أزمة متصاعدة لدى الاحتلال عقب قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم

الساعة 03:58 م|25 يونيو 2024

فلسطين اليوم

يشهد كيان الاحتلال "الإسرائيلي بوادر أزمة آخذة في التصاعد بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، فرض التجنيد الإلزامي على اليهود المتزمتين دينياً (الحريديم) في معاهد تعليم التوراة، رغم محاولات الحكومة الحالية إعفاءهم من ذلك، ما أثار ردود فعل غاضبة في أوساطهم، انعكست من خلال وزراء ومسؤولين حريديم، اعتبروا أن القرار يقسم إسرائيل إلى "دولتين"، فيما اعتبره آخرون مؤسفاً ويشكل تهديداً لتعلّم "التوراة المقدّسة التي ستنتصر"، على حد تعبير مسؤول آخر.

وقبلت المحكمة العليا "الإسرائيلية"، اليوم الثلاثاء، بالإجماع وبقرار من تسعة قضاة الالتماسات المقدمة من عدة جهات إسرائيلية من أجل فرض التجنيد الإلزامي على الحريديم ووقف الدعم المالي المقدم للمعاهد الدينية اليهودية التي لا يؤدي طلابها الخدمة العسكرية والذين لم يحصلوا على إعفاء من الخدمة.

ووجه قضاة المحكمة التسعة انتقادات لسلوك الحكومة بشأن عدم تجنيد الحريديم، وكتبوا في قرارهم: "في خضم حرب صعبة، أصبح عبء عدم المساواة (أي إعفاء الحريديم مقابل تجنيد باقي شرائح المجتمع الإسرائيلي)، أكثر حدة من أي وقت مضى ويتطلب حلاً".

وأشار القضاة إلى أنه "في الوقت الحالي، لا يوجد إطار قانوني يسمح بالتمييز بين طلاب المدارس الدينية وأولئك الذين يتعين عليهم الالتحاق بالخدمة العسكرية. وبناءً على ذلك، لا تملك الحكومة السلطة لتوعز بتجنيب شامل لتجنيدهم، ويجب عليها التصرف وفقاً لأحكام قانون خدمة الأمن". وتقرر أيضاً أنه في غياب إطار قانوني، لا يمكن الاستمرار في تحويل أموال الدعم إلى المدارس الدينية والطلاب الذين لم يحصلوا على إعفاء أو الذين لم يتم تأجيل خدمتهم العسكرية.

وانتهى في أواخر يونيو/ حزيران 2023 سريان قانون منح الحريديم لسنوات طويلة إمكانية إرجاء الخدمة العسكرية وصولاً إلى إعفائهم منها بالكامل، وهو القانون الذي اعتبرته المحكمة العليا في قرار لها قبل سبع سنوات غير قانوني، نظراً للضرر الجسيم الذي يلحقه بالحق في المساواة في ما يتعلق بواجب الخدمة في الجيش، بمعنى أنه من غير العدل فرض الخدمة العسكرية على جزء من الإسرائيليين وإعفاء شرائح أخرى، في هذه الحالة "الحريديم".

وتلكأت الحكومة في سن قانون جديد بشأن التجنيد، وكانت تطلب في كل مرة من المحكمة مهلة إضافية حتى يتمكن الكنيست من تشريع قانون بديل. وحاولت الحكومة الحالية تمرير قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية، لكنه واجه معارضة كبيرة في الشارع الإسرائيلي وكذلك من قبل أحزاب المعارضة الإسرائيلية، وحتى من أوساط داخل الحكومة نفسها، وهو ما خلق حالة من التوتر بين أحزاب الحريديم ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ظل ضغطهم عليه لتمرير القانون. كما خالفت الحكومة القانون بإيعازها إلى الجيش بعدم إنفاذ قانون التجنيد على طلاب المعاهد الدينية.

وقبل نحو أسبوعين، صوّت الكنيست الإسرائيلي بأغلبية لصالح مقترح قانون تم طرحه سابقاً وقدّمه من جديد نتنياهو، يرمي إلى منع تجنيد الحريديم في الجيش، رغم المعارضة الواسعة للمقترح. وحصل القانون على تأييد 63 عضواً من أصل 120، وعارضه من داخل الحكومة وزير الأمن يوآف غالانت.

والتصويت على القانون لا يعتبر نهائياً، ولكنه مرحلة قبل عرضه على لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست لمناقشته، تمهيداً للمصادقة عليه في القراءتين الثانية والثالثة. وأصرّ نتنياهو، منذ الشهر الماضي، على طرح القانون، على الرغم من رأي المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا بوجود موانع قانونية للمضي فيه. واعتبرت بهراف ميارا أن المقترح ليس مناسباً للواقع الحالي، ولا يلبي طلبات واحتياجات المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب الحالية على غزة.

ولم يكتمل مشروع القانون الأصلي، بعدما طرحه الوزير المستقيل من حكومة الطوارئ بني غانتس عام 2022، في فترة حكومة نفتالي بينت – يئير لبيد السابقة، على أساس مؤقت، وبات غانتس نفسه وأعضاء حتى من داخل الائتلاف الحاكم يعارضونه بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تاريخ عملية "طوفان الأقصى". واستغل نتنياهو إجراءً في الكنيست يسمح بتقديم مشروع قانون جرت المصادقة عليه في القراءة الأولى وتوقف استكمال تشريعه بسبب حل الكنيست، وهو ما حدث في عهد الحكومة السابقة. وكان غانتس قد طرح مشروع القانون في حينه باعتباره إجراء مؤقتاً لتوفير حلول جزئية وتدريجية لتجنيد الحريديم وفرض عقوبات عليهم في حال عدم التزامهم، إلى حين تشريع خطة التجنيد الموسّعة التي كان يسعى إليها.

ردود غاضبة في أوساط الحريديم

وفي اعقاب قرار المحكمة اليوم الثلاثاء، توالت ردود الفعل الغاضبة من أوساط الحريديم. كان من بينها ما قاله وزير القدس والتقاليد الإسرائيلي مئير باروش إن قرار المحكمة العليا يقود بالضرورة إلى دولتين هنا، الأولى هي الدولة التي تدار الآن، والدولة الثانية هي التي يستمر فيها طلاب المدارس الدينية بتعلّم التوارة مثلما اعتادوا في الدولة التي أعلن عنها (دافيد) بن غوريون. لا توجد قوة في العالم يمكنها أن تفرض على شخص تاقت نفسه لتعلم التوراة الامتناع عن ذلك".

من جانبه، قال رئيس حزب "يهدوت هتوراة" الوزير يتسحاق غولدكنوبف إن "القرار مؤسف والتوراة المقدّسة ستنتصر". وأضاف من خلال حسابه على منصة إكس: "دولة إسرائيل أقيمت لتكون بيتاً للشعب اليهودي، والذي تُعتبر التوراة صخرة قيامه. التوارة المقدّسة ستنتصر".

كلمات دلالية