الانفتاح السعودي يتجاوز كل الحدود وينجرف نحو اليهود

الساعة 09:10 م|01 أكتوبر 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

بقلم / أ خالد صادق

 

الانفتاح السعودي في مجالات عديدة ينجرف كما السيل العرم، لا تقف امامه سدود، ويتجاوز كل الحدود، هو قرار لولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحمل الكثير من التحدي، حيث بدأ الانفتاح السعودي كبيرا ومثيرا وصادما, فارتبط بالتشريع الديني لما يسمى بالتطبيع مع الكيان الصهيوني حتى يتم تمريره على الشعب السعودي المنتمي فطريا للقضية الفلسطينية والمعادي لإسرائيل, فكانت خطبة الجمعة التي ألقاها إمام وخطيب الحرم المكي عبد الرحمن السديس، والتي تناول فيها واجب حسن التعامل مع اليهود، وكيف كان الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، يحسن إلى جاره اليهودي، ثم جاءت فتوى مفتيَ السعودية عبد العزيز آل الشيخ بأن قتال الإسرائيليين او قتلهم في حرم المسجد الاقصى لا يجوز شرعا, وأن حركة حماس حركة «إرهابية» وتريد بأهل فلسطين الشر, و إن المظاهرات التي انطلقت في العديد من الدول العربية والإسلامية لنصرة الاقصى وقطاع غزة, هي مجرد أعمال غوغائية لا خير فيها، ولا رجاء منها, مشيرا الى أن الغوغائية لا تنفع بشيء، إنما هي ترّهات, الامر الذي رحبت به «إسرائيل» ودعت مفتي السعودية لزيارتها وإنهم سيستقبلونه «بحفاوة», وأنهت السعودية حقبة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ثم جاءت الخطوة التالية بما عرف «بالتطهير المالي» وإظهار العين الحمراء للمتنفذين داخل المملكة, سواء من الاسرة الحاكمة, او كبار رجال الاعمال السعوديين, وإعادة تحرير أموالهم التي يجب ان تخضع لوصاية ولي العهد وان تبقى تحت عينه, وان يتم الاقتطاع منها وتسخيرها في اتجاهات بعينها, ثم جاء الانفتاح الفني بعد استحداث هيئة اطلقوا عليها اسم هيئة الترفيه وترأسها احد المقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حيث اوكلها الى تركي ال الشيخ, الذي شرع بإقامة الحفلات الغنائية والراقصة في المملكة, واطلق مسمى «الديسكو الحلال» على حفلات الرقص, ودعا لحرية المرأة السعودية, وكانت الهيئة قد تأسست ضمن ما يُسمى بـ «رؤية 2030» لتقوم «على تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في المملكة وتوفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في المملكة العربية السعودية.

 

ولم يتوقف الانفتاح في المجال الديني والفني فقط, بل وصل الى المجال الرياضي، وتم استجلاب لاعبين عالميين في كرة القدم بمئات ملايين الدولارات، وبأرقام غير مسبوقة في القيمة التعاقدية للاعبين عالميين, حيث تم التعاقد مع كرستيانو رونالدو, وكريم بنزيمة, وساديو ماني, ونيمار، وغيرهم وفتحت الاستادات الرياضية امام المرأة السعودية للتشجيع وسمح للاعبين الأجانب بجلب «النساء» من غير زوجاتهم الى المملكة، كما سمح لهم بتعاطي ما يسمى «بالمشروبات الروحية» في أماكن محددة, وتواصل الانفتاح داخل المملكة ليشمل الجانب الثقافي فتشكلت مؤسسات لتعزيز الثقافة الجديدة الهادفة للتخلص مما اسموه بالقيود الدينية, فكان السعي الأول هو تغيير المناهج التعليمية ومواجهة ما اسموه «بالفكر الاخواني», الذي يحرم كل شيء, والتركيز على المناهج العلمية والثقافية التي تعزز رؤية 2030 لتكون الأجيال القادمة زرعا مفيدا حسب مفاهيمهم, واستخدام وسائل الاعلام المختلفة للترويج للفكر الجديد المنفتح على العالم, واستخدام وسائل جديدة للترويج لهذه الثقافة, مثل افتتاح دور السينما, والمسارح, ودار الأوبرا. على أن تلعب «هيئة الثقافة»، دورا كبيرا في ذلك، مع التركيز على غرس مفاهيم جديدة في المجتمع، والبدء من سن صغير، حتى يخرج جيلا مختلفا عن الجيل السابق. أما في الوقت الحالي فلا بد للدولة من الاستفادة من مهارات خريجي الجامعات الأميركية والأوروبية الذين استثمرت فيهم ملايين الدولارات في الخارج للترويج للتثقيف بوجهه الجديد, ومفاهيمه المستمدة من الخارج, وليس من تعاليم الإسلام العظيم, انه انقلاب حقيقي يهدف لإخراج  المملكة العربية السعودية من أصولها وتاريخها وتقاليدها المستمدة من تعاليم الشريعة الإسلامية, والهدف من وراء كل ذلك الوصول الى التغيير في المواقف السياسية, وتحول سياسة المملكة نحو «إسرائيل» وتقبلها, والتعايش معها, وإقامة تحالفات بينهما, وعلاقات مشتركة قائمة على المصالح المتبادلة, وانشاء تحالف تقوده «إسرائيل» لحماية الدول العربية من الأعداء الجدد, وتشكيل شرق أوسط جديد, يمكن «إسرائيل» من الريادة والعلو والافساد والسيطرة على ثروات الامة وتزييف تاريخها.

 

اليوم المملكة العربية السعودية «بلاد الحرمين» تستضيف وفوداً إسرائيلية فوق أراضيها المقدسة, ووزراء في حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة, وتندفع بسرعة كبيرة نحو التطبيع مع الاحتلال, وتبرز للشعب السعودي ان التطبيع يمثل مصلحة للمملكة, وانه يحميها من أعداء جدد بالمنطقة, ويتيح لها التسلح وامتلاك البرنامج النووي على غرار البرنامج النووي الإيراني, وان هذا سيجعلها اكثر محورية, ولها تأثير واضح, بحيث تساهم في تحديد السياسات, وإقامة التحالفات مع دول الجوار, وهذا سيكون كالمعتاد دائما على حساب القضية الفلسطينية, التي أصبحت ورقة على طاولة قمار عربية كبيرة, يقامر بها كل الزعماء العرب لحماية عروشهم, وقربانا يتقربون به الى الإدارة الامريكية والاحتلال الصهيوني, بعد ان تحولت القضية الفلسطينية من قضية مركزية للامة العربية والإسلامية, الى عبء ثقيل يجب التخلص منه, لان انتصارها يمثل زوالا حتميا لأنظمة الديكتاتوريات, ونهضة كبيرة للامة العربية والإسلامية, والعودة الى الامجاد التليدة لها, وهذا ما يعزز العلاقة بين الكيان الصهيوني المجرم المسمى «إسرائيل», وأنظمة الاستبداد والقهر في المنطقة برمتها, فالتطبيع جريمة لا تغتفر.