تحلّ ذكرى استشهاد نجله "زياد" اليوم

"المدلل" ودَّع فلذة كبده... حين يقدِّم القادة أبناءهم من أجل فلسطين

الساعة 01:32 م|05 أغسطس 2023

فلسطين اليوم

قصص الشهداء هي قصصٌ خالدة لا تموت صنعها أصحابها وكتبوها في سجلات البطولة والتضحية، فكيف إن كانت تخص واحدًا ممن تفخر بهم الأمة، الذين قدموا حياتهم فداءً لدينهم ووطنهم، الشهيد القائد أحمد المدلل الذي ارتقى نجله خلال معركة وحدة الساحات آب 2022.

ففي مثل هذا الأيام 6/8/2022، فجعت غزة باستشهاد ثلة من قيادة حركة الجهاد، إثر قصف غادر لمنطقة سكنية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، كان من بين الشهداء القائد خالد منصور والقادة الميدانيين رأفت الزاملي وزياد المدلل وهو نجل الدكتور أحمد المدلل عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

في حوار خاص لوكالة فلسطين اليوم الإخبارية قال الدكتور أحمد المدلل في ذكرى استشهاد نجله القيادي "زياد": "انتماؤنا واقتناعنا وحبنا للجهاد الإسلامي والدكتور الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي جعلنا نتماهى في المضي قدماً نحو الجهاد والمقاومة دون تردد بل وظفنا عائلاتنا، الأم والابن والزوجة التي كانت توزع بيانات الحركة في أشد اللحظات خطورة في الانتفاضة الأولى على مناطق في قطاع غزة".

وعند سؤاله هل كان من السهل عليك كقيادي في حركة الجهاد الإسلامي إرسال أبناءك للجهاد، قال المدلل " شعاري في الحياة أن كل قائد لا يتأثر به وبفكره من حوله خصوصاً عائلته وأبناءه ولا ينتمون إلى خياره طالما إنه ليس مقنعاً لهم فلن يكون قائداً مقنعاً للناس مع بعض الاستثناءات ".

وأضاف القيادي المدلل: " لا تكون عائلة القائد في الجهاد الإسلامي تحمل الفكرة حتى تكون مهيأة لما سيصيبها من ابتلاءات، ونحن نسعى لأن يلتف الناس كلهم حول فكرة الجهاد الإسلامي بدون تعصب واحتواء، وأن تحمل فكر الجهاد الإسلامي يعنى أن تهيء نفسك للمحن والابتلاءات من اغتيال واعتقالات ودمار وملاحقات وتشرد وغربة لأن تحقيق الأهداف السامية تحتاج إلى تضحيات كبيرة وها هو شعبنا يتقدم بأغلى ما يملك من أجل تحرير فلسطين ويقدم فلذات أكباده و لم تنكسر إرادته ونحن جزء من هذا الشعب المقاوم المعطاء يصيبنا ما أصابه بكل فخر واعتزاز .

وتابع القيادي المدلل حديثه: "القائد الذى يضعف ويجزع إذا مسه ضر في نفسه أو ماله أو أهله أو أحبابه عليه أن يتنحى لأنه ليس أهلاً للقيادة هكذا علمتنا ثورات الشعوب، كما أن القائد الذى ينحني في منتصف الطريق ليس قائداً ولا يستحق هذا اللقب وأهم مقومات الانتصار هو القائد القدوة وهذا ما رأيناه وتعلمناه من المفكر الشهيد والمؤسس دكتور فتحي الشقاقي"

المجاهد المثقف والابن البار

وعن الوجه الأخر للشهيد زياد، قال القيادي المدلل "الشهيد زياد المدلل ابن الخامسة والثلاثين شاب يافع مملوء بالحيوية والنشاط منذ صغره كان متفوقاً في دراسته ومثقفاً لم يكن يلهو مع أقرانه الا بألعاب هو يبدعها وتحتاج الى تفكير وحركة ، أحبه مدرسوه لتفوقه وذكاءه ومن شدة حب واعجاب الشهداء القادة صلاح ابو حسنين ودانيال منصور وخالد منصور وآخرون له  فإنهم عند كل زيارة لي يصحبوه معهم الى اماكن عملهم في الحركة  وترعرع على المشاركة في نشاطات الحركة الطلابية والتنظيمية وفى المسجد والزيارات وهو الذى عمل في السرايا منذ نعومة اظفاره مع الشهيد القائد خالد منصور وقد تأثر به كثيرا حتى أننا كنا في الاسرة نناديه احيانا بخالد منصور .

