خبر غزة : مكبات النفايات.. مخيمات صيفية إجبارية للأطفال الفقراء

الساعة 06:57 ص|05 يوليو 2009

فلسطين اليوم-غزة

على بعد أمتار من أحد مكبات النفايات، تقام عدة مخيمات صيفية تابعة لوكالة الغوث "أونروا" داخل مدارس تابعة لها، حيث يقضي آلاف الطلبة عطلتهم الصيفية في اللعب واللهو والسباحة في برك اصطناعية صغيرة، فيما انغمس الطفل محمود منير في جمع حاجيات وبعض ما تحتويه المكبات من عبوات فارغة وقطع بلاستيكية وحديدية.

مفارقة كبيرة بين أطفال يلعبون ويتلقون الوجبات الخفيفة والمشروبات الباردة، وآخرون يرتدون ملابس وأحذية مهترئة ولا يتمكنون من شرب المشروبات الباردة طوال أيام الأسبوع.

وبرغم الفرق الكبير في طريقة الحياة بين الأطفال داخل المدرسة وبين هؤلاء الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة بين أكوام القمامة النتنة وتحت أشعة الشمس اللاهبة، بدا الطفل محمود (13 عاماً) متماسكاً وواثقاً ومعتزاً بما يقوم به.

وقال وهو يشير إلى الأطفال في المخيم الصيفي، "إن هؤلاء أنعم الله على آبائهم بوظائف أو أعمال لكن هذا حظي في الدنيا"، معرباً عن أمله في تغير الأوضاع ويتمكن والده من العودة إلى العمل داخل إسرائيل، حيث كان يعمل قبل أربع سنوات.

وأشار محمود إلى حصوله على فرصة للاشتراك بأحد المخيمات التي تنظمها المؤسسات لكنه اعتذر عن الالتحاق به نظراً لظروف عائلته المتردية.

وفضل محمود العمل في المهنة المتوفرة والسهلة على الاشتراك في المخيمات الصيفية، بالرغم من سماح والديه له بالالتحاق بالمخيم أسوة ببعض نظرائه الطلاب.

وبدا محمود الذي وقف أمام بوابة مدرسة ذكور غزة التابعة لـ "الأونروا" في حي النصر يتابع الأطفال وهم يسبحون في بركة صغيرة، مشغولاً بأوضاع عائلته المادية والاقتصادية الصعبة، مؤكداً أنه اندفع بشكل شخصي للعمل دون ضغط من والده الذي يعمل بشكل متفرق في بعض الأعمال المتاحة.

وأضاف إن اطلاعه على أوضاع عائلته دفعه إلى العمل خلال عطلة الصيف برغم الصعاب والآلام التي تتسببها مناظر أقرانه الأطفال الذين يلعبون ويلهون في البحر وداخل المخيمات الصيفية.

ويتمثل عزاء محمود بوجود العشرات من نظرائه الأطفال يمتهنون نفس المهنة المؤلمة، مؤكداً أنه يستغل وجوده بجانب الأطفال في اللعب أحياناً ولكن على وسط أكوام القمامة وأحيانا في وسط الشوارع المزدحمة.

وينوي الطفل أحمد الترامسي التمتع والاستجمام على الشاطئ بعد أن يجمع ما يفكر به من مال في نهاية العطلة الصيفية، معترفاً بحزنه وغيرته الشديدة مما يتمتع به نظراؤه الأطفال من لعب ولهو خلال هذه الفترة.

ويحذر الدكتور والأخصائي النفسي سمير زقوت، من برنامج غزة للصحة النفسية، من خطورة هذه الظاهرة على مستقبل وسلوك الأطفال، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تعرض الطفل لاضطرابات نفسية تجعله يكره المجتمع ويصبح عنصراً مضاداً للمجتمع خلال شبابه.

وقال زقوت لـ "الأيام"، إن الطفل الذي يجمع القمامة يشعر بالدونية لأنه من عائلة فقيرة.

ويعتبر الطفل سامي منصور (11 عاماً) أن ما يقوم به أفضل بكثير من اللعب واللهو، خصوصاً في هذه الأوقات الصعبة على الجميع، معتبراً أن المخيمات الصيفية "تضييع للوقت فقط"!.

ورأى منصور أن الوقت غير مناسب للهو في ظل تدهور أوضاع أسرته المادية بسبب تعطل والده عن العمل.

ويحذر الدكتور مجدي ظهير، رئيس قسم الأوبئة بوزارة الصحة، من خطورة إصابة الأطفال بالأمراض، والمتمثلة بالإصابة بجرثومة الكزاز "التيتانوس" القاتلة التي تتجمع على الحديد الصدئ، إضافة إلى الإصابة بالأوبئة والطفيليات.

ونصح ظهير بالابتعاد عن مهنة جمع الخردة نظرا لخطورتها على الإنسان، لا سيما الأطفال.

وقال ظهير لـ "الأيام"، إن تجمعات القمامة الصلبة يمكن أن تكون مصدراً لأمراض خطيرة جداً أيضاً، مثل الكوليرا وحمى التيفوس التي تنتقل للأطفال عن طريق اللعب المباشر بالقمامة، وعن طريق الحشرات التي تتغذى على أكوام القمامة.