خبر آن آوان التجميد .. هآرتس

الساعة 11:50 ص|01 يوليو 2009

بقلم: يهودا بن مئير

اصرار حكومة اسرائيل على توسيع البناء للسكن في المستوطنات ليس بلا داع فقط ونابعا من اعتبارات سياسية داخلية حزبية، وانما ايضا هو ضار لمصالح اسرائيل الامنية والقومية.  في البيت الابيض رئيس قوي ذو عزيمة وتصميم، وقد عقد العزم على دفع الحل للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، ووضع هذا الهدف في مكانة عالية جدا في سلم اولوياته. صحيح ان الكثيرين من اسلافه حاولوا على السير على هذا الطريق، بل وبذلوا فيه جهودا عظيمة ولكنهم فشلوا. وفي واقع الامر الولايات المتحدة ضالعة منذ اربعين عاما في محاولات حل الصراع الاسرائيلي – العربي بلا جدوى.

ولكن حقيقة ان كل الجهود التي بذلت حتى الان قد ذهبت سدى، لا تعني أن الامر سيتكرر في هذه المرة ايضا. حاخامات في اليمين المتطرف يعتقدون بانهم ان لعنوا براك اوباما وشبهوه بفرعون وأنشدوا مزامير "وهي التي ساعدت آباءنا"، فان الكابوس سيمر. من حق مواطني الدولة أن يتوقعوا من حكومة اسرائيل نهجا أكثر جدية وأكثر مسؤولية.

اوباما ليس عدوا لاسرائيل، الا انه يفتقد هو والكثيرين في ادارته التماهي النفسي العميق مع اسرائيل الذي ميز الكثيرين من اسلافه ومن بينهم رونالد ريغان وبيل كلينتون وجورج بوش. ان تواصل التحرك السياسي الامريكي وتبلور بصورة أوضح، فستواجه اسرائيل محكات صعبة في قضايا حيوية بالنسبة لمستقبلها وأمنها، مثل حق العودة، والقدس والاعتراف باسرائيل كوطن تاريخي للشعب اليهودي، ونزع سلاح الدولة الفلسطينية وتحديد خط الحدود.

اصرار الحكومة بلا معنى على استمرار البناء من اجل السكن في كل المستوطنات يؤدي الى قضم واضعاف قدرة صمود اسرائيل في القضايا الهامة فعلا، ويثير ضدنا حتى خيرة اصدقائنا. الذريعة البالية التي تدعي وجوب السماح لسكان المستوطنات "بالحياة الطبيعية". في مئات التجمعات السكانية في ارجاء البلاد – في كيبوتسات، قرى تعاونية وبلدات – ليس هناك بناء من أجل السكن والسكان يعيشون حياة طبيعية تماما.

في أيلول 1978، في كامب ديفيد، وافق مناحيم بيغن على التجميد التام لكل البناء في المستوطنات لفترة ثلاثة أشهر، حتى يتيح الفرصة للتفاوض حول اقامة الحكم الذاتي في مناطق يهودا والسامرة. ولاء بيغن لارض اسرائيل ومشاعره الوطنية اليهودية وقدرته على الصمود لا تقل عن مشاعر بنيامين نتنياهو. موافقته على تجميد البناء في يهودا والسامرة جاءت في الفترة التي كان فيها هناك ألفي يهودي بالكاد – اما اليوم فهناك أكثر من ربع مليون يهودي في يهودا والسامرة 200 الف منهم في التجمعات الاستيطانية.

من يلحق باسرائيل أي ضرر ان صرحت الحكومة باستعدادها بالتجميد المؤقت لكل بناء من اجل السكن في المستوطنات طوال فترة نصف عام، حتى أواخر 2009، التجميد الذي لا ينطبق على القدس. خطوة كهذه ستنقل واجب البرهنة للطرف الاخر. في هذه الفترة ستوضع استعدادية الفلسطينيين للتقدم بجدية نحو التسوية على المحك، وكذلك استعدادية  الدول العربية للاتخاذ خطوات تطبيعية حقيقية مع اسرائيل.

اسرائيل تعرف كيف تواجه كل العالم ان تطلب الامر ذلك، وان كانت هناك مصلحة حيوية على شاكلة القدس التي تتمتع باجماع وطني وتحظى بدعم الشعب اليهودي باكمله. توسيع المستوطنات بعيد جدا عن ان يكون مسألة اجماعية كهذه. ليس بأمكان الحكومة ان تصمد لفترة طويلة في مواجهات العالم كله من دون دعم يهود الولايات المتحدة وفي الوقت الذي ينقسم فيه الشعب في داخل اسرائيل ايضا. حكومة اسرائيل مطالبة بابداء المسؤولية الوطنية – وسيكون من الافضل ان بكرت بساعة واحدة.