وأضاف القيادي المدلل: "كان حريصاً على زيارة الأقارب في كل المناسبات ، أحبه الجيران أكثر من ابناءهم لخفة ظله ومثابرته وسرعة مساعدتهم عندما يحتاجون شيئاً ، علاقاته ليست عشوائية ولكنى كنت أشعر على دقة اختياره لأصحابه ، مبدعاً في كل عمل يتم تكليفه به ، تطمئن إليه كثيرا وهو يتحدث وهو يجامل وهو يعمل وفى علاقته مع زوجته وأبناءه كان حنونا بشكل كبير، وفى آخر أيامه اقترب من عائلته وبيته حيث كان يغيب عنهم كثيراً بسبب انشغاله في عمله فقام بأعمال ايجابية لم يقم بها من قبل .

وتابع القيادي المدلل حديثه " كان بالرغم من حبه للشهادة في سبيل الله إلا أنه أيضاً كان يمتلك حيوية واندفاعة وحبا للعمل والدراسة بشكل كبير ومتفاعلاً في دراسته الماجستير الذى أشرف على نهايتها وجاء ليحاورني في الدكتوراه أين يتقدم لها وما هو عنوانها"

وعن أمنيات الشهيد زياد، قال القيادي "كانت أمنياته الشهادة ومن شدة تعلقه بالقائد خالد منصور استشهد معه في نفس اللحظة ونفس المكان ومعهما الشهيد القائد رأفت الزاملى .

وعن وصيته لوالده قال القيادي المدلل:" تعلقه بزوجته وابناءه الشديد كان يوصى عليهما كثيراً، ومن توصياته الدائمة لي لا تحزن على ووصيتي أبنائي والطلب منى أن يكون بيتنا دائما مفتوحا للمجاهدين" .

غياب الروح

وقال القيادي المدلل في فقد نجله " يشكل غياب زياد همّاً كبيراً وشيئاً غالياً كالروح يفقدها الجسد فهو قطعة منى ولأنى إنسان امتلك مشاعر وأحاسيس تؤثر وتتأثر ، فإن كنت مؤثرا في حياة الشهيد زياد والذى انتمى الى نفس الخيار الذى أنتمى اليه وكان يلازمني كثيرا فقد تأثرت كثيرا عندما غاب عنى وعن العائلة التي تعتبره الدينامو الذى كان  يزيل عنها حالة السكون لتبقى مشدودة  نحو حديثه وحركة يديه ومواقفه الرجولية وتميزه عن أقرانه بما امتلك من ذكاء وفطنة وشجاعة ".

وعن أكثر المواقف صعوبة، استطرد القيادي المدلل: "عندما مرت علىّ ذكرى استشهاده وأنا في الغربة تذكرت تلك اللحظات التي كان جالسا فيها معنا في غرفة الضيوف والكل ينتظر نتيجة التوجيهي لأخيه جهاد وهو الذي يتابع من بيننا وننتظر منه الاشارة واذا به يصرخ مبتهجا معلنا تفوق اخيه واخذ يقبله بلهفة ويقول ها هو جهاد سيعوضك عنا بدخوله الطب في لحظة الذكرى هذه بكيت بكاءً لم أبكه من قبل ولا حتى لحظة استشهاده".

وعن تلقيه نبأ استشهاده قال القيادي المدلل :" كنت مختفياً حين وصلني نبأ استشهاده الذى كنت أتوقعه في كل لحظة من حياته وقد تعرض من قبل لملاحقة الاحتلال منذ مشاركته وهو صغير في أحداث المواجهات بمنطقة الحدود الجنوبية والتحاقه بصفوف سرايا القدس وتجهيزه لعملية استشهادية مع الاستشهادي فؤاد ابو هاشم وتراجع الاخوة في آخر لحظة نتيجة اعتقال أخيه الأكبر طارق الذى امضى ١٤ عاما في سجون الاحتلال ، لذا لم أتأثر كثيرا بنبأ استشهاده في لحظاته الاولى لأنى أُدرك انها معركة مستمرة مع الاحتلال والمتوقع ان نستشهد فرادى أو جماعات ، وقد أٌخرجت العائلة كلها من المنزل والتوقع اننا جميعا مستهدفون وهذا ما نقلته حينها كل وسائل الاعلام وكان اسمى يتردد كثيراً عبرها "

