يبدو أن اغتيال كيان العدو الإسرائيلي، أمس، لقائد ركن العمليات في حزب الله الشهيد القائد إبراهيم عقيل "الحاج عبد القادر" ورفاقه من قادة "وحدة الرضوان" النُخبوية، كسر جميع الخطوط الحمراء في المواجهة مع "الحزب"، ولم يُبق أي قواعد اشتباك بين الطرفين، فالجريمة كبيرة باستشهاد القائد "عقيل" وثلاثة عشر آخرين من "وحدة الرضوان"، الذين زعم العدو "أنهم كانوا في طور التخطيط للسيطرة على منطقة الجليل في شمال فلسطين المحتلة".
بعد اشتداد المواجهات مؤخراً بين "إسرائيل" و"حزب الله"، وإدخال الأخير المزيد من المستوطنات في دائرة استهدافه عقب اغتيال العدو للقائد العسكري لحزب الله "فؤاد شكر" في الضاحية الجنوبية في يوليو الماضي، بات الضغط من جانب المستوطنين في المنطقة الشمالية يتصاعد تجاه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو؛ لمطالبته بتغيير الوضع، وإعادة السكان للمنطقة بعد تهجير "حزب الله" لنحو نصف مليون "إسرائيلي" من هناك.
تحدٍ لحزب الله
هذا الوضع الضاغط على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وخاصة على الجبهة الشمالية، جعل رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يوآف جالنت، يضعان هدف جديد للحرب وهو "إعادة السكان في شمال فلسطين المحتلة لمنازلهم"؛ ومن جانب حزب الله فقد أكد على لسان أمينه العام مؤخراً أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بوقف الحرب على غزة، وبهذا أصبح الأمر بمثابة تحدٍ من قبل "إسرائيل" "للحزب".
وبالتزامن مع عملية الاغتيال سارعت العديد من وسائل الإعلام العبرية، لنشر معلومات بأن "كيان العدو "الإسرائيلي" يتجه للتصعيد مع حزب الله و"أن المسار تصادمي مع الأخير لا محالة". وفق ما قالت.
وقالت القناة 12 العبرية: "إن "نصر الله" أمامه فرصة للنزول عن الشجرة، لكن لا يبدو أنه يرغب في ذلك، لذا نحن ننتقل إلى التصعيد، إننا في مسار تصادمي لا مفر منه تقريبا". بحسب قولها.
وأضافت القناة العبرية: "لقد استغلت "إسرائيل" الفرصة السانحة إلى أقصى حد، وذلك باغتيال إبراهيم عقيل، رئيس عمليات حزب الله". على حد زعمها.
وزعمت: "إن نصر الله لا يريد الحرب، وسياسته تقوم على "الردع" فقط على خلفية الحرب في غزة، لكن أسلوبه غير ناجح". وفق ما قالت.
إعادة السكان ونقل الثقل للشمال
وكان قد هدد قادة كيان الاحتلال السياسيين والعسكريين، مؤخراً، بما أسموه "تغيير الوضع" على "الجبهة الشمالية" مع حزب الله، ووضعوا هدفاً جديداً للحرب وهو "إعادة سكان الشمال لمنازلهم"؛ الأمر الذي سيُشعل هذه الجبهة بقوة بكل تأكيد.
وكانت نقلت القناة 12 العبرية، في الـ9 من الشهر الحالي، عن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، زعمه: "إن الذراع الأقوى لإيران هو حزب الله في لبنان، كاشفاً أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لما أسماه "تغيير هذا الوضع" في المنطقة الشمالية". بحسب ما قال.
وأضاف نتنياهو: "لا يوجد احتمال لاستمرارنا في الوضع الحالي، ونحن ملزمون بإعادة جميع مستوطني الشمال إلى منازلهم بأمان".
وفي الإطار، قال وزير الحرب، يوآف غالانت، خلال زيارته محور "نتساريم" الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، "نعمل على تحقيق أهدافنا ونقل ثقل المعركة إلى الشمال بسرعة".
ومن ناحيته، شدد رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال، هرتسي هاليفي، أن "الجيش الإسرائيلي يركّز على القتال بمواجهة حزب الله، ويستعدّ لاتخاذ خطوات هجومية داخل الأراضي اللبنانية".
واستدرك هاليفي بقوله: "هذه الخطوات هي لتخفيف التهديدات التي يتعرّض لها سكان المنطقة الشمالية، و"هضبة الجولان"، موضحاً أن ذلك يتزامن مع استعدادات للهجوم في مرحلة لاحقة. وفق قوله.
ومن جانبه، قال مسؤول في الجيش الإسرائيلي لـ"معاريف": "إنه وبمجرد أن نتلقى الضوء الأخضر من المستوى السياسي، سيحتاج الجيش لدقائق فقط لتنفيذ عملية في لبنان، موضحاً أن القيادة الشمالية" لجيش الاحتلال تنتظر الضوء الأخضر للتحرك".
وفي الإطار، أبلغ مصدر أمني "إسرائيلي" رفيع القناة 12 العبرية، "بأن الجيش الإسرائيلي يستكمل الاستعدادات النهائية للحرب مع حزب الله، بما في ذلك الاستعدادات المكثّفة لأي مناورة بريّة محتملة في الأراضي اللبنانية". واعتقد المصدر الأمني "أن الأوضاع بين إسرائيل وحزب الله تقترب من نقطة الانفجار".
درأ الخطر قبل وقوعه
لقد أثبتت مجزرتي الثلاثاء والأربعاء الماضيين اللتين استهدفتا نحو خمسة آلاف لبناني بين مقاومين ومدنيين بتفجير آلاف من أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله، أن العدو الإسرائيلي رفع سقف المواجهة بشكل كبير جداً ودخلَ مرحلة جديدةً؛ لما أسماه وزير حربه مؤخراً "بتدفيع حزب الله ثمن تهجير سكان الشمال وجبهة الإسناد لغزة"، وأمام هذا الواقع الجديد الذي فرضه العدو بات من المحتم على المقاومة أن تفرض مستوى جديد من المواجهة معه.
فالعدو الإسرائيلي وعلى لسان رئيس أركانه "هرتسي هاليفي"، صرح مساء الأربعاء، أي قبل يومين، من اغتيال القائد "عقيل" ورفاقه في مقر "المنطقة الشمالية" للجيش الإسرائيلي: "بأن جيش الاحتلال لم يُفعّل جميع قدراته ورأينا بعضها فقط". و"قاعدتنا أنه مع كل خطوة نكون جاهزين خطوتين قدماً".
والتقدير أنه بهذا الكلام الذي قاله "هاليفي" يتضح أن جيش الاحتلال بات يعتمد في خططه العسكرية العملياتية مبدأ "درأ الأخطار قبل وقوعها" مبتعداً عن خطة "المعارك بين الحروب" التي أدت لكارثة السابع من أكتوبر 2023، وأن ما يقوم بها الجيش من أنشطة عملياتية في لبنان سواء من خلال الاغتيالات للقادة أو استهداف أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله هو في إطار منع الحزب من "تكرار سيناريو 7 أكتوبر على الحدود الشمالية"، بعد الفشل الذريع في الخطط العسكرية السابقة التي كان يضعها رؤساء الأركان في جيش العدو.