بعد تلقي المقترح الأمريكي

هكذا أفشلت لبنان مناورة "إسرائيل" بملف "وقف النار"!

الساعة 02:20 م|16 نوفمبر 2024

فلسطين اليوم

لا شك أن المتابع لملف وقف إطلاق النار بين كيان الاحتلال وحزب الله، يرى أن الخلاصة الأولى لما أعدته الولايات المتحدة من مسوّدة اقتراح لوقف الحرب على لبنان، يُظهر أن هذه المساعي دخلت مرحلة أكثر جدّية من سابقاتها، الأمر الذي كان واضحاً ارتباطه بالتطورات السياسية التي تمثّلت أولاً في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ثم الميدانية من خلال فشل العدو في الوصول إلى نتائج حاسمة على الأرض في ظل صمود المقاومة وثباتها وقتالها بقوة؛ إلا أن ذلك لم يمنع "الأميركيين والإسرائيليين" من القيام بمناورة تهدف إلى جعل لبنان مسؤولاً عن عدم التوصل إلى اتفاق في حال رفضه المسوّدة.

ويبدو أنه يظهر من خلال هذه المعطيات أن ما يمكن أن نسميه بـ"الكمين" الذي نصبه الأميركيون (وإسرائيل) بدا واضحاً عن بعد للمسؤولين اللبنانيين المعنيين، كما يظهر أنه ساعد في ذلك أن العواصم العربية والغربية الداعمة لموقف لبنان، لمّحت إلى المسؤولين اللبنانيين بوجود نية بتحميل لبنان المسؤولية عن استمرار الحرب، وهو كلام نفسه قاله المسؤولون في مصر وفرنسا، والأهم أنه كان لقطر دورها، لجهة لفت انتباه المفاوض اللبناني إلى آليات التلاعب التي يستخدمها العدو انطلاقاً من تجربتها في ملف غزة.

اعتماد استراتيجية الغموض

وبناءً على ما سبق ذكره، اتفق رئيس البرلمان اللباني، نبيه بري، ورئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، على اعتماد استراتيجية الغموض، ونجحا حتى اللحظة في عدم تسريب نص المسوّدة، كما تولّيا إشاعة أجواء تفاؤلية، لكن مع عدم الانجرار إلى الموجة التي كانت تضغط عليهما للسير في المسوّدة دون انتظار موقف حزب الله.

ويبدو أنه قد ساعد في هذه الاستراتيجية الموقف الإيراني الذي عكسه كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، الذي تزامنت زيارته لبيروت مع تسليم السفارة الأميركية مسوّدة الاتفاق للرئيس بري، إذ تعمّد لاريجاني الحديث صراحة عن دعم إيران ما يقرره اللبنانيون، مع الإشارة إلى الرئيسين بري وميقاتي والمقاومة.

وفي هذا الوقت تسود حالة من الانتظار ليُجيب لبنان على الورقة الأميركية بورقة تساؤلات لا بورقة مواقف حاسمة، فقد تولّى الرئيس برّي التمهيد لذلك من خلال حديث أجراه مع جريدة "الشرق الأوسط" أمس، متعمّداً عدم الحسم سلباً أو إيجاباً؛ لكنه تقصّد عدم إعطاء أي جو تشاؤمي لقطع الطريق على أي نية إسرائيلية بتحميل لبنان مسؤولية إفشال المفاوضات، إذ نفى أن يكون هذا المقترح يتضمن أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان، جازماً بأن «الأميركيين وغيرهم يعرفون أنه أمر غير مقبول ولا يمكن حتى النقاش فيه بالمبدأ، وأنه لا يمكن أن نقبل بأي مسّ بسيادتنا". وفق قوله.

ونفى بري "أن يكون المقترح متضمّناً نشر قوات أطلسية أو غيرها في لبنان، كاشفاً عن أن المقترح يتضمّن نصاً «غير مقبول لبنانياً»، وهو تأليف لجنة إشراف على تنفيذ القرار 1701، تضم عدداً من الدول الغربية.

وقال: "هناك نقاش دائر الآن حول الآلية البديلة المقترحة، ونحن لن نسير فيها، فهناك آلية واضحة موجودة لا مانع من تفعيلها"، في إشارة إلى القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان التي تتولى مراقبة تنفيذ القرار الصادر في أعقاب حرب عام 2006".

