خبر إسرائيل تسعى إلى هدم بلدة سلوان المقدسية والسيطرة على الحصة الفلسطينية من البحر الميت

الساعة 04:36 ص|04 يوليو 2009

فلسطين اليوم-الحياة اللندنية

أثارت القرارات والتوجهات الأخيرة المعلنة للسلطات الحكومية والبلدية الإسرائيلية في شأن مدينة القدس والبحر الميت قلقاً مضاعفاً لدى الفلسطينيين الذي يرون فيها ليس فقط استيطاناً للأرض، وانما محاولات لحسم مصيرها النهائي قبل أي حل سياسي مقبل.

 

وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت الأسبوع الماضي قرارها استملاك 139 ألف دونم من أراضي البحر الميت التي انحسر عنها الماء في العقود الأخيرة (أي تحويلها الى أراضي دولة). وترافق القرار مع إعلان رئيس بلدية القدس اليميني نير بركات عن مشروع قرار يقضي بهدم 30 في المئة من البيوت غير المرخصة في القدس، ومنح الباقي وضعاً مختلفاً يتراوح بين اللاقانوني واللاهدم.

 

ورأى الفلسطينيون في قرار الحكومة الإسرائيلية استملاك أراضي البحر الميت التي تشكل 2 في المئة من مساحة الضفة الغربية محاولة لإخراج البحر من أي حل سياسي مقبل، وإبعادهم عن أي مشاريع محلية أو دولية تُخطط للمنطقة.

 

ودأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على المطالبة بإخراج البحر الميت من المفاوضات، لكن خطوة حكومة بنيامين نتانياهو حملت بعداً جديداً يتمثل في بدء السيطرة الفعلية على الأراضي الممتدة من البحر. وكانت السلطة الفلسطينية طالبت الإدارة الأميركية السابقة بتحديد الأراضي المحتلة عام 1967 التي تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية والبحر الميت وقطاع غزة. وأعلن الرئيس محمود عباس أخيراً في مؤتمر صحافي له ان إدارة بوش قدمت له تطمينات في هذا الشأن، وأبلغته انها تعترف بالبحر الميت والقدس الشرقية ضمن الأرضي المحتلة عام 1967.

 

وجاء طلب عباس هذا خشية من النتائج السياسية المترتبة على إعلان الرئيس الأميركي حينئذ جورج بوش ان إدارته تتفهم أن أي حل سياسي يجب أن يراعي التغيرات الديموغرافية الحاصلة، مشيراً في ذلك الى الكتل الاستيطانية التي تسعى إسرائيل الى ضمها.

 

ويرى الفلسطينيون في إعلان إسرائيل عن ضم واستملاك أراضي البحر الميت وضعاً للعربة الإسرائيلية أمام الحصان الأميركي المطالب بوقف الاستيطان. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات لـ «الحياة» ان الحكومة الإسرائيلية بقرارها هذا توجه لطمة الى إدارة الرئيس باراك أوباما الذي يطالبها بوقف الاستيطان ووقف مصادرة الأراضي. وأضاف: «كيف لهم ان يعدوا إدارة اوباما بوقف الاستيطان وهم يصادرون أراضي تساوي نحو 2 في المئة من الضفة»؟

 

ويتوقع الفلسطينيون ان تشرع إسرائيل قريباً في إقامة مشاريع بناء ومناطق سياحية وصناعية في هذه الأراضي الواسعة. وقال الخبير في شؤون الاستيطان لـ «الحياة» خليل التوفكجي: «إسرائيل تعرف ان هناك ثلاث دول مشاطئة للبحر الميت هي الأردن وفلسطين وإسرائيل، وبقرارها هذا فان إسرائيل أرادت اخراج الجانب الفلسطيني من المعادلة والحلول محله». وأضاف: «واللافت ان الخطوة الإسرائيلية جاءت في أجواء الحديث عن مشاريع تطويرية للبحر الميت، منها شق قناة تنقل المياه من البحر الأحمر الى البحر الميت، وإسرائيل تريد بذلك ان تخرج الجانب الفلسطيني من أي مشاريع إقليمية حول البحر».

 

وفي سياق مماثل، جاءت خطوة رئيس بلدية القدس، وهو محسوب على معسكر اليمين، في شأن هدم 30 في المئة من بيوت المدينة المقامة من دون ترخيص، والتي تشير التقديرات المختلفة الى ان عددها يتراوح بين 15 و 20 ألف بيت.

 

ويحمل مشروع رئيس البلدية إشارة الى المناطق التي يستهدفها الهدم، إذ حددها بـ «تلك القائمة في المناطق الخضراء». ويقول التوفكجي ان رئيس البلدية يسعى الى تنفيذ قرارات الهدم في بلدة سلوان التي تطاول حياً سكنياً بأكمله.

 

وكانت البلدية أعلنت قرارات سابقة بهدم عشرات البيوت في سلوان، شمل أحدها 88 بيتاً في حي البستان. وأعلنت البلدية انها ستقيم مكان البيوت المذكورة حديقة وطنية. وتعتبر جماعات دينية يهودية سلوان مقامة على مدينة أثرية يهودية هي مدينة داود، وتنشط هذه الجماعات في الاستيلاء على مباني في البلدة وتهويدها. ولا يتضمن مشروع القرار إلغاء قرارات الهدم الصادرة بحق البيوت الأخرى، وانما تغيير مكانتها على نحو لا يمنحها تراخيص بناء، وفي الوقت ذاته لا يهدمها.

 

وتحظر إسرائيل البناء العربي في غالبية مناطق مدينة القدس الشرقية، ما يجبر المواطنين على إقامة منازل جديدة لهم من دون ترخيص. وشنت بلدية القدس منذ أواخر العام الماضي حملة هدم واسعة في المدينة شملت مئات البيوت. وأثارت عمليات الهدم هذه ردود فعل دولية واسعة. وأعلن المبعوث الأوروبي لعملية السلام مارك اوت نهاية الأسبوع الماضي أن على إسرائيل وقف هدم بيوت الفلسطينيين في القدس، وأن عليها إيجاد بديل لهم داخل المدينة. ويرى مراقبون ان مشروع قرار رئيس البلدية جاء للالتفاف على الضغط الدولي، والبحث عن غطاء لهدم بيوت بلدة سلوان وإعادة بعث مدينة داود مكانها.