بدا أن الخلاف بشأن وضع محور صلاح الدين الحدودي (فيلادلفيا) بين مصر وقطاع غزة، الذي احتلته "إسرائيل" بالمخالفة للمعاهدات بينها وبين مصر، قد ألقى بظلاله على العلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية والاحتلال، في وقت لم تتسلم فيه مصر رسمياً بعد خطاب ترشيح السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة أوري روثمان، بعدما انتهت فترة عمل السفيرة السابقة أميرة أورون.
ووفق معلومات لمسؤولين مصريين، فإن مدة عمل السفيرة السابقة انتهت منذ ثلاثة أسابيع، وأنه حتى اللحظة لم تتسلم مصر خطاب تكليف السفير الجديد، رغم اتخاذ الإجراءات الرسمية من المتبعة في هذا الإطار من جانب "إسرائيل".
ملف محور صلاح الدين
وكان تقرير إسرائيلي، قد أفاد الأحد الماضي، بأن مصر "تؤخر بشكل متعمد وصول السفير الإسرائيلي إلى القاهرة"، وذلك في ظل التوترات بين الجانبين بسبب ملف محور صلاح الدين وغزة.
وذكرت قناة "i24NEWS" العبرية، إنه "لا يوجد سفير إسرائيلي في مصر منذ أسبوعين، بسبب مماطلة متعمدة من القاهرة"، وذلك بعدما أنهت أورون مهامها وعادت إلى "إسرائيل".
وأضاف التقرير أن السفير المعين بدلاً منها، أوري روثمان "لم يحصل بعد على موافقة مصر، وهو موجود في (إسرائيل)".
وقال مسؤول وصفته القناة بالمطلع على التفاصيل: "يماطل المصريون بصورة متعمدة لمعاقبتنا، حتى أنهم لا يدفعون نحو استلام خطاب توصيته للمنصب".
وشهدت العلاقة بين مصر و"إسرائيل" توترات على خلفية التطورات في غزة، مع رغبة الاحتلال في البقاء في محور صلاح الدين بين مصر وقطاع غزة، وتحدثت عن وصول الأسلحة لحركة حماس عبر الأنفاق من مصر، وهو ما رفضته القاهرة.
في السياق، قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، إن "رفض اعتماد السفراء من الدولة، حق سيادي للدولة المُضيفة، ولا يعوزها تبرير وتوضيح أسباب ذلك الرفض". من جهة أخرى، احتدم التوتر بين مصر و"إسرائيل" أخيراً على وقع الخلاف حول تمسك "تل أبيب" بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين على الحدود مع قطاع غزة، وباشر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، التحرك من أجل توسيع الاعتماد على أطراف إقليمية أخرى في التعامل مع ملف الحرب في القطاع.
نشر قوات عربية في صلاح الدين
وأفادت معلومات وردت عن مسولين مصريين، بأن القاهرة "تسلمت أخيراً اقتراحاً مقدماً بشأن نشر قوات عربية في محور صلاح الدين في إطار دور وسيط تقوم به أبو ظبي حول الترتيبات المتعلق باليوم التالي في قطاع غزة، في حال توقفت الحرب".
ووفقاً للمعلومات، فإن أبو ظبي "أجرت أخيراً اتصالات مع عدد من الدول العربية، بينها المغرب وموريتانيا وجيبوتي، لاستطلاع موقفها بشأن إمكانية المشاركة في قوة عربية تنتشر في ممر نتساريم الذي أقامه جيش الاحتلال في غزة للفصل بين شمال القطاع وجنوبه، وذلك ضمن عدة طروحات تعمل "إسرائيل" على صياغتها بما هي بدائل، في حال اضطرت للرضوخ إلى الانسحاب من غزة بشكل كامل في أعقاب التصعيد الإسرائيلي، بعدما تشدد نتنياهو بالبقاء في ممر نتساريم".
في هذا الإطار، بدا الموقف المصري أكثر انحيازاً لنشر مراقبين غربيين أو عرب للإشراف على عمل قوات الأمن الفلسطينية في تلك المنطقة.
واستشعرت القاهرة القلق مما وصفته دوائر مصرية بمحاولات لعزل وفصل مصر بشكل كامل عن قطاع غزة ونزع بعض الأدوار الإقليمية عنها وسحب الملفات المتعلقة بالأمن القومي المصري.
وعدّت أن المقترح الخاص بنشر القوات جاء مكملاً لتصور إسرائيلي متمسك ببناء جدار عازل فولاذي تحت الأرض، وآخر شاهق فوق الأرض بتمويل أميركي، مدعوم بتقنيات تكنولوجية متقدمة، من بينها مستشعرات تحت الأرض وكاميرات وأنظمة مراقبة، مرتبطة في تشغيلها بالأقمار الاصطناعية، في تهديد لقدرة مصر على التحكم الكامل في إدارة الحدود.
ورأت القاهرة أنها قدمت تنازلات في وقت سابق خلال محادثات شارك بها مسؤولون أميركيون، عندما وافقت على مضض على تركيب مستشعرات بالجدار الفاصل حالياً على الحدود بين مصر وغزة، أتاحت لـ "إسرائيل" تلقّي إشعارات في حال وجود خروقات في المنطقة الحدودية أو محاولات لحفر أنفاق للتهريب. على حد قولها.
المصدر: "العربي الجديد".