في ذكرى استشهاده الأولى

بالصور عائلة الشهيد الجعبري… أبو محمود" تزين بمناقب الشهداء وحافظ على سرية المقاومة

الساعة 08:16 ص|05 أغسطس 2023

فلسطين اليوم

"أبو محمود كان نعم الزوج والأب والقائد والمعلم، حنون القلب، هادئ الشخصية" بهذه العبارات بدأت أم محمود زوجة الشهيد القائد تيسير الجعبري بذكر مناقبه لوكالة فلسطين اليوم الإخبارية في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده بمعركة وحدة الساحات.

بهذه الكلمات بدأت زوجة الشهيد تيسير الجعبري تذكر مناقب زوجها الشهيد لمراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية " أبو محمود لم يكن زوجاً فقط بل كان معلمي ومثلي الأعلى في الحكمة والصبر والتضحية فتعلمت منه الصبر على البلاء ولا أهاب قول كلمة الحق مهما كانت عواقبها"

وتابعت أم محمود حديثها " كنت فخورة جداً بأني زوجة قائد ومجاهد، وكان دائماً يقول سوف تكونين فخورة بأنكِ زوجة الشهيد بإذن الله، مضيفةً كان دائماً يحترم المرأة ويقول أنتن كل المجتمع نصفه وتصنعن النصف الآخر، فأنتن الزوجات الصابرات وأمهات المجاهدين" 

 

تيسير الجعبري
منذ نعومة أظافره مقاوم

 

ولد الشهيد القائد تيسير محمود الجعبري (أبو محمود) في 18 يناير/كانون الثاني للعام 1972، ونشأ في أسرة إسلامية مجاهدة بحي الشجاعية في مدينة غزة.

درس أبو محمود في مدارس الحي وتفوق بدراسته إلى جانب التزامه في المساجد فكان من حفظة القرآن الكريم وصاحب الصوت ندي.

لم يثنه صغر سنه عن مقارعة الاحتلال فبدأ شهيدنا منذ كان في عمر 13 عاماً برمي الحجارة والمتلوف على جيبات الاحتلال.

 

 وفي حوار خاص مع عائلة الشهيد تيسير الجعبري وصف أبو شادي شقيق الشهيد تيسير لمراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية شقيقه قائلاً:" أبو محمود الابن البار بوالديه والحنون عليهم، يقف بجانب إخوانه ويتفقدهم، يساعد الصغير والكبير"

وأضاف أبو شادي " كان الشهيد متعففاً عن المشاكل يحب التماسك ويتحلى بالصفات الحميدة حافظاً للقرآن الكريم وخطيباً في المسجد"

 

عائلة الشهيد الجعبري

وتابع أبو شادي حديثه " وهو في عمر 13 عاماً كان يقاوم الاحتلال بالحجارة، في ذات مرة جاء ضابط المخابرات الإسرائيلية لإلقاء القبض عليه فما كان إلا صاحب عزيمة قوية لا يهاب هذا الاحتلال وهو طفل فرأيت في وجهه شخصية قيادية عنيدة تقاوم الاحتلال"

وأضاف أبو شادي " سُجن أبو محمود في سجون الاحتلال "سجن أنصار" وهو (طفل 16 عاماً) في ظروف قاسية فكانت حافزاً له لمواصلة درب المقاومة حتى دحر الاحتلال الذي شكل نقمة على كافة أبناء الشعب الفلسطيني" 

وتابع أبو شادي حديثه "درس أبو محمود بكالوريوس شريعة إسلامية وعمل معلماً في مدارس الحي وكانت موفرة له كافة الاحتياجات إلا أنه كان يصر على مواصلة هذا الدرب في مقارعة الاحتلال.

وعن عمله الجهادي قال أبو شادي " التحق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي داخل سجون الاحتلال، وبعد خروجه انتمى إلى إطاراها الطلابي ثم تدرج بالعمل العسكري حتى أصبح عضواً عسكرياً بارزاً في المجلس العسكري لسرايا القدس وقائد المنطقة الشمالية.

وأضاف أبو شادي" كان إنساناً يحترم الصغير والكبير، قائد يزرع حب الوطن في روح أبنائه المجاهدين حتى بتنا نحصد هذا الزرع في المعركة الأخيرة على قطاع غزة "ثأر الأحرار"

وتابع أبو شادي حديثه " كان أبو محمود يتمنى الشهادة دائماً ويقول يا ليتني أموت في ساحات المواجهة ولا أموت على الفراش"

 

الزوج والأب الحنون

 

تزوج شهيدنا من قرينته أم محمود التي كانت سنداً وعوناً له في مسيرته الجهادية، وأنجب خمسة من الأبناء واثنتين من البنات ليكون مثالاً للأب والزوج الحنون.

