جنين التي جننت الاحتلال وتجاوزت الردع.. نموذج للنصر

الساعة 01:49 م|21 سبتمبر 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

خالد صادق

حملة عسكرية صهيونية جديدة على مخيم جنين، واخفاق جديد يضاف الى إخفاقات الجيش الصهيوني، فقد أقر جيش الاحتلال الصهيوني، مساء أمس، بفشله في اعتقال أي مطلوب بمخيم جنين، خلافا لما زعمته وسائل إعلام عبرية سابقا عن اعتقال مطلوبين اثنين، كما أقرت وسائل إعلام عبرية، بفشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في العملية التي نفذها قبل شهرين ونصف في جنين بالضفة المحتلة. وقال الإعلام العبري: «الاشتباكات في مخيم جنين بهذه القوة وتفجير عبوة ناسفة في مركبة وإعطابها يشير بشكل واضح إلى أن العملية الموسعة قبل شهرين ونصف لم تحقق أي إنجازات عملياتية», ويبدو ان «إسرائيل» وصلت الى قناعة انها لن تستطيع ان تمنع الفعل المقاوم او تحد منه, وان أي عملية عسكرية يشنها الجيش الصهيوني على الفلسطينيين يعقبها تصاعد في العمليات الفدائية, وتوسع جغرافي في الفعل المقاوم, وقناعة اكبر للفلسطينيين بالتمسك بخيار الجهاد والمقاومة, لذلك يسلك الجيش الصهيوني سبلا جديدة في مواجهة الفعل الفلسطيني المقاوم, فيستخدم الطائرات الانتحارية المسيرة, وقصف المنازل بالصواريخ, وعدم الخروج من الدبابات المحصنة التي يتحصن داخلها جنود الاحتلال, كما ان الاحتلال بدأ يشن عمليات عسكرية على المناطق الفلسطينية, بعد تراكم كم من المعلومات الاستخبارية التي تأتيه من جهات عدة ابرزها سلطة محمود عباس وأجهزتها الأمنية التي تتعاون وتنسق مع الاحتلال, فقبل عدوان الاحتلال امس على مخيم جنين انسحبت قوات السلطة من الشوارع وتوارت في مقارها, لتتيح الفرصة للاحتلال لممارسة اجرامة وقتلة وملاحقته للفلسطينيين, وتمهد له الطرق لتسهيل هذا الامر, تماما كما حدث في مخيم طولكرم عندما قامت أجهزة امن السلطة بإزالة الحواجز التي وضعها المواطنون الفلسطينيون لمنع اقتحام قوات الاحتلال للمخيم, واشتبكت مع المواطنين وقتلت الشهيد عبد القادر زقدح واصابت العشرات بجراح .

