خبر لنحسد الايرانيين -هآرتس

الساعة 08:36 ص|18 يونيو 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: يتوجب على الاسرائيليين ان يغاروا من الايرانيين الذين يخرجون للشوارع لتغيير واقعهم بينما يصمت الناس هنا على الاحتلال والظلم صمت القبور- المصدر).

من الممكن ان يسيل اللعاب من الغيرة: الصور التي تصل من ايران تبرهن على ان هناك شعوبا تحاول اخذ مصيرها بيديها. هناك شعوبا لا تطفو فوق سطح الماء بلا مبالاة مرضية ولا تنظر من حولها بدون اكتراث ولا تسير وراء قادتها عمياء كالخراف. هناك لحظات في حياة شعوب معينة تقول: كفى. كفى فقد طفح الكيل.

الا ان ذلك لا يحدث في اسرائيل.

التشيكو والاوكرانيون والفرنسيون والروس والجنوب افريقيون والفلسطينيون والتايلنديون والصينيون واللبنانيون والان الايرانيون ايضا خرجوا للشوارع بلحظة تحويلية واحدة في تاريخهم محاولين التأثير من تلك الزاوية. بعضهم نجح والبعض الاخر فشل، الا انهم جربوا وحاولوا على الاقل. لم يخضعوا لقادتهم الفاشلين الذين جروهم من فشل الى اخر. نحن لا نتحدث هنا فقط عن الانتفاضي ضد الانظمة الاستبدادية بل ان الامر يتعلق احيانا بصراع حول ترسيخ العدالة في الانظمة الديمقراطية. هذا الكفاح لا يقاد من خلال الاستطلاعات والانتخابات وانما يحتاج بالضرورة للخروج للشوارع. وهذا ينطبق علينا أيضا.

الصور الواردة من ايران الظلامية تنشر النور من حولها. عشرات الاف النساء والرجال يحتجون ويتظاهرون حاملين اللافتات بأيديهم والصراخ يخرج من حناجرهم. يقفون مكشوفي الوجوه من دون خوف او وجل. كل واحد منهم يخاطر في احتجاجه هذا. وربما اقل مما يميليون بوصفه هنا – المحللون الفهلويون عندنا لا يرون الا ايران الظلامية فقط – ولكن هذا اكثر بكثير بالتأكيد مما يوجد في اسرائيل الحرة.

ولكن بينما تقوم نساء ايران بالمخاطرة ويصرخن "أعيدوا لنا اصواتنا" نساء اسرائيل يلتزمن الصمت بين المجمع التجاري وموقف السيارات. وبينما يصرخ الرجال في طهران "اين اصواتنا؟" يتساءلون عندنا كيف ستكون رحلة النقاهة القادمة والتي تشمل كل شيء في الفنادق. هنا يتنزهون بالجيبات وهناك يخرجون للشوارع. هنا يجلسون امام التلفاز الغبي وهناك يواجهون قوى الشر. هنا يسود الظلام وهناك نور الاحتجاج الشعبي.

عندنا يخرجون للشوارع فقط في المهرجانات ولا يخرجون ابدا من اجل فضيحة. احتفالات مرور مائة عام على اقامة تل ابيب او عيد الكتاب او مهرجان العاصمة او مهرجان البندورة الا انهم لا يخرجون للاحتجاج. فاما في ايران فيقاتلون من اجل الحرية بينما يقاتلون عندنا من اجل النقاهة.

صحيح ان هناك حرية في اسرائيل ولكنها حرية لنا وحدنا اليهود. باسمنا يسود هنا نظام استبدادي لا يقل عن انظمة آيات الله – نظام الضباط والمستوطنين في المناطق ولكن ما علاقتنا به. في ايران يقوم رجال الشرطة بتفريق المظاهرات بقوة ويقتلون ويطلقون النار. فماذا يفعلون عندنا؟ فلتعرجوا في اول فرصة من ايام الجمعة عى نعلين او بلعين لتروا بأم عينيكم: هنا يقتلون المتظاهرين بدرجة لا تقل عن ايران قسوة ووحشية ولكن الامر في ايران هو ان الجماهير تواجه نظاما استبداديا اما هنا فهي ثلة جريئة تواجه جنود حرس الحدود الذين يطلقون النار . كما ان احدا عندنا لا يكتب حول الاحتجاجات التي يتم اسكاتها بالرصاص في نعلين. هذه الاحتجاجات لا تعني احدا، ويسمون ذلك ديمقراطية.

الديمقراطية لا تقاس فقط باجراء الانتخابات. الديمقراطية تقاس بالحياة اليومية والاهداف القومية لا تتحقق فقط من خلال السياسيين الجشعين للسلطة والسطوة، كما ان على الشارع ان يقول كلمته. 64 في المئة من الاسرائيليين ردوا في الاستطلاع الاخير الذي نشر هنا انهم يؤيدون حل الدولتين. حسنا ولكن عندما تسير اسرائيل وتبتعد عن هذا الحل، ويتقدم رئيس وزرائها ببضعة خطوات صغيرة فارضا المزيد من الشروط المستحيلة الهادفة فقط الى تأجيل الحل – لا يفكر احد بالقيام بخطوة ما. هل سمعتم مؤخرا محادثة سياسية واحدة؟ بالتأكيد لا.

من الممكن فقط تقدير ما الذي كان سيحدث لو خرجت تلك الاغلبية الصامتة المشلولة غداة خطاب نتنياهو بالخروج للشوارع مطالبة انهاء الاحتلال او قول نعم للمبادرة العربية. اية رياح دافعة كانت ستهب هنا، رياح التطلع الحقيقي للتغيير والتي كان براك اوباما ونتنياهو ومحمود عباس وبشار الاسد سيحلقون من فوقها متقدمين معا للامام.

ولكن عندما يصمت الشارع يبقى القادة وحدهم الذين يكرسون اهتماماتهم للبقاء.

اسرائيل موجودة الان بدرجة لا تقل عن ايران على مفترق طرق مصيري. فرصة لا تتكرر سانحة امامها وهي تتعلق بمصير كل مواطنيها بدرجة لا تقل عن مصيرية نتائج الانتخابات في ايران، بالنسبة للايرانيين تفويت الفرصة هنا سيكون قويا بدرجة لا تقل عن اربع سنوات اخرى من حكم محمود احمدي نجاد. ولتروا ما يحدث في ايران ذات الحكم الاستبدادي ولتروا ما الذي يحدث عندنا نحن الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط تررم بررم بررم.