منذ شهر نوفمبر 2023 ومن اللحظات الأولى لبدء سيطرة الاحتلال على محور نتساريم جنوب مدينة غزة، سعى جيش الاحتلال لإنشاء العديد من المواقع والغرف المحصنة لقواته المرابطة في المنطقة والتي تتعرض للرمايات بالهاون والصواريخ القصيرة من المقاومة الفلسطينية بغزة.
الأمر الأكثر خطورة بدأت علاماته تتضح شيئاً فشيئاً ودون أن يشعر أحد بذلك مع نهاية الصيف المنصرم، منذ أن بدأ جيش الاحتلال بتوسيع (محور نتساريم) بشكل أكبر من السابق حتى بلغ عرضه 4 كلم، أما السبت الماضي، فقد أعلن جيش الاحتلال عن أن "عرض المحور أصبح 7 كلومتر وبطول 8 كم، هذا الأمر جاء بعد العديد من التوغلات شمال مخيم النصيرات وفي حيي الزيتون وتل الهواء جنوب مدينة غزة".
تفاصيل مثيرة
صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، كشفت عن تفاصيل مُثيرة ولأول مرة عن حجم التواجد الإسرائيلي في منطقة محور "نتساريم"، الذي يعتبر من المحاور الهامة لجيش الاحتلال والذي يساعد في شطر قطاع غزة لنصفين ومنع التواصل بينهما؛ الأمر الذي يسمح للاحتلال بفرض سيطرته الأمنية على قطاع غزة كما يقول.
يديعوت قالت في تقريرها: هذه تفاصيل ممر نتساريم "أكبر تواجد إسرائيلي" بغزة، تم إنشاء هوائي "شركة سيلكوم" وخط المياه الجديد و"المحطة رقم 3"، مضيفة: "أكبر منطقة إسرائيلية في غزة- نظرة من الداخل". وفق قولها.
وأضافت الصحيفة العبرية: "بهدوء، بهدوء، وفي إطار تحويل جبهة غزة إلى "ثانوية"، وبينما لا يزال يقبع المختطفون في الأنفاق، تحول "محور نيتساريم" من ورقة مساومة في المفاوضات إلى "جيب إسرائيلي" طوله 8 كيلومترات وعرضه 7 كيلومترات".
وتابعت الصحيفة: "المحور يضم مواقع "دائمة مريحة" وهو يقسم القطاع إلى جزأين شمالي وجنوبي، كما كان الحال قبل "فك الارتباط"، زاعمة أن جيش الاحتلال قال "كل شيء سيتم تفكيكه بسرعة"، كما وعد الأخير؛ إلا أن الأمور تقول غير ذلك على الأرض، فقد بدأ بتنفيذ خطة مماثلة لتوسيع محور فيلادلفيا وإنشاء "معبر كيسوفيم الجديد" لأول مرة منذ عام 2005".
مستوطنة جديدة
كما أفصحت الصحيفة: "هناك أعلام "إسرائيلية" وُضعت على جانب المحور المركزي لـ(ممر نيتساريم)، وفي جزئه الغربي، وصولاً إلى "البؤرة الاستيطانية" الكبيرة على الشاطئ، جنوب حي تل الهوى بغزة بمنطقة الشيخ عجلين". على حد قولها.
بهذا الأمر والكشف يتضح أن جيش الاحتلال "وضع اللبنات الأولى لبناء مستوطنة في منطقة نتساريم وخاصة بعد تزويدها بالاتصالات والمياه العذبة وغيرها الكثير من اللوجستيات الأخرى التي تسمح لها بالبقاء هناك والسيطرة على الأرض".
وأوضحت يديعوت في مقالها: "هذه البؤرة الاستيطانية، التي يُنظر إليها بالفعل على (أنها قاعدة لكل شيء)، وهي تعتبر (بمثابة صيدلية) للمحور، وأقيمت هناك مراكز اعتقال مؤقتة وغرف تحقيق مع المعتقلين، ومجمعات سكنية دائمة لجنود داخل مقر الكتيبة وسرية المقاتلين الملحقين بها". وفق الصحيفة.
وأشارت بقولها: "يتم الآن حفر خنادق حول المنطقة لحماية "القاعدة العسكرية" في نتساريم، التي تعج بعمال البناء "وضباط الهندسة"، لافتةً إلى أن "الجزء المهم من هذه القاعدة يقع بينها وبين الساحل، أي "الحاجز الساحلي الجديد الذي يأمل جيش الاحتلال أن تمر من خلاله كتلة كبيرة من السكان الفلسطينيين قريباً إلى جنوب القطاع، مع اتساع الضغط على منطقة جباليا". وفق قولها.
وكانت توغلت عدة آليات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الإثنين 11-11-2024، بمنطقة تبة النويري غرب مخيم النصيرات بالمنطقة الوسطى.
وبحسب مصادر محلية وشهود عيان: "فقد تقدمت الآليات العسكرية في مناطق متفرقة غرب النصيرات، تزامنًا مع إطلاق نار كثيف وعدة قذائف مدفعية باتجاه المنازل في منطقة أبو مهادي".
وقالت المصادر: "وردت مناشدات متواصلة من عائلات محاصرة تحت النيران قرب تبة النويري بعد تقدم مفاجئ للآليات ومحاصرة جميع سكان المنطقة".
وأضاف شهود عيان: "وصلت قوات الاحتلال إلى "تبة النويري" وتطلق النار على أي جسم متحرك، مصحوبة بإطلاق نيران كثيفة من طائرات الكواد كابتر".
وبحسب المصادر، "فإن قوات الاحتلال تقوم بعمليات تجريف قرب تبة النويري في إطار توسيع "محور نيتساريم" الذي أعلن الاحتلال عن توسيعه قبل يومين".
جدير ذكره أنه منذ نهاية أكتوبر الماضي، كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من غاراته الجوية وقصفه المدفعي على شمال مخيم النصيرات، فيما توغلت قوات عسكرية مدعومة بجرافات في منطقة المخيم الجديد شمال النصيرات (وأبو مهادي وأبو معلا)، والتي تعتبر الحدود الجنوبية لمحور "نتساريم" الذي يتمركز به الأخير منذ نوفمبر 2023.
ويواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 تنفيذ الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ما أسفر عن أكثر من 146 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.