تقول أم محمود " زوجي إنسان طيب وحنون على أهله، مضيفةً رغم انشغاله في عمله الجهادي ومنصبه القيادي يحرص دوماً على تلبية احتياجات أطفاله ويمازحهم ويلاعبهم ويتعامل معهم كالصديق القريب يستمع لمشاكلهم ويرشدهم للطريق الصحيح"

وبنبرة حزينة تابعت أم محمود "في بعض الأحيان نظراً لوضعه الأمني كان يتغيب عن مشاركة أبنائه فرحة نجاحهم في الأماكن العامة خشية على أرواحهم؛ لكن سرعان ما يعوضهم عن هذا الغياب بشراء الهدايا والمباركة لهم داخل المنزل"

وعن أمنيات الشهيد قالت أم محمود "كأي أب كان يتمنى أن يؤسس لأولاده حياة كريمة وبناء لكل منهم شقة، ثم يزوج ابنه الأكبر وفرحته الأولى محمود بعد أن ينهي  دراسة عامه الخامس في تخصص الطب حتى يفرح به قبل استشهاده لكن قضاء الله نافذ"

وأضافت أم محمود" حرص أبو محمود على تعليم أبنائه فكان دوماً يشحذ هممهم ويحفزهم حتى تفوقوا في دراستهم وتخصص محمود الطب بينما تخصصت شهد التمريض، وتخصص محمد الهندسة وحصد معاذ ومعتز ويارا ويامن أعلى الدرجات في مدارسهم.

تيسير الجعبري 2

وتابعت أم محمود "أوصى أبو محمود أبناءه بالتمسك بدينهم وتعليمه حتى يقاوموا المحتل بعلمهم وثقافتهم كما كان الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي والدكتور رمضان شلح"  

رجل العطاء

 

وعن مواقفه الإنسانية قالت أم محمود " تحلى أبو محمود بالسرية التامة في مساعدة الفقراء والمساكين فلم نكن نعرف عن مساعدته للناس إلا بعد استشهاده عندما أخبرونا بذلك"

وأضافت أم محمود " من حبه للتعليم كان حريصاً على مساعدة طلبة الجامعات المتعففين في إكمال رسومهم الجامعية وحثهم على الجد والاجتهاد ومواصلة طريق العلم "

وتابعت أم محمود حديثها " كان في يوم من الأيام مريضاً وحرارته مرتفعة جداً فجاءت سيدة تطلب المساعدة منه فخرج من سريره رغم مرضه لتلبية طلبها في المساعدة"

 

صديق المجاهدين

 

لم يمنعه منصبه القيادي بأن يكون صديقاً للمجاهدين يجلس بينهم ليحدثهم بعض القصص المشوقة لمقاومة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى ويقدم لهم نصائحه وتوجيهاته.

وقالت أم محمود:" خلال شهر رمضان المبارك كان يجهز وجبة السحور للمجاهدين بيده، ثم يذهب لتناولها معهم، مضيفةً كان يُقيم لهم بعض الأمسيات الدينية، فكان صاحب صوت ندي ويقدم لهم الخطب الدينية"

 

تطارده الشهادة

 

منذ نعومة أظافره وتطارده الشهادة فقد تعرض الشهيد تيسير الجعبري لعدة إصابات بالرصاص المطاط خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، ثم تعرض لحادث سير مكث على إثره ستة أشهر، ثم تعرض لعدة محاولات اغتيال كان آخرها في حرب 2014 على قطاع غزة.

تقول أم محمود " كنا متوقعين بأي لحظة يطلع ما يرجع، ومن المواقف الصعبة التي مرت علينا إصابته بعد محاولة اغتياله مع رفقاء دربه الشهداء " رامز حرب، وبهاء أبو العطا" في برج الشروق حيث تعرض لقصف خلال حرب 2014، مضيفةً كان أبو محمود بجانب الشهيد رامز حرب لكن قضاء الله بأن ينجو كما كل مرة.

وأضافت أم محمود "تعرضه لمحاولات الاغتيال عملت على تهيئتنا لاستقبال نبأ استشهاده بكل صبر وقوة" 

 

الاتصال الأخير

 

أسمى ما يتمنى المجاهد بعد مسيرة طويلة من التضحية والجهاد في سبيل الله هو نيل الشهادة فداءً لدينه مدافعاً عن وطنه، فكان الشهيد تيسير دائم التمني بأن يلقى ربه شهيداً في ساحات المواجهة مقبلاً غير مدبر.

