تقرير جحيم غزة...المقاومة تضرب عنق العدو!

الساعة 03:33 ص|27 ديسمبر 2023

فلسطين اليوم

"أهلا وسهلا بكم في رحاب الجحيم".. نطق بها المتحدث باسم سرايا القدس أبو حمزة.. وظهرت ملامحها مع بداية الاجتياح البري لقطاع غزة، لتبدأ هنا، مرحلة جديدة من القتال، ومعها الحرب النفسية..

في الأيام الأولى للغزو البرّي، ساد الغموض والإحباط لقليل من الوقت، قبل أن تنطلق حرب العصابات بين أنقاض البيوت والخراب، مع بثّ متواتر لمشاهد العمليات الفلسطينية الفدائية، وتدمير يومي لناقلات الجند والجرّافات والدبّابات، بقذيفة التاندوم والياسين المحليّة الصنع، وأحياناً بوضع عبوة "العمل الفدائي" و"ثاقب" على جسم الدبابة نفسها، وقتل الجنود من مسافة صفر، وأخرى بكمائن مركّبة كما حدث في الشجاعية، واستمرار قصف الصواريخ إلى الداخل الإسرائيلي وصولاً إلى تل أبيب وما بعدها، ولا ننسى صوت صفارات الإنذار في القدس المحتلة برشقة صاروخية أرسلتها سرايا القدس.

المفاجأة غير المتوقّعة أنّ تدمير عشرات آلاف الوحدات السكنية، ومن بينها أبراج ومجمّعات، وهدم جامعات ومستشفيات ومساجد، وتفجير مبنى المجلس التشريعي، وصولاً إلى جرف مقابر، في غضون أسابيع قليلة، وإبادة عائلات بأكملها، وبلوغ أعداد الشهداء والجرحى أرقاماً قياسية، وتهجير كلّ أهالي القطاع إلى مناطق صغيرة تفتقر إلى كلّ عناصر الحياة، في جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر، لم تكسر عزيمة القتال، بل استوعبت المقاومة الصدمة الشديدة التي تزيح الجبال عن مواضعها، وراح أداؤها العسكري والإعلامي يتصاعد تدريجياً بدل أن يتراجع وينحسر، وهو ما شكّل صدمة معاكسة للمجتمع الإسرائيلي، ليس لها نظير في التاريخ على مدى قرن كامل.

وقد يكون من المشاهد الأكثر إيلاماً من الناحية النفسية وضربت صدر العدو في مقتل، ذاك المقاتل الفلسطيني وفي قدميه "شبشب"، بلباس رياضي، وهو يطلق القذيفة على ميركافا بين الركام، أو أولئك المقاتلون الحفاة وهم يصعدون تلة ترابية، استعداداً للانقضاض على مواقع العدوّ. وناهيك عن تصوير الأسرى وهم يناشدون حكومتهم وقف إطلاق النار.

في المقابل، يوثق جيش الاحتلال عملياته "النوعية".، ويقتحم بغطاء ناري مكثف شقة "فارغة".. أو يطلق نيران رشاشاته الحديثة على "جدار مدرسة".. ويشتبك مع "حفرة" رملية.. ويصيبها "بدقة".. و"يجهز" عليها بقنبلة يدوية..فضلا عن اعتقال فلسطينيين من مدرسة إيواء أو ملعب وتصدير المشهد على أنهم من رجالات المقاومة..

بطولات هزلية وهمية جلّ ما يريد منها نتنياهو صورة نصر في غزة ولو كانت مزيّفة.لكنّ المقاومة ترفض بعنادها وأدائها المتقن منح عدوّها هذه الفرصة.

وأخيراً، وبما لا يقبل الشك حقّقت المقاومة التفوّق الإعلامي، من خلال بثّ تسجيلات متلاحقة للإعلام العسكري توثّق العمليات الهجومية في غزة ، بشكل سريع وشبه فوري بما يعظّم من حجم التأثير لدى المتلقّي الإسرائيلي، في زمن مكثّف، وهو من قبيل الصدم والترويع، كما أثار التعاطف القويّ لدى المتلقّي المؤيّد لفلسطين أصلاً، وفي الجمهور الأوسع، لا سيما لدى الفئات الشبابية في المجتمعات الغربية. فصورة البطل تُلهم الشباب في كلّ الأحوال، قبل أن تتعزّز الصورة لاحقاً بالأساس السياسي والأيديولوجي الذي يؤكّد عدالة هذه القضية وقداسة موضعها.

بقلم: محمد تميم