انتزاع الحرية واكبها ايمان بالفعل المقاوم وصولا للنصر

الساعة 01:54 م|06 سبتمبر 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

بقلم :  خالد صادق

لم تكن عملية انتزاع الحرية التي نفذها خمسة اسرى من الجهاد الإسلامي في سجن جلبوع المحصن، إضافة الى الأسير القائد في كتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدي مجرد حدثا عاديا, لان عملية الهروب الكبير من داخل سجن جلبوع كانت عملية معقدة ومخطط لها بعناية كبيرة, وسط ظروف وتعقيدات امنية غير مسبوقة, سجن جلبوع المحصن والذي يطلق عليه الاحتلال الصهيوني اسم "سجن الخزنة" نظرا لإحكامه الشديد واستخدام احدث الوسائل التكنولوجية لمراقبته ,لم يكن من السهل اختراقة, حيث لم يتخيل الاحتلال الصهيوني يوما ما ان يستطيع احد الهروب من هذا السجن المحصن, لكن الإرادة الفلسطينية دائما ما تصنع المعجزات, والجهاد الإسلامي معروف بقدرة اسراه على اختراق السجون والتحرر منها, ففي عام 1987م استطاع ستة من اسرى الجهاد الإسلامي التحرر من سجن غزة المركزي وتنفيذ عمليات فدائية ضد الاحتلال, وكان استشهادهم في السادس من أكتوبر 1987م يمثل شرارة لانتفاضة الحجارة الأسطورية التي أسست لدحر الاحتلال الصهيوني وانسحابه من قطاع غزة, وكما كانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين السبق والشرف بأنها مفجرة شرارة انتفاضة الحجارة, في اعقاب عملية الهروب الكبير من سجن غزة المركزي, كانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مفجرة الثورة المسلحة في الضفة الغربية المحتلة بكتيبة جنين, التي انبثق عنها عدة كتائب تابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, في نابلس وطولكرم وطوباس وعقبة جبر وغيرها من مدن الضفة الغربية المحتلة, فالأسرى الابطال لم يكن انتصارهم فقط في قدرتهم على اختراق حصون الاحتلال وانتزاع حريتهم من داخل السجون الصهيونية المحصنة, انما كان أيضا بتفجير براكين الغض في وجه الاحتلال, واندلاع انتفاضة الحجارة في 87م والانتفاضة المسلحة ضد الاحتلال والتي نعيشها اليوم ونشهد ابداع في الفعل المقاوم, وتمدد وانتشار جغرافيا وعدديا, وقدرة على تصنيع السلاح وامتلاكه بجهود ذاتية, رغم تضييق الاحتلال الخناق على المقاومين الفلسطينيين, وتعاونه وتنسيقه الأمني مع أجهزة امن السلطة لملاحقتهم واستهدافهم.

اليوم ونحن نحيي الذكرى الثانية لعملية انتزاع الحرية ندرك جميعا مدى الإنجاز الذي تحقق بعد عملية التحرر من سجن جلبوع المحصن, فمن يعتقد ان إعادة اعتقال الابطال الستة المحررين من سجن جلبوع افشل العملية فهو مخطئ, لان تبعات هذه العملية البطولية كان عظيما, وله مكاسب عديدة اكسبت شعبنا ومقاومتنا ثقة اكبر في إمكانية اخترق هذا الاحتلال وتوجيه ضربات له وايلامه, فالانعكاس الإيجابي للعملية تجاوز حد التحرر من الاسر, فهناك قدرة كبيرة تحققت بالإرادة الفلسطينية بإمكانية اختراق حصون الاحتلال, وهناك ثقة بقدرة المقاومة على اختراق نظرية الامن الصهيونية والوصول الى ابعد مكان بخصوص ذلك, وهناك حالة تلاحم تتعزز بشكل كبير بين المقاومين الابطال والحاضنة الشعبية التي حمت الاسرى المحررين واوتهم في مخيم جنين, ومن قبل في قطاع غزة بعملية الهروب الكبير, وقدمت كل اشكال الدعم والمساندة والعون للأسرى الابطال, الذين حفظوا هذا الجميل للحاضنة الشعبية وابوا ان يجازفوا بحياة من حماهم وتحصنوا في منازلهم, وسلموا انفسهم للاحتلال حتى لا تراق دماء الأبرياء منهم والأطفال والنساء, واوجدت عملية انتزاع الحرية حالة ثورية في الشارع الفلسطيني خاصة في الضفة الغربية فبات الشارع الضفي يتحرك جمعيا لمواجهة توغلات الاحتلال, وينتفض دفاعا عن نفسه, كما حدث في حوارة والخليل وفي جنين ومخيم عقبة جبر وفي طولكرم وغيرها, كما انعكس انتزاع الحرية سلبا على الإسرائيليين الذين فقدوا الثقة في المنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية, واحتدمت الخلافات بين القيادات الصهيونية وتبادل الاتهامات والمحاسبة واقالة عدد من المسؤولين في مصلحة السجون, وهذا الارتباك الصهيوني, اكسب شعبنا المزيد من الثقة ان هذا الاحتلال واهن, وانه اوهن من بيت العنكبوت, وانه يضخم من قوته لخداع الرأي العام الإسرائيلي, والكسر من عزيمة الفلسطينيين, لكن في النهاية لم يجن الاحتلال الا الفشل, ولم يحصد الا المرارة, ولم يتحصل الا على المزيد من الخيبة والفشل, والفعل الفلسطيني المقاوم يكبر ويتمدد ويتسع وتزداد قوته, والاعظم من ذلك ان المقاومة باتت ثقافة يؤمن بها الفلسطيني بشدة.

في الذكرى الثانية لعملية انتزاع الحرية نستذكر اسرانا الابطال أصحاب النصر والمحرك الأساسي لما يحدث اليوم في الضفة من فعل مقاوم أرهق الاحتلال الأسير البطل محمود العارضة، والاسير البطل محمد العارضة، والاسير البطل أيهم كممجي، والاسير البطل مناضل نفيعات، والاسير البطل يعقوب قادري، وقائد شهداء الأقصى في جنين الأسير البطل زكريا الزبيدي, نستذكرهم وهم في العزل الانفرادي, يعانون اشد المعاناة من ممارسات السجان الصهيوني المجرم, الذي ينتقم منهم ويضيق عليهم حياتهم في الاسر بشكل اكبر, لكنهم يواجهون الاحتلال بارادتهم وعزيمتهم, تلك الإرادة التي جعلتهم يحفرون نفقا بملعقة وينجحون من التحرر من سجن الخزنة المحصن, تلك الإرادة التي جعلت بعضهم يخترق كل الحصون ويصل الى جنين الثورة ليزرع بذور الانتفاضة المسلحة في ارضها لتنبت فعل مقاوم في جل مدن الضفة الغربية, وتدخل الاحتلال في مرحلة استنزاف لجيشه وفقدان ثقة به وبقدراته العسكرية والأمنية, سيبقى ابطال الحرية نبراسا وشعارا للانتصار على الاحتلال, وستبقى ملحمتهم في انتزاع حريتهم مثالا يحتذى, ودافعا لشعبنا نحو المقاومة, حتى دحر الاحتلال عن ارضنا المحتلة.

 

 

 

 

كلمات دلالية