فلسطين اليوم – الانتقاد
نحو ستة أشهر مرت على حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال الصهيونية ضد قطاع غزة ، ولا زالت صرخات ضحاياها تبحث عن صدى يجيبها ؛ رغم أن ما تعرضوا له بث على الهواء مباشرة طوال 23 يوماً ، وبلغات مختلفة.
الثامن والعشرون من يونيو/حزيران المنصرم، تاريخ شكّل منعطفاً جديداً في رحلة محاسبة جنرالات الحرب في دولة الكيان ؛ كونه شهد انطلاق جلسات الاستماع العلنية للجنة التحقيق الأممية ، وهي جلسات عدا عن أنها عُقدت في القطاع الذي لا زالت أكوام الدمار تحاصره من كل جانب ، وذووه لم يتعافوا بعد من ويل ما أصابهم ؛ فإن أهالي الضحايا يعلقون عليها آمالاً كبيرة بنصرتهم ، أو على الأقل الكشف عن الوجه الحقيقي " لإسرائيل" ، التي صورت نفسها على أنها رائدة البراءة والإنسانية.
نماذج ومآسي
عائلة السموني ؛ واحدة من بين عشرات ؛ بل مئات الأسر الفلسطينية التي اكتوت بحمم وصواريخ الموت الصهيونية خلال العدوان على غزة ، حيث استشهد 29 من أفرادها ، ودمرت غالبية ممتلكاتهم.
تقول أم محمود ، والتي فقدت زوجها وأحد أطفالها الـ 5 ، فيما لا تزال تبحث عن علاج ابنتها "أمل" حتى يومنا هذا :" إنها تأمل في أن تنصف وغيرها من المنكوبين في هذا العدوان ، وأن تتم ملاحقة مجرمي الحرب الذين تسببوا في مأساتهم المستمرة".
أما معين ديب (42 عاماً) ، والذي فقد زوجته و5 من أولاده فتساءل في حديث "للانتقاد" عن اللحظة التي سيرى فيها المسئولين الصهاينة يحاكمون على جرائمهم بحق الأبرياء والمدنيين.
يقول ديب :" إن رحيل زوجته وأولاده أثر بصورة كبيرة في حياته ، وتسبب له بكثير من المعاناة ؛ لكن ما يحزنه ويبكيه بشكل أكبر هو عدم مقاضاة المجرمين في الكيان على فظائعهم التي اقترفوها بحق أطفال ونساء لا حول لهم ولا قوة ".
أنور بعلوشة من جهته ، استذكر مشهد بناته الخمس المسجيات في ثلاجة الشهداء بمستشفى كمال عدوان في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
يقول بعلوشة ، وصور بناته الخمس (آية ، إيمان ، إكرام ، تحرير ، وسمر) اللواتي قضين في استهداف "مسجد الشهيد عماد عقل" ، بين يديه :" إن لديه أمل كبير في أن يشهد لحظة تقديم جنرالات الحرب الإسرائيليين إلى القضاء الدولي على ما ارتكبوه من فظائع طالت حتى المقدسات والمساجد ، دون اكتراث".
أما عائلة السيلاوي، والتي فقدت 5 من أبنائها بعد قصف العدو الصهيوني لمسجد الشهيد إبراهيم المقادمة في مخيم جباليا - شمال القطاع ، في الثالث من يناير عام 2009 ، فطالبت وعلى لسان والدة الشهداء الخمسة المجتمع الدولي ، وكل صاحب ضمير في هذا العالم للانتقام من قتلة أبنائها، ورفع الضيم عن أطفالهم الذين باتوا أيتاماً، وبلا أي معيل.
تعهد
صرخات هذه العوائل، ونداءاتها ، إلى جانب الشهادات العلنية التي أدلت بها ؛ أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة القاضي الدولي (ريتشارد جولدستون) أنها ستكون محور اهتمام بعثته ، قبل وضع التقرير النهائي لها في شهر أغسطس/آب القادم.
وكانت جلسات اللجنة الأممية التي انطلقت يوم الأحد 28/6/2009 بمقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة ، واستمرت على مدار يومين ، حظيت بترحيب فلسطيني رسمي وحقوقي واسع ؛ كونها تمثل نقلة نوعية على صعيد ملاحقة قادة الحرب الصهاينة.
وتجدر الإشارة إلى أن التفويض الممنوح للبعثة يشمل ؛ بحسب أعضائها إجراء تحقيق مستقل ونزيه في كافة الإدعاءات الخاصة بانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي من الممكن أن تكون قد أٌقترفت ، سواء كانت هذه الانتهاكات وقعت قبل تنفيذ الحرب العدوانية، أو خلالها، أو حتى بعد توقفها.