في الثالث من شهر تموز / يوليو عام 2023 شنّ جيش الاحتلال عدوانًا على مخيم جنين، أعاد الذاكرة الفلسطينية الى المعركة عام 2002 إبّان انتفاضة الأقصى. اقتحم أكثر من 1000 جندي إسرائيلي من الوحدات المختلفة والخاصة، لا سميا "الكوماندوس"، اليمام، جولاني من أجل جملة من الأهداف: الوصول الى المقاومة في المخيم، وخاصة من كتيبة جنين سواء بالاغتيال أو الاعتقال، اجتثاث المقاومة في الضفة التي مثّلت جنين فيها النموذج والملهمة، وخلق شرخ بين المقاومة والبيئة الشعبية الحاضنة.
منذ اللحظات الأولى بدأت مؤشرات فشل الأهداف، لم ينجح الاحتلال في الضربة الأولى التي أراد من خلال إحداث صدمة وإرباك في صفوف المقاومين، وهي استهداف مقر زعم الاحتلال أنه مركز لتجمّع المجاهدين من مختلف الفصائل.
لتبدأ بعدها معركة "بأس جنين" التي أثبتت خلال الكتيبة التابعة لسرايا القدس، والى جانبها كلّ الفصائل، تطورًا مهمًا في قدراتها وأدائها العسكري، يُبنى عليه لتوسّع المقاومة في الضفة كما توسّع تهديدها لكيان الاحتلال.
وقعت آليات الاحتلال المصفّحة في كمائن المقاومة المعدّة عبر العبوات الناسفة، ومنها عبوة "طارق 1" التي أدخلت لأوّل مرّة الى الخدمة العسكرية في هذه المعركة. وخاضت كتيبة جنين والمقاومين الاشتباكات المباشرة مع جنود الاحتلال. الى جانب تنفيذ عملية خلف الخطوط عند "محور الدمج" في المخيم. كما نجحت كتيبة جنين من إسقاط 6 طائرات مسيرّة للاحتلال.
للافت أيضًا، أنّ الاحتلال ادعى وجود أنفاق تحت الأرض تمدد عدّة أمتار، وورشات لتصنيع العبوات الناسفة، وخاصة تحت مسجد "الأنصار"، ما يؤكّد أنّ المقاومة في الضفة الغربية بدأت تأخذ منعطفًا آخر يحاكي تجربة قطاع غزّة.
فيما كانت المنازل التي قصفت عبر الجو من المسيرات، والمستشفيات، والأطقم الطبية والصحفية، والبنية التحتية للمخيم ضمن بنك أهداف جيش الاحتلال، الذي لم يستطع الوصول الى المقاومين، واعتقل المدنيين.
سجّلت المقاومة في جنين وفي مقدمتها الكتيبة خلال حوالي الـ 48 ساعة، انتصارًا تاريخيًا بالأسلحة الفردية والعبوات المحليّة على جيش الاحتلال وآلة الحرب الإسرائيلية، وقد وثّقت الكمائن والاشتباكات في مقاطع مصوّرة تشير أيضًا الى تطور الإعلام الحربي والحرب النفسية لصالح المقاومة، مقدّمة خلال هذه المعركة 12 شهيدًا. كما حافظ المخيم على التلاحم الشعبي، وشكّلت الجماهير الملتفة حول المقاومة درعًا للمقاومين.
اعترف مسؤولو ومحللو الاحتلال بفشل هذا العدوان من تحقيق أهدافه، ومن أنه لن يوقف مسار تصاعد المقاومة والدافع لدى الجيل الجديد من خيار المقاومة المسلّحة لتحرير كلّ فلسطين وعودة اللاجئين.
موقع الخنادق