تزايد خلال اليومين الماضيين الحديث عن وجود جهود حثيثة للتوصل لوقف لإطلاق النار بين المقاومة في لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي، في ظل حالة من الاضطراب في التصريحات من "إسرائيل"، حيث أكد جيش الاحتلال نيته توسيع العملية العسكرية في جنوب لبنان وبدء المرحلة الثانية، وهذا ما أكده وزير الحرب الجديد، يسرائيل كاتس، من "أن إسرائيل لن تقبل التراجع والتوجه لوقف لإطلاق النار". وفق قوله، وعلى الجانب الآخر تواصل مصادر مقربة من رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو، بث أخبار كاذبة تفيد بقرب التوصل لاتفاق لوقف النار في إطار المناورة التي يمارسها الأخير منذ بداية حرب غزة.
وعلى جهة حزب الله فإنه يدرك أن أهداف الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة تصل لحدود "إنهاء الوجود المقاوم في المنطقة"، ضمن "حرب الوجود" التي أعلنها نتنياهو، وهذا الأمر أكده الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، قائلاً: "رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أمام مشروع كبير جداً يتخطى غزة وفلسطين ولبنان إلى الشرق الأوسط"، متعهداً بأن يجعل العدو الإسرائيلي هو الذي يسعى إلى المطالبة بوقف العدوان".
وفي ظل هذه الظروف وحالة المد والجذب بين الميدان والسياسة في لبنان يبدو أننا لسنا قريبين من تحيق اتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة في لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدف لفرض تغيرات على اتفاق وقف النار في عام 2006 ضمن القرار الأممي 1701".
نقطة الخلاف
من ناحيتها، كشفت وسائل إعلام عبرية، اليوم الأربعاء 13-11-2024، عن النقطة الرئيسية التي يدور حولها الخلاف بين كيان الاحتلال ولبنان خلال مفاوضات وقف إطلاق النار.
مصادر مطلعة على مفاوضات "وقف النار" قالت لقناة كان العبرية: "من نقاط الخلاف بالمفاوضات موعد بدء انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني". وفق قولها.
وبالتزامن مع الحراك السياسي كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان لليوم الـ 52، مستهدفا الأبنية السكنية والمدنيين، ومخلفا عشرات الشهداء والإصابات ودمارا واسعا في الممتلكات في سلسلة غارات جوية وقصف مدفعي متواصل على مناطق متفرقة.
ومن جانبه قال عضو الكنيست الإسرائيلي تسفيكا فوغل: "إذا دخلنا تسوية مع لبنان سيكون من أكبر الإخفاقات ومسألة مبكية لأجيال، زاعماً أن "إيران موجودة في لبنان وستقوم بتجنيد المزيد هناك، وإذا أخذنا الآن قسطا من الراحة، فسوف ندفع ثمناً باهظاً". وفق قوله.
كما قال فوغل: "نحن في طريقنا للانتصار هناك ويجب عدم المساس بهذا الإنجاز الآن حتى على حساب الإضرار بعلاقتنا الوثيقة مع الرئيس بايدن، مشيراً بقوله: "رسالتي إلى بايدن هي أنه إذا أراد أن يترك إرثا، فعليه أن يهاجم معنا المنشآت النووية في إيران ويترك لبنان وحزب الله الذي نعرف كيف نتعامل معه بمفردنا". على حد وصفه.
حزب الله: المرحلة الثانية "مصيرها الخيبة"
وعلى جانب حزب الله يواصل عملياته الميدانية وبقوة كبيرة، حيث قالت غرفة عمليّات حزب الله اللبناني، إن "القرار الذي اتخذته قيادة جيش العدو الإسرائيلي بالانتقال إلى المرحلة الثانية من "المناورة البريّة" في جنوبي لبنان لن يكون مصيره سوى الخيبة، وسيكون حصاده الحتمي المزيد من الخسائر والإخفاقات؛ وإن مجاهدينا في الانتظار".