 تقول أم محمود عن الاتصال الأخير الذي دار بينها وزوجها:" اتصل عليّ الساعة 12 صباحاً لتهنئتي بذكرى زواجنا وتوصيته لي على صحتي وعلى أبنائي"

وأضافت أم محمود " كان محمود راجعاً من السفر حديثاً وما كان شايف أبوه بسبب الوضع الأمني، فأوصاني بعمل جميع المأكولات الذي يحبه"

وبنبرة حزينة تابعت أم محمود" سألته متى راجع؟ قال: إن شاء الله يوم الأحد بس أنتِ ديري بالك على الأولاد وعلى حالك، فسألته ليش بتحكي هيك؟ في اشي؟ فأجاب لا إن شاء الله ما في إشي بس الاحتلال هدد باغتيالي لو ضربنا عليهم الصواريخ"

وعن نبأ الاستشهاد تمتمت أم محمود بكلمات الحمد والرضا على قضاء الله باستشهاد رفيق دربها " أول ما قالوا في قصف في شقة سكنية حكيت للأولاد أبوكم استشهد!!! حمدت ربنا واحتسبته عند الله شهيد مع الصديقين والأنبياء فعزائي الوحيد إنه نال ما تمنى"

 

في ذكرى رحيله

 

بعد استشهاده استذكرت أم محمود بعض المواقف الصعبة التي فقدوا وجوده،  منها درجة الامتياز التي حصدها محمود بتخصص الطب في جمهورية مصر العربية بعد استشهاده بأيام قليلة، شهر رمضان المبارك ثم عيد الفطر وعيد الأضحى فجميعها مناسبات كانت تتزين بوجود أبي محمود.

ووجهت أم محمود رسالة إلى مجاهدي سرايا القدس كان مفادها " الاستمرار على درب ونهج قاداتكم فأنتم فخر لنا وفلسطين تحتاج إليكم ولمقاومتكم للتخلص من دنس الاحتلال وأعوانه"

وفي رسالة أخرى لزوجات الشهداء قالت أم محمود " أذكركم بكلمات أبي محمود فأنتن صانعات جيل المقاومة والتحرير بإذن الله فدورنا كنساء فلسطين عامة وكزوجات وأمهات الشهداء خاصة غرس الدين والقيم الإسلامية في عقول أبنائنا والمفهوم الصحيح للمقاومة والتضحية في سبيل تحرير بلادنا من الاحتلال"

وتابعت أم محمود حديثها "أنا كزوجة شهيد في المعركة الأخيرة على قطاع غزة "ثأر الأحرار" كنت فخورة بصنيع مجاهدي سرايا القدس وأبناء البهاء وتيسير وخالد والخليل وغيرهم من الشهداء القادة العِظام"

 وختمت أم محمود حديثها بتوجيه تحية إلى روح زوجها الشهيد القائد تيسير الجعبري وقالت "أنت مصدر الفخر والاعتزاز لنا، لطالما كنت شوكة في حلق الاحتلال، فلك ولروحك الطاهرة ألف سلام"

بينما قال ابن الشهيد تيسير الجعبري الأصغر يامن (14 عاماً):" إن شاء الله حنضل مواصلين على نهج والدي في مقاومة هذا الاحتلال حتى تحرير الأقصى ومش حننسى دماءه الطاهرة"

 

وقد شنت طائرات الاحتلال تصعيدًا عسكريًا يوم الجمعة 5 أغسطس 2022 على قطاع غزة استمر لمدة 3 أيام بين حركة الجهاد الإسلامي وجيش الاحتلال الإسرائيلي عقب غدر الاحتلال باغتيال قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري، ما دفع سرايا القدس للرد على الجريمة وأطلقت على المعركة اسم "وحدة الساحات".

وزفت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ثلّة مكونة من 12 قمراً من القادة والمجاهدين الميامين الذين قدّموا أرواحهم ووقفوا في وجه العربدة الصهيونية وارتقوا خلال معركة (وحدة الساحات)، كان أبرزهم القائد الكبير تيسير الجعبري، مسؤول المنطقة الشمالية، والقائد الكبير خالد منصور مسؤول المنطقة الجنوبية.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن العدوان الإسرائيلي أسفر عن استشهاد 44 فلسطينياً وإصابة 360 آخرين بجروح مختلفة.

عائلة الشهيد الجعبري
نجل الشهيد تيسير الجعبري
تيسير الجعبري
تيسير الجعبري 2
 

كلمات دلالية