كشف تحقيق استخباري إسرائيلي النقاب عن خفايا القضية الأمنية الحساسة التي يتهم خلالها مسئول مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وموظفون آخرون في المكتب بتسريب وثائق بالغة السرية وتزوير أخرى والتلاعب بالرأي العام سعياً لخدمة أجندات نتنياهو للبقاء في الحكم.
وتعد قضية تسريب الوثائق السرية إلى وسائل الإعلام الأجنبية من أخطر القضايا التي عرفتها "إسرائيل"، ولا تقتصر الأضرار التي لحقت بها على مسائل أمنية بحتة، فهي تثير الشكوك في أن مكتب نتنياهو عمل على إحباط صفقة أسرى مما يتعارض مع أهداف الحرب.
وأشار التحقيق إلى أساليب غير سليمة في التصرف من قبل مكتب نتنياهو، حتى ان بعضها حتى يشتبه في أنها جنائية، بما في ذلك احتمال تورط مسؤولين كبار في القضية التي لم يتم التحقيق فيها بعد.
وبدأت القضية، التي يحقق فيها "الشاباك"، بعد تسريب وثيقة سرية لصحيفة "بيلد" الألمانية، تتضمن تعليمات مزعومة من قيادة حماس حول كيفية إجراء المفاوضات بشأن الأسرى، كان لتسريب الوثيقة هدفان رئيسيان: الأول، تقديم قيادة "الجيش والمنظومة الأمنية" على أنها من يخفي عن نتنياهو وحاشيته المعلومات، أي كأنهم يريدون إلحاق ضرر برئيس الحكومة؛ ثانياً، خلق الانطباع بأن حماس ليس لها مصلحة في الصفقة، والادعاء بأن نتنياهو هو من يحبط الصفقة لا أساس له من الصحة.
في يوم النشر، أصبح من الواضح أن الوثيقة قد خضعت للتلاعب، وتم تحريف محتواها عمدا، وفوق كل شيء - أنها لم تكن سياسة رسمية بل ورقة عمل كتبها صغار الرتب المتوسطة في حماس.
انزعج الجيش بشدة من التسريب، الذي انضم إلى منشور سابق في المجلة الأسبوعية البريطانية اليهودية "Jewish Chronicle" مفاده أن حماس قد تقوم بتهريب أسرى عبر محور فيلادلفيا، وقرر التحقيق في مصادر التسريب.
وتم تحويل التحقيق إلى الشاباك الذي تمكن من حل لغز الوثيقة بسرعة. وقاد التحقيق إلى مستشار في مكتب نتنياهو، قام بتنشيط عناصر مختلفة في الجيش للحصول على معلومات منهم، هذه المعلومات تم توزيعها بطريقة تلاعبية على صحفيين مختلفين في الكيان وفي جميع أنحاء العالم من أجل تعزيز مصالح نتنياهو، وكجزء من حملة عميقة تهدف إلى إلحاق الضرر بخصومه، بما في ذلك قادة المنظومة الأمنية.
ووفق التحقيق، فإن هذه اتهامات خطيرة وغير مسبوقة، لأسباب عدة، أولا، لأن نشر وثائق سرية من "الجيش" يشكل جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة طويلة، ثانيا، لأنه يشتبه في أن مكتب نتنياهو شارك فعلا في التجسس داخل المنظومة الأمنية، في زمن الحرب، ثالثا، بسبب توزيع هذه الوثائق، رابعاً: لأن الحكومة حددت إطلاق سراح الأسرى كهدف رئيسي للحرب، والمنشورات المبنية على الوثائق (التي تم التلاعب بها كما ذكرنا) كان الهدف منها تخريب إمكانية الوصول. صفقة – أي أنها كانت مخالفة لقرار الحكومة.
الاشتباه في اختفاء مواد
وبحسب التحقيق، فقد بذلت حاشية بنيامين نتنياهو جهودا كبيرة في الأيام الأخيرة للنأي بنفسها عن هذه القضية، وفي إطار ذلك، تم تقديم ادعاءين رئيسيين: الأول، أن المستشار الذي تم اعتقاله لا يعمل في مكتب نتنياهو، والثاني، أن العالم كله يسرب (وخاصة المنظومة الأمنية)، وأن نتنياهو هو الذي يطالب بانتظام بإجراء تحقيق من خلال جهاز كشف الكذب لاكتشاف المسربين.
وقال التحقيق: "إن كلا الادعاءين ينطوي على إشكالية، على أقل تقدير، إذ كان المستشار ضمن مكتب نتنياهو، ورافقه في جولات في المنظومة الأمنية وتحدث بانتظام نيابة عنه مع العديد من الصحفيين، على الرغم من أنه فشل في الفحص الأمني ولم يكن مصنفا استمر في التعرف على الأشخاص والمعلومات في المكتب السري في الكيان عندما كان من الواضح أنه يشكل خطراً، ومن المؤكد أن التحقيق سيكشف مع من في المكتب شارك المعلومات التي حصل عليها من الجيش.
ونشر الصحافي ميخائيل شيمش أن تساحي برافرمان ويوناتان يوريش، رفيقي نتنياهو، تشاورا مع المحامي عميت حداد.
وفيما يتعلق بالتسريبات، فإن نتنياهو لديه تاريخ طويل من التسريبات، يعود إلى عندما كان رئيسا للمعارضة في منتصف التسعينيات.
كان بإمكانه أن يأمر الشاباك بالتحقيق فيها (والبدء مع أعضاء مكتبه)، على الرغم من أن التحقيق كان سيواجه مشكلة منذ البداية، فهو لا يسمح بإجراء اختبار كشف الكذب لمن لديهم جهاز تنظيم ضربات القلب المزروع في أجسادهم بمعنى أخر، فإن نتنياهو نفسه سيكون معفياً منه.