خبر الجهاد الإسلامي .. قلةٌ في المال وكثرةٌ في العطاء

الساعة 09:20 ص|03 يوليو 2009

الجهاد الإسلامي.. قلة في المال وكثرة في العطاء

صالح المصري*

لان المال، وسيلة تغيير الفكر والعقول وإعادة برمجتها، لم تتمكن منهم ... بالتالي هم لا يزالوا في المكان والزمان الصحيحين.

وإذا كانت الجهاد الإسلامي قد أحست بالفعل بهذا الأنين وشعرت بقلة الأيدي الممدودة لها ولفقرائها وأيتامها، فهذه برأيي شهادة حسن سلوك تستحقها الحركة بما يجعلنا نقف وننحني إجلالا لها في هذا الزمن الصعب الذي تتغير فيه معالم السياسة والفكر وكل شيء كما تتغير بقية الأشياء الهشة.

فالعمل الوطني ليس مشروعا موسميا بل هو عصارة جهد كبير يستند إلى موروث تاريخي عظيم، وبالتالي فان كل الحركات المقاومة عبر التاريخ ظلت تحتفظ بهذا الإرث وتعمل على توريث أبنائها عقيدة المقاومة والاستمرار فيها، لذا لم تكن المقاومة بوما فكرة موسمية تتحول أو تتبدل وفقا للظروف التي تحيط بها.

وعندما تئن غزة تحت وطأة الحصار الظالم ويكون الأنين قد بلغ حركات المقاومة فهذا يعكس أمرا واحدا وهو أن المقاومة هي من هذا الشعب وليست متعالية عنه، وبالتالي فهذه الحركة تعيدنا بالأذهان إلى حقبة فلسطينية مهمة عندما تربى المناضلون السابقون على الدفع من جيوبهم، وقد ساهم الرعيل الأول للحركة في نشر فكرها في المساجد والمدن الفلسطينية وهو يعيش حالة الزهد والتقشف والسير على الأقدام، حتى انتشرت "الجهاد" في الأسواق الشعبية والنخبوية معا.

وهذا بالطبع ما اكسبها موقعا محترما بين أبناء شعبنا الفلسطيني فإذا نظرنا إلى سجل هذه الحركة المقاوم فسوف نجد فيه مفارقات هامة أنها أكثر حركة فلسطينية قدمت منجزات على صعيد المقاومة بالنظر إلى حجمها وقلة الإمكانات التي كانت بين أيديها.

أعجبني ما سمعته أن العاملين في مؤسسات الحركة اقترحوا على مدارئهم بالتبرع بجزء من رواتبهم كي يقوموا بالصرف على المخيمات الصيفية التي تعمل على تربية الجيل القرآني ... وهذا يؤكد أن الجهاد وأبناؤه بخير رغم ضائقة الحصار ..

ومع ذلك استطاعت الجهاد الإسلامي رغم الظروف القاسية أن تشق طريقا مهما في الساحة الفلسطينية عنوانه الاستمرار في المقاومة والثبات على الحق، وربما هذه صورة من المشاهد التي تتضامن فيها غزة مع غزة نفسها في لحظة تتقطع بها السبل.

لذلك فعندما نسمع أعداءنا وأوليائهم وهم يؤججون قضية "الضائقة المالية للحركة"، نزداد فخرا أننا فقراء كي نلتصق بأبناء شعبنا ونكون إلى جانبهم والحصار الصهيو-أمريكي يكوي شعبنا منذ ثلاثة سنوات عجاف لم تترك ضرعا ولا قمحا وبات الوجع اليومي عنوان الحياة في غزة..

و ليس من تقاريرهم الإعلامية ما هو حقيقي إلا أن ينالوا من صبر هذه الفئة الصامدة على الحق لذلك فمن يعيش هذه الأيام القاسية هو يحمل رسالة عزة وكرامة ومن يأبى أن يعيش هذه الأيام ولا يشعر بالضيق الذي يعانيه الناس فمن السهل عليه أن يكون خارج هموم ومعاناة الناس البسطاء الذين هم مادة المقاومة الأولى والذين تصمد بهم الأمة وتنتصر وتتحرر.

إن حركات المقاومة عندما تعاني مثل هذا الوجع فهذا يعني أن المسؤولية التاريخية إنما تقع على الأمة بكاملها التي هي مسؤولة أمام الله ومسؤولة أمام التاريخ في ضرورة مد يد العون لأهل غزة ودعمهم ودعم المقاومة بكل ما أوتوا من قوة.

أخيرا اختم بوصية مجاهد يقف على ثغر في غزة حيث طالب في وصيته أن تسدد الأمة ديونه وان يعينوا أطفاله على سبل الحياة إن قضى شهيدا، ولا احمل أبدا إلا أن اترك وصيته بين أيدي هذه الأمة..

 

* إعلامي فلسطيني