يعتقد رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه يتمتع بهامش كبير من المناورة والمراوغة بمحادثات وقف إطلاق النار التي انطلقت مؤخراً في العاصمة القطرية الدوحة؛ وهو ما بات يسأم منه حتى أعضاء الوفد الإسرائيلي المفاوض بالدوحة، واعترافهم بشكل صريح بأن من يعطل مسارها هو نتنياهو، ويسعى الأخير من خلال الضغط العسكري المكثف على العديد من المناطق في قطاع غزة بأنه يستطيع أن يفرض المزيد من أوراق القوة على مسار مفاوضات "وقف النار"، في إطار ما يسميه تحقيق أهداف الحرب المُعلنة والمتمثلة في "الانتصار المُطلق على حماس"، و"تحرير الأسرى الإسرائيليين" وهو من الصعوبة تحققه كما يرى العديد من الخبراء.
زيادة حدة القتال والضغط
خلال اليومين الماضيين صدرت أوامر من "الكابينت" لقيادة جيش الاحتلال بزيادة حدة القتال والضغط العسكري على المقاومة في قطاع غزة؛ من أجل تحسين موقف "إسرائيل" خلال المفاوضات الدائرة في الدوحة برعاية (قطرية مصرية وأمريكية).
وبحسب المصادر العبرية، فقد تمسك نتنياهو ببعض الشروط خلال المفاوضات ومنها: بقاء الجيش "الإسرائيلي" في محور "نتساريم" جنوب مدينة غزة والذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، واستمرار تواجد قوات جيش الاحتلال على "محور فيلادلفيا" ومعبر رفح البري؛ لإبقاء السيطرة الأمنية على قطاع غزة كما يعتقد.
وخلال اليومين الماضيين أصدر جيش الاحتلال المزيد من بلاغات الإخلاء للمواطنين، في شرق خانيونس، وشرق دير البلح، ومخيم المغازي وسط القطاع، في ظل أزمة إنسانية خانقة يعاني منها المواطنين في قطاع غزة.
وبحسب مصادر ميدانية، فقد تقدمت آليات الاحتلال، أمس الأحد، إلى غرب منطقة أبراج حمد السكنية شمال مدينة خانيونس وسط إطلاق نار وقذائف بشكل كثيف وقصف جوي عنيف، دون مراعاة للنازحين المتواجدين بالمنطقة.
مقاومة تتصدى بشراسة
وعلى الجانب الآخر، تواصل المقاومة الفلسطينية تصديها لجيش الاحتلال بكل قوة وشراسة منقطعين النظير، من خلال تنفيذ الكمائن النوعية كما حصل في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة، وغيرها من العمليات البطولية الأخرى.
وعرض الاعلام العسكري لدى كتائب الشهيد عزالدين القسام، أمس، مشاهد من الإغارة على قوات العدو المتواجدة في محور “نتساريم” جنوب حي تل الهوى جنوب مدينة غزة، حيث أظهرت المشاهد تمكُن مقاتلي القسّام، من الدخول بعتادهم والعبوات الناسفة التي استخدمت في الكمين، إلى منطقة مكشوفة تعتبر ممرًا لآليات الاحتلال في المنطقة جنوب تل الهوا في مدينة غزة.
وخلال الإغارة، تحصّن المقاتلون في أحد المنازل بعد رصد طريق الآليات، وقاموا بتجهيز العبوات الناسفة الخاصة للكمين، ونصبها في طريق الآليات، وانتظار وصول الهدف المراد تدميره.
واستهدف المقاتلون مركبتين من طراز هامر، وقاموا بتفجير عبوتين ناسفتين، وأصابوا الجنود بداخلها في مقتل، وخرجوا للإجهاز على المصابين، عبر إطلاق النار بشكل مباشر على من تبقى منهم على قيد الحياة.
وكانت أعلنت كتائب القسام أنها استهدفت قوة صهيونية راجلة مكونة من 10 جنود بقذيفة مضادة للأفراد في محيط الكلية الجامعية بحي تل الهوى جنوب مدينة غزة.
وفي الإطار، تمكن مجاهدو القسام من تفجير عبوة برميلية وأخرى صدمية في قوات العدو المترجلة من الآليات غرب منطقة “الحاووز” غرب مدينة حمد شمال مدينة خانيونس وإيقاعهم بين قتيل وجريح.
كما قصفت سرايا القدس، أمس الأحد، بوابل من قذائف الهاون تجمعاً لآليات وجنود العدو الصهيوني المتوغلين في محيط حارة الجية بمنطقة المطاحن شمال مدينة خانيونس.
وقت حرج ومتوتر
تأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إلى المنطقة؛ بهدف إحراز تقدم في مباحثات وقف إطلاق النار التي تمر بما أسماه أحد مرافقي بلينكين بـ"الوقت الحرج".
فبلينكين الذي يعلم بأن المنطقة على شفا حرب إقليمية في أعقاب الاغتيالات التي قامت بها "إسرائيل" بحق قادة المقاومة، سيحاول خلال الغرف المغلقة الضغط على نتنياهو بالقبول بالمقترح الذي عرضه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي يلبي أصلاً شروط نتنياهو التي يطالب من خلالها باستمرار السيطرة الأمنية على غزة وعدم الانسحاب الكامل منها.
ومن ناحيتها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت: "إن النظام السياسي في إسرائيل في حالة توتر على خلفية مفاوضات صفقة التبادل".
وأضافت الصحيفة العبرية: "تقديرات في الحكومة والمعارضة أن نجاح المفاوضات أو فشلها سيؤدي لتحولات كبيرة بالنظام السياسي، موضحةً أن التحولات تشمل حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات".
حماس: نتنياهو يعطل الصفقة
من جانبها قالت حركة حماس: "إن رئيس حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع شروطاً جديدة في مقترح وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، خلال مباحثات الدوحة الأخيرة، ما يحول دون إنجاز الصفقة.
وأكدت الحركة في بيان لها، أن المقترح الجديد يستجيب لشروط نتنياهو ويتماهى معها، وخاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وإصراره على مواصلة احتلال محور "نتساريم" ومعبر رفح ومحور "فيلادلفيا".
جدير ذكره أنه انطلقت الخميس الماضي جولة المفاوضات التي ترمي للتوصل لاتفاق "وقف إطلاق النار" في غزة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في العاصمة القطرية الدوحة برعاية "أمريكية مصرية قطرية".