وأضاف القيادي المدلل:" عندما انتمينا إلى الجهاد الإسلامي قبل أكثر من أربعين عاما كنا نقدر حجم التضحيات التي سنقدمها من اعتقالات لي ولنجلي الأكبر طارق والملاحقات المستمرة وتدمير المنزل تدميراً كاملاً في حرب ٢٠٠٨ وتدمير منازل أفراد من عائلة المدلل بسببنا واستشهاد زياد جاء في سياق هذه التضحيات التي تساوينا فيها مع أبناء شعبنا بل أقل مما قدمته كثير من عائلات شعبنا "

وبكل فخر بنجله الشهيد تابع حديثه: كنت فخوراً ورافعا رأسي دائما في حياة الشهيد بتميزه وشجاعته وانتمائه إلا أن فخري تضاعف كثيراً بعد استشهاده وأنا اقول لنفسي الحمد لله أن تأكد صدقنا عندما كنا نواسى عائلات شعبنا أهالي الشهداء والأسرى والجرحى "

وعن موقف علق في ذاكرة القيادي أحمد المدلل جمعه بنجله قال " بينما نحن جالسون في عصر أحد الأيام ونتحدث عن الشهداء واذا به يقول لي بإذن الله سآتيك يوماً مقطعاً وبالفعل هذا ما كان".

وفي رسالة وجهه القيادي المدلل إلى الشباب المقاوم" إلى كل شاب مقاوم في الضفة الغربية والمرابطين على أهم ثغور المقاومة في فلسطين وإلى كتيبة جنين هؤلاء الذين يمثلون اليوم أطهر وأنبل ظاهرة عرفتها أمتنا في تاريخها الحاضر لأنكم تدافعون عن أرضها المقدسة بيت المقدس وأكناف بيت المقدس وأنتم تُدفّعون الاحتلال تكلفة باهظة نتيجة احتلاله وعدوانه على شعبنا ومقدسات أمتنا والاحتلال اليوم هو المهزوم امام ارادتكم وامكاناتكم وخبراتكم المتقدمة والمتطورة والموجعة للاحتلال والتي اربكت حساباته وزلزلت اركانه مع وحدة الميدان والتي تعطى بشريات بأن الضفة الغربية التى يعتبرها الاحتلال جوهر المشروع الصهيوني فيها مقتله بأيديكم وليس ذلك على الله بعزيز"

وفي رسالة أخرى قال " إلى آباء وأمهات الشهداء ارفعوا رؤوسكم عالياً لأن فلذات أكبادكم عندما حملوا هم الذين حددوا معالم حياتهم وبدمائهم يرسمون خريطة فلسطين من جديد وامام ناظريهم النهاية الاجمل إما النصر وإما الشهادة ، والشهادة اختيار رباني للأكرم والاجمل والأطهر من عموم البشر ، أرواحهم ترفرف في كل آفاق فلسطين لتزين حياتنا بالرغم من ألم الفراق إلا أن إرادتكم التي تستمدونها من الله بصبركم وحمدكم لله والبسمات ورباطة الجأش التي تظهرونها بصدق هي التي تقهر عدونا وتصنع له هاجسا يلازمه وتغرس في شعور الهزيمة ، هنيئاً لكم هذه الكرامة من الله أن يصطفى أبناءكم ليكونوا لكم شفعاء يوم القيامة"

وقد زفت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي استشهاد قائد المنطقة الجنوبية فيها وعضو المجلس العسكري خالد منصور "ابو الراغب" في قصف بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

كما زفت استشهاد القائد الميداني في سرايا القدس "رأفت الزاملي" الذي انتشل جثمانه من أنقاض المنازل المقصوفة في مجزرة رفح وزياد المدلل نجل القيادي في الجهاد احمد المدلل

وقصف جيش الاحتلال منزلًا مكونا من 3 طوابق بشكل كامل، ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين بينهم القائد منصور وزياد نجل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، فيما أصيب نحو 40 مواطنًا بجراح متفاوتة

كلمات دلالية