خبر تدهور جديد في الكنيست- هآرتس

الساعة 09:21 ص|25 يونيو 2009

بقلم: رؤوفين ريفلين

 (المضمون: الكنيست يتنكر لدوره والمعارضة تتصرف بصورة خاطئة عندما تقاطعه - المصدر).

مقاطعة المعارضة لمداولات الكنيست في الاسابيع الاخيرة ستسجل بالتأكيد كأحدى نقاط التدهور والحضيض لتاريخ الحياة البرلمانية الاسرائيلية. من خلال خطوة متطرفة فظة فرض منتخبو الشعب المقاطعة على بيت هذا الشعب، وبذلك خانوا ناخبيهم الذين ارسلوهم قبل اشهر قلائل فقط لتمثيله بصورة وفية واخلاص من مقاعد المعارضة.

اسرائيل لم تشهد امرا كهذا. ابدا ولا حتى في ايام الاستقطاب والبراكين والمناكفات الاشد مرارة. لم تنهض الاقلية وتشهر سلاح المقاطعة – هذا السلاح الذي لا يليق اشهاره حتى في يوم الحساب حيث تقوم القيامة.

حقا هناك حاجة دائما للحرص على شعور الاقلية ايضا بان البيت المشترك هو بيتها وليس قلعة لكارهيها واعدائها، كما قال زئيف جابوتنسكي في السابق. صحيح ان من المحظور السماح للاغلبية بان تدوس على حقوق الاقلية وان الكنيست ليس بصامة بيد الحكومة وانه لا يتوجب عليها ان تصمت عندما تطرح الحكومة قوانين مشوهة مختلة من الناحية الجماهيرية ولا تتساوق مع الاخلاقيات السياسية.

        ولكن حتى لو تحول البيت الوطني الى "معقل للكارهين والاعداء"، لا يتوجب اسكات نبضات قلب الديمقراطية باي شكل من الاشكال، هذه الديمقراطية التي يعتبر الحوار الجاري بين الاقلية والاغلبية في قاعات برلمانها نسمة روحها.

عندما يشهر مبعوثو الاقلية سلاحهم المحظور وكأننا في مركز حزب أو في ميدان المدينة، فهم يوصلون كرامة الكنيست ومكانته الاعتبارية الى درك اسفل جديد. في الوقت الذي تنصرف فيه الاغلبية عن مراكز النقاش والحوار ويزداد الشعور الشعبي السائد اصلا بان الكنيست غير ذي صلة بالمجريات، ولا يؤدي الاهداف الجوهرية التي أريدت له كساحة للجدل والحوار، وعندما يرى الشعب في اسرائيل كيف يقوم برلمانه الفارغ باجراء نقاش حول ميزانية للعامين ويحسم القضايا الاجتماعية – الاقتصادية المصيرية في أيام الازمة الاقتصادية العالمية، من دون جدل حقيقي، ومن دون الوصول الى جذر المشكلة، فان قواعد اللعبة تكون قد منيت بضربة قاسية وقاضية لا سمح الله.

ان توقف الكنيست بسبب سلوكه عن لعب دور ساحة النقاش والجدل فكيف سيتمكن في يوم الحساب من توجيه عيونه للجمهور طالبا منه ثقته في عمله؟ وان كانت السلطة التشريعية ذاتها تخون غاياتها فكيف يمكن الاصرار على استقلاليتها بمواجهة السلطة القضائية والمطالبة بمكانتها الاعتبارية المهانة ان تجاوزت السلطة القضائية حدودها؟ والاشد بلاء من ذلك انه ان رفع سيف المقاطعة من اجل امور صغيرة فكيف سيتصرف هذا الكنيست عندما تطرح امامه حواسم وجودية حقيقية اصعب من اية امور اخرى؟

في ذروة الحضيض حيث تجلب الحكومة قوانين مرفوضة شعبيا واخلاقيا مثلما يسمى بقانون موفاز الذي يقول انه يكفي 7 اعضاء كنيست من اجل الانشقاق عن الكتلة، والاقلية تغادر باستخفاف مقاعدها تاركة الكنيست مهانة ذليلة – لا يمكن لرئيس الكنيست أن يقف متفرجا.

عندما تحين لحظة الحقيقة لا يمكن لرئيس الكنيست ان يدعي نقاء اليدين واللعب في مصلحة الاغلبية بذريعة انه كسياسي وكشخص من الاغلبية ملزم بالدفاع عن سيادة الاغلبية كائنة من كانت. لا والف لا. على رئيس الكنيست ان يقف في المنتصف وان يمد الجسور ومن واجبه العاجل ان يبعث الجدل في الكنيست مهما كان حادا وقويا. عليه ان يعمل من اجل استعادة ثقة الشعب بالكنيست حفاظا على مناعة الديمقراطية في اسرائيل حتى ان صب الامر في مصلحة من كسب بعض الامور السياسية او الشخصية من ذلك بسبب عدم صفاء نيته.

الديمقراطية الحقيقية لا تنتهي باحصاء الاصوات وانما تقاس من اللحظة التي تحسم فيها الانتخابات.