاً إلى أن الجمهور الإسرائيلي بات لا يثق بالشرطة والنيابة العامة.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" أوضح شيلغ أن النواب والأحزاب تفضل القادة الذين تحوم حولهم شبه الفساد. وأضاف: " أزمة المجتمع الإسرائيلي تتمثل في أنه يحتاج الى قيادة تتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة، وقادرة على شن الحرب او الدخول في سياقات من المفاوضات، وفي نفس الوقت لا ينزعج الجمهور الإسرائيلي من امكانية أن تضطر الدولة الى الدخول في مواجهة عسكرية مع أي من اعدائها، بينما يقف على رأسها قائد عديم الاسناد الجماهيري".

من ناحيته قال الكاتب والمعلق عوزي بنزيمان إن أحد العوامل التي تشجع الساسة في إسرائيل على الفساد هو حقيقة أن الجمهور الإسرائيلي لا يبدي اكتراثاً إزاء سلوكهم المشين، معتبراً أن الجمهور الإسرائيلي يعتمد منظومة قيم أخلاقية غريبة. وفي مقال نشره في صحيفة " هارتس" أعاد بنزيمان للأذهان حقيقة أن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو قد اعترف عندما كان يتنافس على منصب رئيس الوزراء لأول مرة عام 1996 أن شخصاً ما قام بتصويره وهو يمارس الرذيلة مع صديقته على الرغم من أنه كان متزوجاً. وأضاف: "الجمهور الإسرائيلي لا يعنيه أن تتحول إسرائيل إلى مثل سدوم (البلدة التي عاش فيها لوط)، حيث يمارس قادته الفجور طالما أن سلوكهم لا يؤثر على رفاهيتهم".

وقارن بنزيمان بين معايير الجمهور الإسرائيلي والأمريكي، قائلاً: "عالم مفاهيم المواطن الامريكي اقل تسامحاً في هذا الصدد بالنسبة لخيانات قادته المنتخبين لزوجاتهم، والا لما كان الخبر التلميحي بوجود علاقة غرام للمرشح الجمهوري جون ماكين ليهدده في طريقه للحصول على اختيار الحزب له كمرشح للرئاسة". وأردفق قائلاً: "الشيفرة الأخلاقية الإسرائيلية تفيد بحكمة بأن الحياة العاطفية للسياسيين، هي مسألة شخصية تخصهم طالما كانت لا تؤثر سلبياً على ادائهم لمنصبهم العام. في المقابل خلافاً للمعاير الذي يستخدمه الناخب الامريكي يبدي المواطن الإسرائيلي في السنوات الاخيرة تسامحاً مفرطاً مع نقاط ضعف اخرى لقادته رغم تأثيرها الصارخ على سلوكهم العام".