خبر لنلفظ الفاسدين ..هآرتس

الساعة 06:37 م|30 يونيو 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

هل ترون ابراهام هيرشزون الذي حوكم عليه بالسجن لخمس سنوات ونصف، عائدا ذات مرة لشغل منصب وزير في الحكومة؟ ان استطاع اجتياز "قانون العار" فالجواب هو نعم. على الاقل نظريا. ان كان الجهاز السياسي مستعدا لغض بصره والارتقاء من دون تردد بنشطاء سياسيين تلطخت وجوههم بوصمة الفساد او الشبهات بالفساد، فالجواب هو نعم.

في الايام القريبة ستنتهي سنوات العار السبع لآري درعي، بعد ان قضى ثلاث سنوات في السجن بتهمة الرشوة والغش وخيانة الامانة. الان هو يتعلم الانجليزية بصورة مكثفة والاشاعات تقول بانه يستعد لخلافة افيغدور ليبرمان كوزير للخارجية، ان قدمت ضده لائحة اتهام واضطر للاستقالة من الحكومة في هذه الحالة. لقد كان المستشار القضائي للحكومة صادقا عندما قال لنا انه لا يتوجب من الاصل تعيين وزير توجد ضده تحقيقات شرطية قد تنتهي بتقديم لائحة اتهام.

مهما بلغ لطف وكياسة آري درعي على نفوس الناس، فان مجرد فكرة عودته للحكومة مع الشحنة الجنائية والطريقة التي هز فيها الجهاز السياسي والقضائي للحكومة تثير الحفيظة في النفوس. ان حدث هذا الامر فعلا وعنده ليس هناك شيء غير مقبول ليس بامكانه ان يحدث، فانه سيزيل الانطباع المذهل الذي تركه القضاة الذين حكموا على هيرشزون بما حكموه وكذلك شلومو بنيزري اللذان يقضيان عقوبات مشددة، كانعطافة في الحرب ضد الفساد.

اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها "قانون العار" الذي شرع من اجل تغطية قلة خجل السياسيين. الافتراض بان السياسي الذي اخذ رشوة وادين قانونيا يستحق مع اطلاق سراحه العودة لمنصب رسمي او عام بدعم من حزبه تصرخ وعن حق لتصل الى عنان السماء.

قانون العار موجه بالاساس لتحديد مسافة بين قضاء العقوبة وبين رغبة الفاسد بالعودة لمسيرته المهنية الجماهيرية. من جهة نحن نرى ان قانون العار لا يمنع درعي من محاولة العودة للحكم، ومن الناحية الاخرى شاهدنا الظاهرة الغريبة حيث ان حاييم رامون – الذي ادين بسبب حكاية القبلة (ذلك الحادث الذي تزامن قبل قرار الحكومة بالخروج الى حرب لبنان) – قد عين فور قضاء عقوبته في منصب نائب رئيس الوزراء وفي هذه المرة انتقل مباشرة من اعمال الخدمة العامة التي قضاها في مزرعة الجياد. هذا لانه لا يسري عليه قانون العار هذا. وسواء كان هذا القانون قانونا او غير قانون فهذا امر مثير للخزي والخجل. رئيس الوزراء الذي كان رامون نائبا له وهو ايهود اولمرت اضطر في الوقت الحالي وبنفسه للخروج من عالم السياسة والعودة الى حكاية المغلفات المالية. رامون الذي استقال من الكنيست ينتقل الى عالم التجارة والاعمال. ولكن الدولة التي لا يوجد فيها اي شعور بالخزي والعار لن تقوم بنعي مستقبله السياسي ابدا.

المشكلة الاساسية التي تهدد هذه الدولة هي انها لا تمتلك ثقافة سياسية وان الجهاز السياسي تحول مع الوقت الى جهاز بلا خجل او وجل. لقد اجتزنا دربا طويلة منذ ان كان النشطاء الحزبيون ضالعين في اعمال فساد بذريعة انهم يفعلون ما يفعلونه "من اجل الحزب" كما يزعمون. لم يخطر ببال آشر يدلين وميخائيل تسور – كلاهما من نشطاء حزب العمل – بأن يعودا للحياة العامة بعد ان قضيا عقوبتهما مقابل اعمال الفساد تلك. ليس لانه لم يكن هناك قانون عار في ذلك الحين وانما لان حزبهما قد لفظهما. اثنان اخران، الوزير ابراهام عوفر ومدير عام بنك هبوعليم يعقوب ليفنسون انتحرا عندما بدأ التحقيق الشرطي ضدهما. الخجل هو الذي هزمهما واسقطهما. اليوم انتم ترون وزراء وقادة هامين يدخلون الى قسم التحقيقات الشرطية ويخرجون منه مع ابتسامة غبية ترتسم على وجوههم – يريدون ان يقولوا للناس وكأن كل ما يحدث مهزلة.

في الدول الطبيعية السليمة اعتادوا القول بان الجاني قد دفع دينه للمجتمع في السجن وان الماضي يجب ان لا يقف في طريق المستقبل. ولكن ليس هناك اي تطابق بين المعيار الجماهيري والمعيار القانوني. المعايير في دول مثل امريكا وبريطانيا متشددة جدا فيما يتعلق بنقاء المعايير لدى السياسيين. كل تعيين هام في الولايات المتحدة يجتاز سبعة اختبارات جهنمية من التحقيقات في الكونغرس. هم يقومون بتعرية المرشحين وتجريدهم من كل ما يغطيهم. وهناك من يرفضون لانهم قاموا بتوظيف خادمة اجنبية من دون ترخيص او لانهم استخدموا المخدرات او تجاوزوا قوانين الضريبة او حتى كانت لديهم عشيقة.

"دفع دينه للمجتمع" لا ينطبق على السياسة. هذه العبارة تذكر بالشخص الذي نفى الاشاعات بانه مجنون وكدليل على ذلك اشهر تقرير تسريحه من مستشفى المجانين. هناك حكمان قضائيان متشددان ونشاطات قوية من جهاز تطبيق القانون تقربنا من مبدأ اعتبار استقامة الشخصية العامة فوق اية شكوك. هذا يكفي ولا للمزيد من الفساد.