قواعد العدو في الشمال في مهداف "حزب الله"

الساعة 12:32 م|28 سبتمبر 2024

فلسطين اليوم

قبل 51 عاماً، في «يوم الغفران» عام 1973، سَمع موشي كوهين، للمرة الأولى في حياته، دوي انفجار قوي، عقب شن الجيشين المصري والسوري الضربة المفاجئة على إسرائيل. كان لا يزال كوهين، وهو مستوطن من «بيت شعاريم» في منطقة «عيمق يزراعيل»، في الـ27 من عمره، حين هرع، بعد ساعات من الانفجار، إلى الامتثال لأمر التجنيد الذي تلقّاه عبر الراديو من خلال شيفرة، فالتحق بوحدته، منتظراً وصول الحافلة، فيما كانت الطائرات التي انطلقت من قاعدة «رامات دافيد» القريبة من بيته، تحلّق لضرب سيناء وهضبة الجولان، وهي الطائرات التي لا تزال أصواتها ترافقه حتى اليوم.

أُعيد الشريط بالنسبة إليه قبل أيام، حين استهدف «حزب الله» القاعدة العسكرية المذكورة. خرج كوهين، وهو مُزارع يملك حظيرة، لكي يحلب بقراته كما اعتاد كل فجر، ولحقت به زوجته، لكن سرعان ما انطلقت صافرة الإنذار عند الرابعة والنصف فجراً، فعادا مسرعيْن إلى الملجأ. وفجأة، دوّى انفجار هائل، وعُرف أن الضربة لحقت بالحظيرة. انتظر دقائق قليلة قبل أن يخرج ليُصدم بما رآه؛ حيث قُتلت 30 بقرة في المزرعة وانهارت مصلحته، فيما حلّ دمار هائل بالمنطقة المحيطة التي ثقبتها شظايا الصواريخ و«كأنها ورقة». وكما قال لموقع «واينت»، فإنه كان يعرف أن شيئاً كهذا سيحصل؛ «فقد ترعرعت بجانب رامات دافيد: المصريون استهدفوها، والعراقيون حاولوا ضربها، والسوريون أطلقوا صواريخ نحوها، فيما حرب لبنان الثانية انتهت مع انطلاق صواريخ في اتجاهها. من الواضح أننا في مكان استراتيجي». وذكّر بأنه «قبل نحو شهرين، نشر حزب الله شريطاً التقطته طائرته فوق القاعدة. لقد فهمت منذئذ أن الأمر مجرد مسألة وقت».

وطبقاً للموقع، فإن الهجوم الصاروخي على «رامات ديفيد»، الواقعة في منطقة مرج ابن عامر، كان أمراً حتمياً عند اندلاع الحرب؛ «فقد صوّرها حزب الله بدقّة من الجو، في سلسلة فيديوهات، بعدما تجوّلت طائرته من دون أي معيق في أجوائها، والتقطت صوراً لمساكن الجنود والضباط، ومسارات الطائرات، وحتّى مكتب قائد القاعدة نفسه...». ويتابع الموقع أن «الشمال بأكمله يتعرض للقصف هذه الأيام وخط النار بات يتجه جنوباً نحو الوسط. لكن رامات ديفيد ليست مجرد هدفٍ عادي، ومثلها محطة توليد الكهرباء في الخضيرة. ومن الصعب عدم المبالغة في الأهمية الاستراتيجية للقاعدة التي تعمل فيها ثلاثة أسراب من طائرات إف-16 الأكثر تقدماً، وهي تشكل هدفاً أوّلَ لحزب الله». وبناءً على ما تقدّم، فإن «كل من يخدم هناك يدرك الخطر الذي يتهدده، وكذلك جيران القاعدة (من المستوطنين) في الموشافيم والكيبوتسات المحيطة بها».

على المقلب الآخر، فإنه في ضوء التصعيد في الشمال، وتوسيع دوائر إطلاق الصواريخ، «تفاقمت الضائقة التي يعيشها الجليل منذ نحو سنة»، وفقاً لموقع «واللا». وعلى ما يبدو، فإنه «لا توجد منطقة في الشمال يمكنها أن توضح صورة الدمار الذي لحق بالمستوطنات، مثل مطولا، التي لم ينجُ من مبانيها إلى الآن سوى مدرسة هنديف، وفندق الأَرْز». وفي السياق، قال رئيس البلدية، ديفيد أزولاي، في مقابلة مع «راديو الشمال (104.5 إف أم)»، إن «نحو 50% من البيوت أصيبت ولحق بها الدمار»، مشيراً إلى أن «هذا هو واقع المستوطنات الحدودية».

من جهته، نقل موقع «واللا» عن أحد المستوطنين القدامى هناك أن «خلو مطولا من سكانها، وحجم الدمار الذي لحق بالبيوت والبنى التحتية، وضعاها في واحد من أصعب المواقف في تاريخها»؛ إذ «(إننا) في هذه الحرب اعتدنا على سقوط الصواريخ، ولكن في ليلة أول أمس، كان الأمر خطيراً على نحو خاص حيث سقطت صواريخ بركان ثقيلة، تسببت في تدمير مساحة كبيرة. من غير الواضح متى سيعود السكان. وفي جميع الأحوال، سيستغرق الأمر أكثر من عام حتّى تتعافى البلدة وتعود كما كانت قبل الحرب»، علماً أنه في الأسبوع الماضي «سقطت نحو ثمانية صواريخ من نوع «فلق 2» وتسببت بدمار واسع لـ30 بيتاً على الأقل». وبحسب أزولاي، فإن بلديته «تسعى حالياً لإصلاح جميع الأسقف التي تضررت قبيل فصل الشتاء متى أمكن ذلك».

إلى ذلك، أجرى مراقب الدولة، متنياهو أنغلمان، زيارة إلى مدينة حيفا، التقى خلالها رئيس بلدية الأخيرة، يونا ياهف، الذي عبّر عن غضبه من حقيقة أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزراءه المعنيين لم يتصلوا لكي يستوضحوا ما إن كانت المدينة تحتاج إلى مساعدة معيّنة في ظل التصعيد الأمني. ودفع ذلك المراقب إلى الردّ بأنه «من غير المعقول أن ثمة انفصالاً بين السلطة المركزية والمجالس المحلية، وخصوصاً حين يتصل الأمر بمدينة بحجم حيفا»، وأنه «يشعر بالقلق من حقيقة عدم إتمام خطط اقتصادية لسكان حيفا والشمال، وأن الحكومة عليها دعم السلطات المحلية وتقليص الفجوات القائمة في مسألة التحصين خصوصاً». وبحسب أقوال المراقب، فإنه «في الشمال عموماً، لا توجد خطط حكومية محدّدة، في المجالين الاقتصادي والتعليمي»، ولذلك، على وزيري المالية والداخلية «صياغة وتنفيذ خطط بشأن سكان الشمال المحبوسين في منازلهم ويعانون جراء استمرار الحرب». ولفت إلى أنه «لا يزال هناك جدل قائم بين وزيري الأمن والداخلية، يوآف غالانت، وموشيه أربيل، حول الجهة التي ستتولى مسؤولية الإخلاء»، معتبراً أنه «على وزارة المالية، بدورها، وضع خطط للتعامل مع الشركات التي تتأثّر لكونها مغلقة هذه الأيام، والتطرق إلى مسألة العمال الذين أُخرجوا إلى عُطل غير مدفوعة».

المصدر: الأخبار اللبنانية

كلمات دلالية