الجهاد الإسلامي في ذكرى انطلاقته 36... المناورة أصدق من المحاورة

الساعة 01:45 م|04 أكتوبر 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

بقلم: خالد صادق

هزيمة جيش الاحتلال الصهيوني في عدوانه على لبنان خلال حرب تموز 2006م, أسست هذه الهزيمة لحقيقة باتت واضحة امام الجميع ان «الهالة» التي صنعها الجيش الصهيوني حول نفسه ما هي الا زيف وكذب, وسقط القناع ليظهر ضعف «إسرائيل» حيث كانت تهدف فقط لإرعاب الفلسطينيين والعرب ,بان الجيش الإسرائيلي لا يقهر, وانه غير قابل للهزيمة, ولكن ثبت انه «أوهن من بيت العنكبوت» كما قالها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في اعقاب انتصار تموز, حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين استغلت انتصار تموز 2006م لإقناع الجميع بإمكانية هزيمة «إسرائيل» بالإمكانيات العسكرية القليلة المتاحة بين ايدي الفلسطينيين, فهزيمة «إسرائيل» لا تعني الاندحار والانسحاب من الأراضي الفلسطينية, لكنها هزيمة متدرجة, تبدأ بالحرب النفسية بانهيار اسطورة الجيش الذي لا يقهر, ودب اليأس في صفوف جيش الاحتلال الصهيوني, من خلال العمليات الفدائية واستنزاف قدراته القتالية وتشتيت جهوده باتساع رقعة المواجهة, ثم الخطوة التدريجية الثانية تتمثل في احباط مخططاته التوسعية في الأراضي الفلسطينية وخارج فلسطين, وافشال حلم «إسرائيل» الكبرى من الفرات الى النيل, وتقويض حلم الاحتلال الى الحد الادنى, بحيث بات الاحتلال خلال عدوانه على غزة يتوسل التهدئة, ويستعين بالوسطاء لإقناع الفصائل بوقف العدوان الذي بدأوه, ولا يمكن ان يحدث ذلك الا بالقبول بشروط المقاومة والانصياع لمطالبها, وقدرتها على فرض معادلات جديدة, ثم تأتي خطوة افشال مخططات العدوان الصهيوني سواء على غزة او جنين او نابلس او أي من المدن والمخيمات الفلسطينية, وهذا يمثل عامل انتصار فالجيش القوي عندما يفشل في تحقيق اهداف العدوان فهو مهزوم, والجيش الضعيف الذي يفشل اهداف العدوان هو منتصر, هذه نظرية عسكرية تحدث عنها هنري كيسنجر وحذر منها, واليوم بات الجيش الصهيوني عاجزاً عن تحقيق الأهداف, وهذا يصيبه بالإحباط, ويؤدي الى تأكل قوة الردع, وزيادة الثقة لدى الفلسطينيين في قدرتهم على احباط مخططات الاحتلال, وافشال مشاريعه الاستيطانية, واحباط جمهور المستوطنين الصهاينة, الذين يرون في انفسهم انهم يمتلكون اقوى جيش في المنطقة, لكنه جيش عاجز عن تحقيق أهدافهم وحسم «الصراع» فيها.

 

شعور الفلسطينيين بنشوة النصر يزيد من قناعتهم بالتمسك بالمقاومة كخيار استراتيجي لا بديل عنه, بالأمس نظمت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مناورة عسكرية, استعرضت خلالها قدراتها البشرية والعسكرية, بمشاركة نحو ستة آلاف فهى مناورة عسكرية متقدمة بالذخيرة الحية لقوات النخبة تحاكي الاغارة والسيطرة على عدد من المواقع العسكرية الصهيونية, وعمليات اسر جنود, وهذا يعني ان المقاومة انتقلت من حالة الدفاع الى الهجوم, وانها تستهدف تحرير أراضٍ فلسطينية محتلة واسر جنود الاحتلال لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين, المناورة جاءت في الذكرى السادسة والثلاثين لانطلاقة حركة الجهاد الإسلامي, وتحمل رسالة واضحة للاحتلال الصهيوني مفادها ان لا وجود لكم أيها المحتلون على ارضنا الفلسطينية, وان مصيركم الى زوال, وان مواقعكم العسكرية اهداف لنا, وجنودكم غنيمه متاحة لنا لمبادلتهم بأسري فلسطينيين يقبعون في سجونكم النازية منذ عشرات السنين, مناورة استعرضت فيها سرايا القدس قدراتها العسكرية التي تظهر انها في حالة تنامٍ وتطور, المناورة تحمل دلالات مهمة لناحية التكتيك العسكري لدى سرايا القدس حيث سيتم الإغارة –افتراضاً- على عدد من المواقع العسكرية الصهيونية وهي: ( زكيم - ايرز - دوغيت – موقع الإرسال 16), جيش الاحتلال الصهيوني علق امس الثلاثاء على سقوط صواريخ قرب شاطئ «زكيم» تزامنًا مع المناورة العسكرية الهجومية التي نفذتها سرايا القدس, وقال «تم تفعيل صفارات الإنذار في تطبيق قيادة الجبهة الداخلية للعدو، في منطقة مفتوحة فقط في مستوطنة «غلاف شمال غزة». وأوضح أن إطلاق صفارات الإنذار كانت نتيجة إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه البحر, الامر الذي أصاب جمهور المستوطنين بالرعب والفزع, وتوجيه انتقادات لاذعة لجيشهم المقهور والعاجز عن توفير ادنى درجات الامن والأمان لهم, تنفيذ المناورة جاء بأقصى درجة من الزخم والعنف والضراوة لإيقاع اكبر قدر ممكن من الخسائر المادية والبشرية في المواقع والسيطرة عليها بالكامل وخطف جنود والانسحاب فوراً, وهذه المناورة تحمل من الدلالات ما يؤكد على استعداد سرايا القدس والمقاومة لسلسلة هجمات نوعية في حال شن الاحتلال عدواناً جديداً على قطاع غزة.

 

المناورة اصدق من المحاورة, ليسوا سواء, فمن يناور يستعد للقادم ويدافع عن ارضه ومقدساته, ويتمسك بدينه وعقيدته ولا يساوم على وطنه ومقدساته, ولا يقبل بأنصاف الحلول, فالوطن لا يتسع لنا كفلسطينيين ولهم كيهود غاصبين محتلين لأرضنا, وصراعنا معهم هو صراع وجود وليس صراع حدود, ولن ينتهي هذا الصراع الا بانتصارنا على بني صهيون مهما طال الزمان او قصر, هذا هو الطريق الاسلم والاصوب للوصول الى النصر, اما أولئك الذين يحاورون, فهم لا يحاورون الا انفسهم, ويعلمون تماما ان الحقوق لا تمنح, انما تنتزع انتزاعا, وان الاحتلال الصهيوني حطم طاولة المفاوضات, وتنصل من كل التزاماته تجاه السلطة, وقد اسقط حلم «حل الدولتين» الذي تنادي به السلطة منذ عشرات السنين, فلم تعد هناك أي اتفاقيات ملزمة للاحتلال, وبات السيف اصدق انباء من الكتب .. في حده الحد بين الجد واللعب، من يقاوم لا يلعب انما ينتزع حقوقه بمنطق القوة الذي لا يفهم الاحتلال غيره، ومن يساوم يعبث ويلهو ويضيع الوقت، ولا طائل من وراء ذلك الا جني الخيبات والفشل.

 

يتبع

كلمات دلالية