خبر أمر طرد من القدس..معاريف

الساعة 09:07 ص|03 يوليو 2009

بقلم: نداف هعتسني

يمكن أن تعد المعركة على الموقف في القدس فصلا آخر في كتاب حروب سبت الحريديين. بيد أن المشهد الحالي أخذ يبدو مثل كتاب جديد يختلف عما سبقه. في واقع الأمر، المعركة الحريدية التي أخذت تصاغ في القدس تتخذ طابع اعلان حرب على جميع سكان المدينة ممن نهج حياتهم غير حريدي. هذه الحرب تريد املاء أوامر ذوي البذلات السوداء في انحاء العاصمة، وهم يبينون الطريق الى خارج المدينة لمن لا يوافق على الطاعة.

نشب النزاع الحالي بسبب موقف يقع بجوار سور المدينة القديمة الى جانب باب الخليل. بخلاف معارك سابقة، كالمعركة على مفرق بار – ايلان او شارع راموت، لا يقع الموقف في عمق الاحياء الحريدية أو بجوارها. وأهميته كبيرة عند كل من لا يريد أن تصبح القدس فرعا جديدا عن بني براك.

إن افتتاح الموقف جزء لا ينفصل عن نسيج حياة العاصمة. وهو يثبت ان القدس ستظل فوارة كثيرة الألوان جميع أيام الاسبوع. وأن كل واحد يستطيع أن يجد فيها مكانه. بيد أن رؤساء المتحدثين الحريديين الذين يؤججون المعركة العنيفة الجديدة يبينون أنه لا يهمهم البتة صلة الموقف بنسيج حياتهم. تنبع معارضتهم للموقف من وجهة نظرهم من الخط الأحمر الذي رسموه في مواجهة فتح كل موقف آخر في السبت في أي مكان في القدس. وهذه المعركة أعمق كثيرا فهي موجهة لخنق كل تعبير عن عدم الحفاظ على الفروض الدينية في كل مكان في المدينة المقدسة.

أرى كأحد سكان القدس، وكيهودي صهيوني من سكان البلاد لا يحافظ على الفرائض الدينية، هذا الأمر اعلان حرب: لأنه يرسم ها هنا اتجاه جديد، يرمي الى أن يملي علي أن أكف عن أن أكون أنا نفسي، غايته كلها جعلنا أنا وكثيرا آخرين لا نستطيع الوصول في السبوت الى المدينة القديمة والى أحياء مركز المدينة التي تحدها. وألا نستطيع وقف سياراتنا وألا نسافر لذلك. أرى ويرى كثيرون أخرون، أن معنى الخضوع لهذا الخط هو ألا يستطيع سكان القدس العلمانيون وكثير ممن يضعون على رؤوسهم القبعات المنسوجة أن يجدوا مكانهم في المدينة. أي أن الحديث عن أمر طرد من القدس.

الطلب الحريدي وقح على نحو خاص، وهو يأتي من جمهور لا يسهم أكثره بنصيب في المجتمع الاسرائيلي، فهو لا يخدم في الجيش، ولا في الخدمة الوطنية، ولا يندمج جزء كبير منه أيضا في دوائر العمل، ولا يدفع ضرائب ويحصل على كميات كبيرة من الاعفاءات والمخصصات. عرفت الحركة الصهيونية منذ كانت رفع علم النهضة اليهودية في بلدنا بغير الحريديين أيضا. ففي 1920 مثلا مع سقوط تال حاي وعندما كانت الضائقة الأمنية صعبة الاحتمال، كان في البلد نحو من ستين ألف يهودي فقط، منهم نصف أبناء الاستيطان القديم – وهم حريديون تمايزوا ولم يسهموا بنصيب في العرق والدم الجماعيين. بيد أنه منذ ذلك الحين الى هذه المدة الأخيرة، ناضل المتهربون من الخدمة والمتمايزون للحفاظ على طابع حياتهم لكنهم لم يحاولوا الاملاء على الاخرين. يبدو الآن أنهم ينتقلون الى مرحلة أخرى، ربما بسبب نشوتهم بنسب ولادتهم العالية. الاستنتاج من كل ذلك بسيط: ينبغي اقامة متاريس فكرية ومادية لمواجهة التهديد الحريدي. لا يحق التنازل في القدس وفي أي مكان آخر، ويجب الكف في الآن نفسه عن توزيع افضالات على الحريديين تقوي وقاحتهم الحالية. يجب التقليل من مخصصات الاراضي العامة، والتقليص من المخصصات لمن لا يتحملون الأعباء، والشح بالمخصصات على المباني العامة ومضاءلة كل وسيلة تسهل على الحريديين التوسع وأن يملوا علينا جميعا كيف نحيا وأين.