ساعة البهاء استراتيجية تحدٍ في بث مباشر

الساعة 03:08 م|06 أكتوبر 2023

فلسطين اليوم

بقلم الأسير: رائد أبو ظاهر

يقال إن الحرب تبدأ في عقول البشر قبل بدئها على الأرض، وكذلك هو الحال في إعداد الشعب للنصر والصمود حتى يتمكن من اختراق كل الجدران الحديدية التي أقامها المحتل في عقول شعبنا وشعبه.

فالحرب الحديثة؛ هي حرب دعائية، وصراع رمزي في الميدان رغم قساوته، في ظل توظيف للإعلام، الذي يبدع في صناعة الأزمات وتطويرها؛ عبر التركيز على التهديد والخطر وعلى الثمن المدفوع، فالمبادر دائماً يحصل على 50% من النتيجة، لكن في ظل واقعنا الفلسطيني؛ فالأمر مضاعف لأنه لا يعقل أن تتوجه شاشات التلفزة العالمية الى مدينه تل ابيب ومحيطها عند الساعة التاسعة مساء، كي تنقل للعالم ما تتعرض له الآن؛ تنفيذا لوعد وتهديد أصدرته قيادة سرايا القدس متحدية الاحتلال، وكل منظومات منظوماته العسكرية والأمنية لمنع ذلك إن استطاعوا.

إن تحديد ساعة معينة هي أداة للتلاعب بالوعي عبر تقطيع المعلومة والحصول عليها تباعاً، وسط أجواء من الحرب الميدانية والنفسية في ظل إثارة خارجة عن المألوف، نسقت ونفذت بشكل احترافي رغم بساطه الأداة.

فالصورة في الساعة التاسعة قتلت جبروت وسطوة وأسطورة مرعبة عمرها ما يزيد عن 70 عاماً، فعدادات الساعة التاسعة بدأت عدها التنازلي “بقي ربع ساعة للساعه 9:00 مساءً”، بقي 10 دقائق بقيت خمس دقائق، ثم يقول المذيع: الآن نكتفي بتوجيه الكاميرا والصورة إلى تل أبيب تحت عنوان تل أبيب الآن، وبعد دقائق يصبح العنوان “للأسف لقد قصفت تل أبيب”.

عاموس يدلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية أمان السابق؛ قال تعقيبا على ما يجري: إن تحديد ساعة للهجوم علينا دون أن نستطيع إيقافه، هي لحظة حزينة مليئة بالعجز والذل، ومراسل القناة العبرية الثالثة عشر يقول: أتمنى لو يتوقف بث الأقمار الصناعية لثواني؛ كي تمر هذه اللحظات دون أن تسجلها أي كاميرا أو يشاهدها أحد.

منذ ما يزيد من نصف قرن؛ اعتاد السياسيون والعسكر في دوله الاحتلال أن يخاطبوا شعبهم ما بين الساعة الثامنة والتاسعة مساءً، لأن أغلبية الشعب الصهيوني يكونوا جالسين أمام شاشات التلفزة لمتابعة نشرات الأخبار المركزية، ومنذ ذلك الوقت؛ احتج جزء أساسي من المكون الثقافي للدولة، وهنا بدلاً من أن يتحدث رئيس الوزراء الصهيوني ورئيس أركانه فقد تلقوا لكمة على الوجه في بث مباشر، وأنه من اختار تلك الساعة يمتاز بالذكاء والمعرفة الجيدة لثقافة المجتمع الصهيوني، الذي تعرض لعملية تلاعب وسيطرة على وعيه، ولم يعتاد على رؤية الفلسطيني إلا وهو قتيل أو أسير، فالآن هو سيد الميدان؛ وصانع الأحداث لنا وله.

فالساعة التاسعة بتوقيت البهاء أسقطت الكثير من النظريات والأساطير الأمنية، والتي نجملها:

أولاً: سقطت سطوة سلاح الجو الذي وقف عاجزاً وهو ينظر من السماء إلى الصواريخ وهي تنطلق من كل مكان دون أن يتمكن من إيقافها.

ثانياً: سقطت هيبة الأجهزة الأمنية التي فشلت في تحديد منصات الصواريخ المنطلقة ولم تعرف عنها إلا وهي في الجو.

ثالثاً: القبة الحديدية؛ تبين حجم الهالة الإعلامية المرافقة لدقتها وقدرتها على إسقاط الصواريخ.

رابعاً: الردع سقط تحت أقدام المجاهدين الذين أطلقوا تلك الصواريخ وحددوا ساعتها.

خامساً: بدلاً من أن يكون للعدو بنك أهداف لقصفه في غزة، أصبح للمقاومة بنك أهداف علني لقصفه بجرأة وخلق توازن رادع رغم تواضع الإمكانات والقدرات وتشل تل أبيب ويفرض عليها حظراً للتجول لم يجرؤ جيوش جرارة على فعله.

إن ساعة البهاء .. هي ساعة تحدي وأمر جديد لم يعهد العدو ولا جبهته الداخلية؛ والتي لم تشعر بأي حرب خاضتها دولة الاحتلال إلا باستقبالها للقتلى والجرحى، حتى حرب 73 لم تصل إلى العمق، لكن الآن وفي ظل المقاوم الجديد يسقط كل شيء؛ فلم يعد هناك حدود آمنة، إلا التي حددها ذلك المقاوم وساعته الجديدة، والتي عنوانها: خبر عاجل .. نفذت المهمة.

كلمات دلالية