اللا معقولية في اجتماع اليوم الواحد بالقاهرة

الساعة 01:24 م|30 يوليو 2023

فلسطين اليوم

بقلم :  خالد صادق

وسط أجواء عاصفة وتباين في المواقف والآراء يعقد اليوم في القاهرة اجتماع اليوم الواحد او اليومين لمناقشة قضايا سياسية عالقة منذ أعوام طوال, اجتماع تشارك فيه جل فصائل العمل الوطني, عدا الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة, وقوات الصاعقة, اللتين اشترطتا وقف الاعتقالات السياسية لأجل المشاركة في الاجتماعات, وضرورة مشاركة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في حوار القاهرة, على اعتبار انها حركة فاعلة في الساحة الفلسطينية ولا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال, خاصة اذا ما كانت هناك نوايا صادقة بالفعل لإنجاح حوار القاهرة, الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة الدكتور طلال ناجي قفال «لن نشارك في اجتماعات القاهرة في حال لم تشارك حركة الجهاد الاسلامي وذلك لعدم الإفراج عن المقاومين الفلسطينيين, واضاف نحن نريد إطلاق سراح كل المعتقلين لدى السلطة, لكننا طلبنا إطلاق البعض قبل الذهاب إلى القاهرة، اما الأمين العام لمنظَّمة الصاعقة د. محمد قيس، فأدان استمرار السلطة في الاعتقال السياسي وملاحقة المقاومين مؤكًّدا أنَّ عدم تجاوب السلطة مع مطلب الكل الوطني الإفراج عن المعتقلين السياسيين؛ يعكس رسالة فشل لاجتماع القاهرة», حركة الجهاد الإسلامي حددت مطالب عادلة للمشاركة في حوار القاهرة, وتمسكت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين لدى أجهزة امن السلطة, خاصة ان الاعتقالات طالت عدد من مجاهدي كتيبة جنين, وكتائب المقاومة, ومن بينهم معتقلون تابعون لحركتي حماس وكتائب شهداء الأقصى, وهذه الاعتقالات السياسية تمثل فشلا لاجتماع القاهرة قبل ان يبدأ, وهى اعتقالات تهدف لكسر المقاومة الفلسطينية واضعافها لمصلحة «إسرائيل», وهنا تكمن حالة «اللامعقولية» في اجتماع القاهرة, لأنه مبني على أسس واهنة تتنافى مع ابسط حقوق شعبنا وتطلعاته ونضالاته وتضحياته الجسيمة على مدار سنوات طوال. 

حالة «اللامعقولية» تتجسد بوضوح في اقتصار حل المشكلات الفلسطينية التي ترسخت على مدار أعوام خلال ساعات فقط هي المدة المحددة للحوار, ثم بدت «اللامعقولية» في مخرجات اجتماع انقرة مؤخرا بين رئيس السلطة محمود عباس, ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية, حيث اظهر الاجتماع تباين كبير في مواقف الرجلين, وتباعداً واضحاً في امكانية الالتقاء في المواقف بينهما, فما يظهر امام عدسات الكاميرا, وعبر وسائل الاعلام المختلفة ليس بالضرورة ان يكون معبرا عما يدور خلف الستار وفي أروقة الفنادق محكمة الاغلاق, فالرجلان يحملان مشروعين متناقضين ليس لهما نقطة التقاء, الا بتحول جذري في الموقف السياسي يقوم بتحويل وجهة البوصلة الى الجهة الاخرى المعاكسة, وهذا يبدو مستحيلا, اللامعقولية تكمن أيضا في طرف يتمسك بالمقاومة كخيار استراتيجي لا بديل عنه «حماس», وطرف اخر يؤمن بمسار التسوية الذي لا بديل عنه, ويرى ان التنسيق الأمني مقدس, وان المقاومة «إرهاب», وان من يريد التوافق معه عليه ان يعترف بقرارات الرباعية الدولية, واللا معقولية تكمن أيضا في ان الجهاد الإسلامي الفاعل الرئيسي في الفعل النضالي الثوري ضد الاحتلال الصهيوني ليس مشاركا في الحوار, وبالتالي أي مخرجات تخرج عنه لا تمثل الكل الفلسطيني, ولا تعبر عن اجماع وطني بين كل الفصائل الفلسطينية, والامر لا يعدو كونه أي حوار القاهرة فعلا بروتوكولياً رسمياً اعتاد شعبنا الفلسطيني عليه بين الفينة والأخرى, وهو ورقة تستخدمها السلطة في محاولة لإقناع «إسرائيل» بالعودة لطاولة المفاوضات «المهشمة» حتى لا تضطر الى التوافق مع الفصائل الفلسطينية, والخضوع للضغوط الداخلية التي تتعرض لها, لتبديل مواقفها السياسية, وهى لا تريد ذلك ولا ترغب بذلك لكنها تحتاج لمساندة إسرائيلية.

اجتماع القاهرة القصير لن يستطيع انهاء الانقسام, والشروع بخطوات المصالحة الفلسطينية, والتوافق حول اجراء الانتخابات, ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما, وإقناع السلطة بتعدد الخيارات في مواجهة الاحتلال, فكل هذا راسخ في عقل ووجدان واستراتيجية وقناعة رئيس السلطة محمود عباس ولن يستطيع احد مهما كان تغييره في حوار اليوم واحد او اليومان, فكان يجب ان تعطوا لأنفسكم فرصة أطول للنقاش والحوار, وان تتوافقوا على برنامج وطني لمناقشة القضايا المنوي طرحها في الحوار, لكن لا احد وضع او حدد برنامجاً للحوار, ولم نسمع الا من وفد حركة حماس إنها ستسعى خلال اللقاء إلى «توحيد الموقف الفلسطيني والتوافق على خطة استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الاحتلال».لكن هناك من الفصائل «المجهرية» من يتسابق للمشاركة في حوار القاهرة دون ان يحدد مطالبه وأهدافه, سوى انه «موجود» فقط على الساحة ويشارك في الحوارات, فالبعض يرى ان مجرد المشاركة انجاز, ويرى ضالته في الاستجابة للدعوات, فيشارك فيها دون تحديد اجندة ومطالب واهداف, ويتبع أسلوب «سمك لبن تمر هندي» فالواجب والأمانة والمسؤولية تقتضى ان يتبنى هؤلاء مواقف الشعب الفلسطيني وثوابته, وان يسعوا لحل مشكلاته وقضاياه, وان يخففوا من الأعباء الثقيلة الملقاه على عاتقه,  فان كانوا قادرين على ذلك فليفعلوا, والا فعليهم ان يعيشوا واقع حالتهم التي ارتضوا ان يضعوا انفسهم داخلها, قضيتنا الفلسطينية تمر بمنعطف خطير, وتحتاج لجهود المخلصين من أبناء شعبنا وفصائله الفلسطينية, وتحتاج الى جبهة وطنية موحدة تتوافق على برنامج وطني يتمسك بالثوابت, ولا يفرط بتضحيات شعبنا, اننا نقف على مفترق طرق, طريق يحتاج للنضال والتضحيات والبذل والعطاء, وطريق اخر مظلم ليس له نهاية ومليء بالمتاهات, فأي الطريقين تختار؟!.

كلمات دلالية