وأضاف حزب الله في بيان صحفي، مساء الثلاثاء، أن المُقاومة اتخذت ضمن خططها الدفاعيّة كل الإجراءات التي تمكنها من خوض معركة طويلة لمنع العدو من تحقيق أهدافه دفاعا عن حرية وسيادة بلدها، ورفعة وكرامة شعبها الأبي.
وأكد أن الجبهة في كل المحاور والقطاعات تمتلك العديد والعتاد اللازمين ومن مختلف الاختصاصات العسكريّة لخوض هكذا معركة.
وتابع حزب الله: "بالرغم من الادعاءات التي يطلقها العدو عن السيطرة على قرى الحافّة الحدوديّة، تمكّن مجاهدونا خلال الأيام الماضيّة من تنفيذ العديد من الرمايات الصاروخيّة من على الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة باتجاه العمق المُحتل، كما تمكنوا من مفاجأة العدو باشتباكات مباشرة خلف خطوط انتشاره".
وشدد على أن "سلسلة عمليّات خيبر مُستمرّة وبوتيرة مُرتفعة، ولن يتمكّن العدو بالرغم من كل الإطباق الاستعلامي والحملات الجويّة التي يشنّها، من إيقاف هذه العمليّات التي تصل إلى أهدافها العسكريّة وتُحقق إصابات مؤكدة، وتُدخل مع كل صاروخ ومُسيّرة تُطلق، مئات آلاف المستوطنين إلى الملاجئ".
تحذيرات من تأخير إنهاء الحرب
من ناحيته، حذر المحلل العسكري في صحيفة معاريف العبرية، آفي أشكنازي، من تأخير المستوى السياسي في كيان الاحتلال الإسرائيلي إنهاء الحرب على لبنان.
وقال أشكنازي في مقال له في صحيفة معاريف: "في بداية الأسبوع، هطلت أول أمطار غزيرة خلال فصل الشتاء في الجليل وجنوب لبنان، فتغير شكل الأرض البنّية بعد فصل الصيف وأسابيع من القتال بالدبابات والمدرعات والمدافع والمركبات ومجموعة من الأدوات الحربية". وفق قوله.
وأضاف المحلل العسكري: "إسرائيل" تسمح لحزب الله بإعادة تأهيل وإعادة ملء مستودعاته وإمكاناته التي تضررت بشكل قاس في الحملة العسكرية". على حد زعمه.
وتابع أشكنازي: "جاء الجيش الإسرائيلي إلى هذه الحرب وهو يعرف بالضبط كيفية تحقيق أهداف العملية، زاعماً "تم تقديم القتال كعملية منظمة شملت تفكيك قدرات حزب الله القيادية، وتدمير قدراته النارية والصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى، وفي الوقت نفسه، تدمير الأنظمة اللوجستية". على حد قوله.
وأوضح بقوله: "كانت الخطوة التالية هي دخول الأراضي اللبنانية، إلى المنطقة التي بنى فيها حزب الله البنية التحتية "لاحتلال الجليل" وتمكن الجيش الإسرائيلي من تحييد وتدمير هذه القدرات". على حد قول الأخير.
وبيّن المحلل العسكري، أنه "كان ينبغي على المستوى السياسي أن يتحرك منذ عدة أسابيع لتسوية الأمور في لبنان، على ثلاثة أسس: أولاً، أن الحكومة اللبنانية ستسيطر عبر جيشها على جنوب البلاد، وثانياً، ستحتفظ "إسرائيل" بالقدرة على التصرف في أية محاولة لتغيير الوضع الأمني، وثالثاً، الدعم الدولي لكل خطوة". وفق قوله.
وشدد أشكنازي خلال مقاله على أنه "كان ينبغي على "إسرائيل" أن تفعل ذلك ليس غداً، بل بالأمس". مشيراً إلى أن "حزب الله يدرك جيداً أن المستوى السياسي في إسرائيل يواجه صعوبة في اتخاذ القرار، بسبب الضغوط السياسية التي تشل قدرته على اتخاذ القرار". وفق قوله.
جدير ذكره أنه ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على لبنان منذ 8 من أكتوبر العام الماضي إلى 3287 شهيداً و14222 مصابا، وفق أحدث احصائية لوزارة الصحة اللبنانية أمس الثلاثاء.