وخلال حديثه، حرص بري على تأكيد أن النقاش جار بالفعل حول هذه التفاصيل، وأن "الشغل ماشي والجو إيجابي والعبرة بالخواتيم"، وأشار إلى أن قدوم المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتين، إلى لبنان "رهن بتطور المفاوضات وتقدّمها". مضيفاً رداً على استهداف الاحتلال مسقط رأسه تبنين قال: "يعتقد نتنياهو بأنه عندما يريد تنازلاً من شخص ما يقسو عليه، لكنّ هذه الأمور ما بتمشيش معنا". وفق ما قال بري.

جنود من جيش الاحتلال خلال المعارك في جنوب لبنان

تقديرات: "لا وقف للنار قبل نهاية العام"

وبدورها، قالت مصادر مطّلعة: "إن النقاش جارٍ، لكنّ التوقعات في لبنان ليست متفائلة، استناداً إلى التجربة مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي، فالأخير وضع شروطاً يعرف أن لبنان لا يُمكن أن يقبل بها، وهو يتقصّد من ذلك تحميل لبنان مسؤولية فشل المفاوضات لأنه يريد مواصلة الحرب حتى كانون الثاني ومن دون سقوف".

ومن جانبها، كشفت مصادر دبلوماسية عن "أن الجو الخارجي لا يقلّ تشاؤماً عن التقديرات الداخلية، إذ إن الفرنسيين عبّروا بصراحة عن قناعتهم بأنهم لا يرون وقفاً لإطلاق النار قبل نهاية العام الجاري".

وبالتزامن مع الحراك الدبلوماسي المحموم، جاءت زيارة لاريجاني الذي أكّد أنّ "إيران تدعم أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية ولا سيما القرار 1701"، جاء ذلك بعد قدوم الأخير من سوريا، ولقائه فيما بعد الرئيسان بري وميقاتي، قائلاً: "الهدف من مجيئي تأكيد وقوفنا إلى جانب لبنان حكومة وشعباً في كل الظروف".

وردّ لاريجاني على سؤال للصحافيين، فيما إذا كانت الزيارة هي لنسف المبادرة الأميركية؟ بالقول: "نحن لا نسعى وراء نسف أي شيء بل نريد حل المشكلة وفي كل الظروف نحن نقف إلى جانب لبنان، مضيفاً "من ينسف الأوضاع هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره وأعوانه"، "وعليكم التمييز بين أصدقائكم وأعدائكم".

جانب من استهداف الاحتلال الضاحية الجنوبية لبيروت

وفي كيان الاحتلال، سعت الأوساط القريبة من رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتجنب الحديث عن تفاصيل مسوّدة وقف إطلاق النار في لبنان، إلا أن الأمر الذي لفت الانتباه، هو الاجتماع الذي ترأّسه الأخير بحضور موفده إلى واشنطن، رون دريمر، والوزراء إيتمار بن غفير ويسرائيل كاتس وبتلئيل سموتريتش، فيما تولّى الإعلام المقرّب نتنياهو مسؤولية تسريب أخبار عما أسماه بـ"التوجهات الإيجابية نحو عقد اتفاق مع لبنان". وفق وصفه.

هذا الأمر تزامن مع نشر القناة 12 العبرية، نتائج استطلاع للرأي للجمهور الإسرائيلي، حيث قال: "إن 67% من الإسرائيليين يدعمون التوصل إلى وقف الحرب على لبنان وغزة، مقابل 20% طالبوا باستمرار العمليات العسكرية".

ومن جانبها، اهتمت هيئة البث الإسرائيلية الحديث عن أن المسوّدة بقولها: "تتضمن إقرار الطرفين بأهمية القرار 1701، كما تعطي للطرفين حق الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر". مضيفة "إن الاتفاق يقضي بانسحاب قوات الاحتلال خلال أسبوع، وإنه سيصار خلال 60 يوماً إلى إنجاز انتشار واسع للجيش والقوات الدولية والقيام بعملية تفكيك البنى العسكرية وضمان انسحاب عناصر المقاومة من المنطقة إلى جنوب الليطاني". بحسب قولها.

وعلى الجانب الآخر، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية النقاب عن "أن التقدير في إسرائيل هو أن حزب الله قادر على مواصلة الحرب ولن يتعجل في قبول مقترح التسوية"، منوهةً إلى أن "تقديرات إسرائيل أن حزب الله والحكومة اللبنانية لن يقبلا حرية عمل إسرائيل في حال حدوث انتهاكات". وفق الصحيفة.

المصدر: الأخبار اللبنانية

photo_5891032810720970646_y (1)
 

كلمات دلالية