خبر ماذا يريدون منا .. يديعوت

الساعة 08:40 ص|29 يونيو 2009

بقلم: اسحاق بن اسرائيل

افترض انني لست الاسرائيلي الوحيد الذي يتساءل ماذا يريد الايرانيون منا في حقيقة الامر. ليس لدينا حدود مشتركة مع ايران، ولم يسبق لنا ان كان بيننا نزاع حقيقي. وحتى النزاع الذي لدينا مع "اخوانهم الفلسطينيين" لا يمكنه ان يفسر العداء الهائل للنظام الايراني تجاه اسرائيل. فهم على الاطلاق ليسوا "اخوة"، لان الايرانيين ليسوا عربا. صحيح انهم مسلمون ولكنهم ليسوا من التيار "الصحيح"؛ فالايرانيون هم شيعة بينما العرب حولنا، في معظمهم ان لم يكونوا كلهم (باستثناء سكان جنوب لبنان) هم سنة. وعليه فلماذا يصرح الايرانيون صبح مساء عن رغبتهم في ابادة دولتنا؟ ماذا يريدون من حياتنا؟

هذا السؤال بالضبط عرضته قبل نحو اربع سنوات على من كان في حينه رئيس الحزب الاصلاحي في البرلماني الايراني، د. رضا خاتمي. حين التقينا، في مكان في اوروبا، كان شقيقه رئيس ايران. بعد بضعة أيام من الحديث معه، واستنادا الى كل ما قرأته وعرفته منذئذ، توصلت الى الاستنتاج بأن ما يغذي الكراهية لاسرائيل في أوساط رجالات السلطة في ايران (محافظين واصلاحيين على حد سواء) لا ينبع من سياسة اسرائيل او افعالها، بل من التهديد الذي تفرضه الثقافة الغربية على نمط الحياة الذي يرغبون فيه.

النظام الايراني الحالي يحاول اغلاق المجتمع في وجه تسلم الافكار من الخارج والتي يراها تهدد النظام القائم. الحياة الصحيحة، برأي سلطات طهران، هي تلك التي رسمتها تقاليد الشرعية العتيقة، التي تستند الى الكتب المقدسة. الرغبة في الحفاظ على النظام القائم تفترض حرب ابادة للعناصر التي تتطلع الى تغييره، وعلى رأسها "الثقافة الغربية" التي تقترح نظاما مغايرا وتمجد الاختيار الحر.

هذه ثقافة صممت في ثورات وهي تفضل تغيير النظام والشك على التقاليد والدين: بدايتها في الثورة الدينية (الثورة الاصلاحية في القرن السادس عشر)، واستمرارها في الثورة العلمية (غاليليو، نيوتن ورفاقهما في القرن السابع العشر) وفي الثورة الصناعية (في القرن الثامن عشر)، وذروتها في الثورة السياسية (الفرنسية) التي رفعت علم المساواة وحقوق المواطن.

"الشباب مشوشون"، قال الاسبوع الماضي الزعيم الاعلى، خمينئي، ردا على الاضطرابات في شوارع طهران، "وهم يحتاجون الى مزيد من الروحانية"، ذات "الشباب" (اكثر من نصف الناس الذين يعيشون اليوم في ايران ولدوا بعد ثورة الخميني) يريدون ان يعيشوا مثل اخوانهم في الغرب. هم ايضا يريدون ان يتمتعوا بالاكتشافات العلمية والتكنولوجية وبالحرية في العيش دون رقابة السلطة والاعراب عن آرائهم في كل موضوع، دون رقابة السلطة المتحكمة القديمة.

الثقافة الغربية هي بذاتها العدو الاكبر للنظام في ايران، ولهذا السبب فانهم يكرهون زعيمة الغرب – الولايات المتحدة – وما يعتبرونها وكيلها في الشرق الاوسط، اسرائيل. وليس عبثا يسمون الاولى "الشيطان الاكبر" ويسموننا نحن "الشيطان الاصغر". الولايات المتحدة ليست مكروهة في ايران بسبب سلوك اسرائيل. بالعكس، اسرائيل تتلقى الكراهية الايرانية لانها تمثل الثقافة الامريكية.

في ايران يدور اليوم صراع كفيل بأن يؤدي الى ثورة. ليس هذا صراعا بين مرشحين للرئاسة، بين ذاك الذي "انتخب" (احمدي نجاد) وذاك الذي يشكك بشرعية الانتخاب (موسوي). في هذا الشأن كان محقا جدا الحاكم الحقيقي، خمينئي، الذي قال إن كل المرشحين الاربعة صادق عليهم وكلهم يمثلون الوانا مختلفة من ذات الفكرة. الصراع الحقيقي هو بين الجماعة الحاكمة وبين الشباب الذين ولدوا بعد ثورة الخميني. الجماعة الاولى تتطلع الى اغلاق ايران، الحفاظ على التقاليد ومنع تسلل افكار جديدة وضارة من الخارج، والثانية تريد أن تعيش في مجتمع منفتح وحر، يشبه ذاك القائم في الغرب.