خلال أربعة وعشرين ساعة قتل الاحتلال ستة فلسطينيين أربعة منهم في جنين, وشهيد في خانيونس جنوب قطاع غزة, وشهيد اخر في مخيم عقبة جبر بمحافظة أريحا, وهذا الامر له دلالات عدة, منها ان الاحتلال يسلك جرائم القتل بمنهجية, ويعتبر ان قتل الفلسطينيين هو السبيل لتحقيق الأهداف وارضاء اليمين الإسرائيلي والوزراء المتطرفين في حكومة نتنياهو الاجرامية, كما يدل على وحدة الساحات فالفعل المقاوم يمتد من جنين الى غزة الى اريحا, وسيتمدد بشكل اكبر جغرافيا للرد على جرائم الاحتلال في جنين ومخيمها, ويثبت أيضا ان المقاومة الفلسطينية تتمسك بالمعادلات التي فرضتها على الاحتلال بالدماء والتضحيات, فالدم بالدم, والقصف بالقصف, والعدوان يواجه بالمقاومة والصمود والثبات لإفشاله واحباط مخططات الاحتلال, الاحتلال الصهيوني بات يقف امام حقائق جديدة ان أي عدوان على المدن الفلسطينية يحمل عامل الفشل بشكل اكبر, وانه قد يكبده خسائر بشرية ولوجستية, وان تبعاته تنعكس سلبا على الجبهة الداخلية الصهيونية, التي بدأت تفقد الثقة في قدرة الجيش على تحقيق الأهداف, وان الإخفاق المتكرر للجيش الصهيوني يؤدي الى تأكل قوة الردع, وزيادة الفعل المقاوم على الأرض, كما ان المقاومة الفلسطينية تؤمن بأن الخيارات امامها ضيقة, وان ضمان استمراريتها وبقائها وتمددها يكمن في تمسكها بحقها المكفول بمقاومة الاحتلال, والدفاع عن الشعب الفلسطيني واحباط مخططات الاحتلال العدوانية, وهى تملك من الإرادة ما يدفعها للصمود والمواجهة والتصدي للاحتلال, وهذا ينطبق على الحاضنة الشعبية التي تؤمن بالمقاومة كسبيل وحيد للتخلص من الاحتلال, وترى ان واجبها ان تحصن المقاومة وتدافع عنها وتتلاحم معها, فلا توجد افاق أخرى لشعبنا الفلسطيني لكبح جماح الاحتلال الصهيوني وافشال مخططاته العدوانية واطماعه في الضفة الغربية المحتلة, الا بالتحصن بالمقاومة ودعمها.

«إسرائيل» بدأت تبحث عن بدائل لمواجهة الفعل الفلسطيني المقاوم, ومواجهة السيناريو المرعب الذي يخيفها ويدفعها للتحذير منه ومن تبعاته, وهو وحدة الجبهات, التي ترى فيها «إسرائيل» انها تمثل خطرا كبيرا على استقرارها وامنها, لما تملكه المقاومة اللبنانية والفلسطينية وما يملكه محور المقاومة من إمكانيات عسكرية, لذلك هو يقوم بالتدريب ومحاكاة سيناريو عدوان متعدد الجبهات يأتيه من كل فج عميق, ويرى انه يمثل سيناريو النهاية «لإسرائيل», فيلجأ نتنياهو المأزوم والمرعوب والمحبط, الى الإدارة الامريكية وهو يحمل تصورا لخطة متعددة السنوات, كشف عنها المراسل العسكري لموقع واللا العبري امير بخطوط, وضعها ما يسمى برئيس هيئة الأركان العسكرية الصهيونية هرتسي هليفي وتشرف عليها ثمانية اطقم من وزارة الحرب الصهيونية وكبار الضباط الصهاينة, تطالب خلالها بتحقيق التفوق العسكري امام أعداء «إسرائيل», وتطالب الإدارة الامريكية بامتلاك أسلحة نوعية لا يمتلكها احد غيرها, كما تطالب بتطوير منظومة الذكاء الصناعي لأجل تقليص الاعتماد على العنصر البشري لأنه عنصر «مهزوم داخليا» ولا يمكن الاعتماد عليه, وتطالب بامتلاك سرب رابع من طائرات الشبح F35 وتطوير منظومة الليزر «درع النور» ونشر اربع منظومات حديثة مع قطاع غزة,  وهذا ان دل فإنما يدل على حالة الخوف والرعب التي تعيشها «إسرائيل» وقد باتت تدرك ان السلاح وحدة لا يحسم المعركة, لأن سلاح الإرادة اصلب اقوى ولا يقهر, فان كانت جنين تصنع كل هذه الملاحم البطولية, فما بالكم لو تعددت الجبهات, وتزامن الفعل المقاوم, وباتت «إسرائيل» محاطة من كل مكان وهى تتلقى الضربات, فلا تقنطوا من رحمة الله, ولا يصيبنكم خوف ولا جزع, فالنصر من عند الله وليس من عند البشر, وعلينا ان نملك عوامل النصر كما أرادها الله عز وجل لعباده المؤمنين.