"كتيبة جنين فكرة لن تموت حتى لو جاء الجيش الإسرائيلي واغتالنا واحد واحد، ستخرج خلايا نائمة وستنهض وتقاتل باسم "كتيبة جنين"، نحن هدفنا مرضاة الله ولن نسلم سلاحنا".. لا زال صدى كلمات قائد سرايا القدس- كتيبة جنين، الشهيد محمد السعدي "أبو الأيمن"، يتردد صداها وتُلهم المقاتلين بمختلف توجهاتهم على أرض الميدان بالمعارك الضارية الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، بمخيم جنين والتي أطلقت عليها "السرايا" اسم رعب المخيمات.
لقد أراد الاحتلال خلال اجتياحه لشمال الضفة المحتلة (جنين- طولكرم- طوباس) العمل على وأد حالة المقاومة المتصاعدة في الضفة وخاصة في شمالها، وبالأحرى بعد عملية تل أبيب المشتركة بين سرايا القدس، وكتائب القسام، والتي أدخلت المنظومة الأمنية الإسرائيلية في ارتباك وحيرة من أمرها، فيما يمكن أن تفعله لوقف مثل هذه العمليات الفدائية، حتى قررت اجتياح هذه المنطقة.
معارك مُحتدمة
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية المحتلة، لليوم السادس على التوالي، وسط حصار شامل، وعمليات هدم وتجريف للمنازل والبنية التحتية؛ بهدف ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة في جنين.
وعلى صعيد المعارك الشرسة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، تواصل الأخيرة بكافة تشكيلاتها العسكرية في مدينة ومخيم جنين، تصديها لقوات الاحتلال وسط احتدام المعارك، فيما يُسطر المقاومون أروع الملاحم مع جنود الاحتلال موقعين القتلى والجرحى في صفوفه، ما يُذكرنا بالاجتياح الأول لجنين عام 2003.
وبدوره، أكد الهلال الأحمر الفلسطيني تسلمه من قوات الاحتلال الإسرائيلي شهيدا أسيرا مجهول الهوية على "حاجز سالم" غربي مدينة جنين.
وكان استشهد، عصر أمس، شابان باستهداف طائرات الاحتلال دراجة نارية قرب قرية كفردان أثناء توزيعهما الخبز، فيما أصيب عدد آخر.
وتبنت سرايا القدس-كتيبة جنين، "إيقاع قوّة مشاة في كمين في محور ساحة المخيم وإمطارها بزخات كثيفة من الرصاص المباشر، وإيقاع إصابات مؤكدة في صفوفها، واستهداف قوات الإسناد والتعزيزات العسكرية بالعبوات الناسفة والرصاص المباشر".
وقالت كتيبة جنين في بيانات منفصلة: "إنها فجرت عبوة ناسفة معدّة مسبقاً بقوات الاحتلال المقتحمة في محور مسجد طوالبة".
وفي أعقاب ذلك، أظهرت مقاطع فيديو عدداً من جنود الاحتلال وهم ينقلون جندياً مصاباً من داخل حارة الدمج بمخيم جنين.
من جانبها، قالت "كتائب شهداء الأقصى – جنين": إن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية مع القوات المتوغّلة في المخيم، بالأسلحة الرشاشة والعبوات المتفجّرة".
ووفق مصادر خاصة وشهود عيان بمخيم جنين: "فقد رصدت كاميرات المواطنين وقوع انفجارات واشتباكات مسلحة داخل المخيم، وسط تحليق مكثّف للمروحيات العسكرية الإسرائيلية".
وضع إنساني صعب
وعلى الجانب الإنساني، لا زالت قوات الاحتلال تواصل قطع إمداد الكهرباء والماء والانترنت عن مدينة جنين ومخيمها وسط تجريف الطرقات الرئيسية، كما تمنع دخول الأغذية والخبز للمدينة.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر، فجر اليوم الإثنين، في تصريح مقتضب أن طواقم الهلال تمكنت من إدخال بعض المساعدات إلى مخيم جنين مع استمرار حصاره من قبل الاحتلال.
وأفادت بلدية جنين بأن آليات الاحتلال جرفت 20 كيلومترا من شبكات المياه والصرف الصحي، وكوابل الاتصالات والكهرباء خلال اقتحام المدينة.
وكررت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، محاولتها إجبار عدد كبير من العائلات على النزوح قسراً من منازلهم بمخيم جنين والحيّ الشرقي.
وفي ذات السياق، شدّد الاحتلال من حصاره على مستشفى "جنين الحكومي"، فيما تم منع الطواقم الطبية من الوصول إليه وسط وضع صحي صعب داخل المستشفى.
الخليل تُشغل العدو
وفي الوقت الذي تنفذ به قوات الاحتلال عملية عسكرية ضخمة بشمال الضفة الغربية، يأتي رد المقاومة الفلسطينية من جنوب الضفة "الخليل" بعملية "غوش عتصيون" و"وكرمي تسور" المزدوجتين؛ ليُخفف الضغط ولو قليلاً على المقاومة في جنين وتُشكل حالة إشغال للعدو الإسرائيلي.
ولم تمض ساعات قليلة حتى جاءت عملية حاجز "ترقوميا" التي قتل بها 3 جنود إسرائيليين، لتوجه ضربة كبيرة لأجهزة استخبارات العدو التي لم تكن تتوقع هذه العملية المفاجئة والنوعية أيضا في مدينة الخليل.
وبحسب تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، "فإن انفجار الأوضاع في جنوب الضفة سيكون مدوّياً وله تداعيات خطيرة". وفق قولها.
وأرجعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية السبب، إلى توفر السلاح في يد الشبان الفلسطينيين، بالإضافة للانتشار الكثيف للمستوطنين وجنود الاحتلال؛ ما يتيح نوعاً من الاحتكاك المباشر وسهولة الهدف لدى المقاومين الفلسطينيين في جنوب الضفة.
وفي أعقاب العمليات الثلاث في مدينة الخليل، فَرضت قوات الاحتلال حصاراً خانقاً على المدينة، مع انتقال هذه العمليات الفدائية من شمال الضفة لجنوبها.
وبحسب بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد المعتقلين منذ بدء العملية العسكرية التي أعلن عنها الاحتلال شمال الضّفة الغربية ارتفع لنحو 110 أسرى.
جدير ذكره أنه أسفر العدوان منذ فجر الأربعاء الماضي، على الضفة الغربية حتى اللحظة، عن استشهاد 29 مواطنا، بينهم 17 في محافظة جنين، و5 في طولكرم، و4 في طوباس، و3 في الخليل، ما يرفع حصيلة الشهداء في الضفة منذ السابع من تشرين الأول/ اكتوبر 2023 إلى 681.