جنين تزأر في قلب تل أبيب

الساعة 02:31 م|07 أغسطس 2023

فلسطين اليوم

بقلم الكاتب: خالد صادق

سرعان ما تنفض جنين الادران العالقة على ثوبها الأبيض ناصع البياض, وتتخلص من العوالق التي تحاول الالتصاق بها لتعكر صفو سمائها النقية وارضها الطيبة وتعرقل مسيرتها المظفرة, جنين زأرت بالأمس في قلب تل ابيب بعملية بطولية نفذها احد ابطالها المقاومين حيث استشهد الشاب كامل أبو بكر من بلدة رمانة غرب مدينة جنين، برصاص شرطة الاحتلال ، بعد تنفيذه عملية إطلاق نار أردى فيها شرطيًا وأصاب ثلاثة اخرين بجراح, موقع واي نت العبري طرح عدة أسئلة واعتبرها أسئلة صعبة تلاحق المنظومة الأمنية في «إسرائيل» بعد تنفيذ عملية إطلاق النار في مدينة تل أبيب وقتل خلالها شرطي إسرائيلي, وقال الموقع العبري السؤال الأبرز الذي يتوجب على المنظومة الأمنية بعد تنفيذ العملية “كيف يمكن إغفال مسلح مطلوب من جنين وتجوله في تل أبيب؟”.

وتابع أن “من بين الأسئلة، كيف تسلل مسلح من جنين تم تحديده على أنه مطلوب منذ ستة أشهر وينتمي إلى الجهاد الإسلامي إلى عمق إسرائيل؟”.

وأردف الموقع “هل كانت هناك أي تحذيرات أو مؤشرات على أن أبو بكر كان يخطط لتنفيذ هجوم – وإذا لم يكن هناك أي شيء، فلماذا؟ هل تصرف بمفرده؟”.

وأشار الموقع إلى أنه “تم رصد أبو بكر وهو يمر بمطعم دون إطلاق نار، وعندما اشتبهت الدوريات به بسبب سلوكه ومظهره، أطلقت النار، ماذا كان يخطط؟ هل كان ينوي تنفيذ العملية في مظاهرة رئيسية في كابلان؟”.

وأكد واي نت، أن أبو بكر نفذ هجوم إطلاق نار على قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ حوالي ستة أشهر، ومنذ ذلك الحين كان على قائمة المطلوبين للمؤسسة الأمنية» صعوبة هذه الأسئلة تكمن في عدم قدرة المؤسسة الأمنية الصهيونية على الإجابة عنها، لان العملية تمثل اخفاقاً جديداً للمنظومة الأمنية الصهيونية، فالولوج لتل ابيب ليس صعبا على الفلسطينيين، والعمليات الفدائية ستتواصل هناك، لان الإرادة الفلسطينية تصنع المعجزات.

جنين التي زعم الاحتلال انه وجه ضربات مؤلمة لها في العدوان الأخير عليها, واستطاع اضعاف المقاومة فيها, زأرت بالأمس في تل ابيب, وأثبتت انها اكبر من ضربات الاحتلال, وان مقاوميها يسطرون ملاحم بطولية فهم من انبتت ثورة القسام وخاضت معارك ضارية ضد الاحتلال, وقدمت خيرة قادتها شهداء, ومنها انطلقت العمليات الاستشهادية التي زلزلت اركان الكيان, واليوم تخرج من جنين كتائبها المقاومة لتتصدى للاحتلال, وتستنزف قدراته, وتحطم صورة الجيش الذي لا يقهر, جنين التي خرجت للتو من معركتها مع الاحتلال, حيث اندحر منها وهو يحمل جنوده القتلى, ويجر آلياته العسكرية المعطوبة, ويفقد فيها جيش الاحتلال صورة النصر التي كان يسعى لتسويقها على الإسرائيليين, عملية تل ابيب بالأمس لم تنعكس سلبا فقط على المنظومة الأمنية الصهيونية, انما امتدت ليحتدم التراشق وتبادل الاتهامات بين المؤيدين للصهيونية الدينية والحريديم, وبين المؤيدين للصهيونية العلمانية واليساريين, حيث اعتبر انصار الصهيونية العلمانية ان العملية جاءت ردا على سياسة ما يسمى بوزير الامن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير بعد احداث برقة واستشهاد فلسطيني خلالها, بينما اتهمت الصهيونية الدينية انصار الصهيونية العلمانية واليسار انهم بحراكهم في الشارع الإسرائيلي زعزعوا الحالة الأمنية في تل ابيب وشتتوا جهد الأجهزة الأمنية واستطاع منفذ العملية التسلل وتنفيذ عمليته في قلب تل ابيب, وهذا الواقع الصعب الذي يعيشه الإسرائيليون ينعكس على الجبهة الداخلية الصهيونية المتصدعة أصلا, فيصيبها بمزيد من الضعف والانهيار, ويؤدي الى تصاعد واحتدام الخلاف بينهما, ويوسع الفجوة بشكل اكبر بين تيارين متصارعين كلاهما يجمع على ضرورة استهداف الفلسطينيين وقتلهم, لكن الأسلوب والاداة والوسيلة هي اللغة المختلف عليها, واللغز دائما يكمن في قوة جنين, وقدرتها على توجيه ضربات للاحتلال داخل جنين وخارجها.

حين تزأر جنين في قلب تل ابيب, وتحطم نظرية الامن الصهيونية, وتزيد من حجم الخلاف بين الإسرائيليين, وتزلزل اركان حكومة الصهيونية الدينية, ويحتدم الخلاف بينهم, وتنقل المعركة باقتدار من مكان الى مكان, فانت امام حالة فريدة, وقدرة فائقة على استنزاف الاحتلال وارهاقه عسكريا, لذلك استعانت «إسرائيل» بالسلطة وأجهزتها الأمنية لإخراجها من هذه الحالة, وانقاذها من بين انياب مقاومي جنين الابطال, فخرجت أجهزة السلطة لتقمع تظاهرة شعبية خرجت لتتوجه لبيت الشهيد منفذ عملية تل ابيب البطولية كامل أبو بكر, وتحتفي بنجاح العملية وتأثيرها السلبي على الاحتلال الصهيوني, وتثبت قدرة جنين على النهوض بعد المعارك مع الاحتلال, خرجت جنين لتحتفي بالعملية, لكن أجهزة امن السلطة قمعت مسيرتها, ومنعتهم من الوصول لبيت الشهيد, ولم تكتفِ أجهزة السلطة بذلك, انما حرضت على كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, وزعمت زورا وبهتانا ان الكتيبة تستهدف عناصر امن السلطة ومقراتها العسكرية, رغم انهم يدركون تماما ان الجهاد الإسلامي لا يحرف بوصلته عن مواجهة الاحتلال, ولا يدخل في صراعات جانبية مع أي طرف فلسطيني, وان وجهته معروفة دائما, وهى استهداف الاحتلال الصهيوني, لكن يبدو ان أجهزة امن السلطة تمهد لحملة استهداف واعتقالات لقادة الجهاد وكوادرها في الضفة, وتبحث عن مبررات لتحقيق ذلك, لذلك تدعي زورا وكذبا على الجهاد الإسلامي انه يستهدف مقراتها, والجهاد عودنا دائما وفق استراتيجيته على ان أي تصعيد ضد قادته وكوادره ومقاوميه, يواجه بتصعيد اكبر ضد الاحتلال الصهيوني, فعلى «إسرائيل» ان تحذر من غضب الجهاد, فهو يستطيع ان يزأر من جديد في عمق الكيان الصهيوني, ويضرب بقوة وبيد من حديد.

كلمات دلالية