اغتيال السيد نصر الله.. تخطيط أمريكي وتنفيذ "إسرائيلي"
بقلم الباحث في الشأن الإسرائيلي/ أحمد سلامة
لم يغب الدعم الأمريكي الاستخباري للعدو الإسرائيلي للحظة خلال معركة "طوفان الأقصى" وعلى جميع الجبهات، سواء في غزة، أو لبنان، أو غيرها، من خلال امتلاك العدو لترسانة كاملة من المنظومات الاستخبارية التي في غالبيتها من تصنيع أمريكي، بحيث سعى بشكل حثيث لمحاولة اجتثاث "حزب الله" والعمل على التخلص من قياداته في بداية المعركة؛ لإحداث نوع من الصدمة في صفوفه ودفعه للتراجع عن جبهة الإسناد التي بدأها منذ الثامن من أكتوبر 2023، ولا يُضر -هنا- الاعتراف بقوة الضربات الإسرائيلية التي تعرض لها حزب الله خلال الأسابيع الأخيرة، وبالأحرى منذ اغتيال قائده العسكري، فؤاد شكر، في نهاية يوليو الماضي؛ ولكن يبقى السؤال هل قامت إسرائيل بتنفيذ هذه الاغتيالات بدون تعاون استخباري أمريكي؟
من يُمعن النظر في هذا الأمر يجد أن المصالح (الإسرائيلية الأمريكية) في المنطقة واحدة، وما يقلق إسرائيل يقلق أمريكا والعكس تماماً، وقد شكل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله طوال 32 عاماً وهي فترة توليه "للحزب"، هاجساً كبيراً لكل من العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية وخاصة بعد الهجوم الذي نفذ حزب الله على السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983، وأوقع نحو 100 قتيل غالبيتهم جنود من قوات البحرية الأمريكية "المارينز" التي كانت تساعد في مهام تأمين السفارة؛ ما جعل أمريكا تضعه على قائمة أخطر المطلوبين في العالم.
طوال سنوات ماضية زودت الولايات المتحدة الأمريكية "إسرائيل" بالعديد من المنظومات الاستخبارية، وطائرات التجسس عالية التقنية، والتي عمل العدو الإسرائيلي على تطوير بعضها وتزويدها بالعديد من تقنيات المراقبة والتتبع التي تساعد في مراقبة الأفراد والأماكن المختلفة والتصوير بجودة عالية بالإضافة للأقمار الاصطناعية الأمريكية والإسرائيلية التي تزود بالخرائط الحديثة مع التغييرات التي تطرأ على سطح الأرض.
ونُشير إلى أنه قبل عملية الاغتيال التي نفذها العدو بأيام قليلة بحق الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، نشرت العديد من الأوساط الغربية وخاصة "فرنسا" ما سُمي بـ"مقترح لوقف إطلاق النار مع لبنان لمدة 21 يوماً"، وبتقديرنا أن هذا الأمر كان بمثابة مناورة من الولايات المتحدة الأمريكية لخداع حزب الله وإفساح المجال أمام "إسرائيل" لتوجيه ضربة كبيرة له وهي "اغتيال السيد نصر الله"، أو ما يمكن أن نُطلق عليه "منح حزب الله الشعور بالأمان"، وهذا يظهر التخطيط الأمريكي لعملية اغتيال السيد نصر الله؛ لإقفال الحساب القديم معه بتفجير مبنى السفارة الأمريكية في بيروت.
إن حجم الضربة التي تعرضت لها الضاحية الجنوبية لبيروت من خلال إسقاط 83 قنبلة من نوع "مارك 84"، وتزن الواحد نحو 2000 رطل، تُظهر عمق التعاون الاستخباري الأمريكي الإسرائيلي، من خلال منظومات المراقبة وطائرات الاستطلاع والاستخبارات الحديثة التي لا يوجد مثلها بالشرق الأوسط، كما أن السلاح الذي استخدمه العدو الإسرائيلي هو سلاح أمريكي ثقيل خارق للتحصينات أدى لتدمير منطقة سكنية مكون من 6 عمارات وجعلها كومة من الرمال وليس الركام، فحجم السلاح المستخدم من الممكن أن نشبهه بتأثير "قنبلة نووية مصغرة".
خلاصة: من خلال العرض السابق يتضح لنا أن اغتيال السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، هي عملية أمنية استخبارية أمريكية- إسرائيلية تم الإعداد لها منذ نحو عشرين عاماً؛ ألا أن الظروف في حينها لم تكن تسمح بذلك أما الآن فالوضع مختلف والفرصة سانحة أمام نتنياهو للقتل والضرب أينما يريد ومتى يشاء، فالولايات المتحدة تقف خلفه قلباً وقالباً.