الاعتقال السياسي.. تشتيت للجهد وتفتيت للمجتمع وافشال للوحدة

الساعة 12:28 م|18 يوليو 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

ما الذي يحرك السلطة ويدفعها دائما لمربع المواجهة مع الفلسطينيين, لماذا عادت أجهزة امن السلطة لتكثيف سياسة الاعتقال السياسي بحق الفلسطينيين, وهل تحاول السلطة افشال الحوار الفلسطيني قبل ان يبدأ, ولماذا تصر السلطة على الاستمرار في سياسة القمع والعنف ضد الفلسطينيين, في الوقت الذي تتنكر فيه «إسرائيل» لكل الحقوق الفلسطينية, وتتغول على الشعب الفلسطيني والسلطة على حد سواء, وتمارس سياسة العقاب الجماعي بأبشع صورها بحق الفلسطينيين, جريمة الاعتقال السياسي التي تقوم بها أجهزة أمن السلطة في محافظات الضفة الغربية، وشن حملة مسعورة واسعة تستهدف كل ما هو مقاوم ومطارد للاحتلال, تعبر عن توجه لدى السلطة وأجهزتها الأمنية نحو التصعيد تجاه الشعب الفلسطيني, وتدل على ان السلطة حددت خياراتها بشكل مطلق بان تنحاز للاحتلال الصهيوني وتلتزم بالأجندة التي وضعها وحددها الاحتلال الصهيوني لها, ويبدو ان الخطوة التي دعت لها السلطة بلقاء مع الفصائل الفلسطينية في القاهرة والحوار المزمع بين السلطة والفصائل, كان وسيلة فقط لإجبار الإدارة الامريكية والاحتلال الصهيوني على النظر للسلطة وإعادة الاعتبار لها, فهي الكفيلة بحفظ امن «إسرائيل», والقادرة على تخفيض العمل المقاوم في الضفة المحتلة, ليس بسبب قوتها العسكرية, فهي لا يمكن ان تكون اقوى من «إسرائيل» عسكريا, لكن لأنها تعلم يقينا ان الفصائل الفلسطينية, وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي حريصتان على وحدة الفلسطينيين وعلى تشتيت جهودهم في الدخول بصراعات جانبية مع السلطة وأجهزتها الأمنية, وان خيار المواجهة بين الفصائل الفلسطينية المقاومة والسلطة بأجهزتها الأمنية مستبعد تماما من قبل الفصائل الفلسطينية المقاومة, وهى للأسف تستغل ذلك في التضييق على المقاومة وملاحقة افرادها واعتقالهم, وتقديم معلومات عنهم للاحتلال الصهيوني وفق سياسة التنسيق والتعاون الأمني بينها وبين الاحتلال, كمبرر للسماح بوجودها فوق الأراضي الفلسطينية حسب سياسة الاحتلال تجاهها.

هذه الحملة التي قادتها أجهزة السلطة ترافقت مع عدوان الاحتلال الواسع والمتواصل على محافظات الضفة الغربية وقوبلت برفض شعبي وفصائلي واسع لما لها من دور تكاملي مع ما يقوم به الاحتلال في محاولة إنهاء حالة المقاومة المتصاعدة وإخماد جذوتها، وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية جريمة السلطة المتواصلة بحق كوادر حركة الجهاد الإسلامي والمقاومة المتمثلة في اعتقال وملاحقة المجاهدين مؤكدة أن هذه السلوكيات لا تخدم سوى الاحتلال, ودعت الفصائل السلطة إلى ضرورة الإفراج العاجل عن المعتقلين السياسيين وتحكيم العقل معتبرة أن إصرارها على مواصلة حملتها يهدد مؤتمر الأمناء العامين القادم بالفشل, وهذا الامر حذر منه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة بقوله « إن تلك الاعتقالات التي تنفذها السلطة بحق عناصر حركته بالضفة تعرض لقاء الأمناء العامين القادم للفشل» ويبدو ان السلطة باستمرارها في تشديد سياسة الاعتقالات توجه رسالة للفصائل انها غير معنية بإنجاح الحوار الفلسطيني في القاهرة, وان الامر لا يعدو كونه وسيلة ضغط تمارسها السلطة على الإدارة الامريكية والحكومة الصهيونية لإعادة الاعتبار لها, والعودة لتصدر المشهد الفلسطيني بعد شعورها بأن البساط يسحب من تحت قدميها, وانها مهددة بعدم قدرتها على السيطرة على الشارع الفلسطيني, وخاصة في المدن والبلدات والمخيمات شمال الضفة الغربية, فهي تريد ان تقول لإسرائيل والإدارة الامريكية «نحن هنا», لان السلطة تعلم تماما انه ليس هناك أي نقاط التقاء بينها وبين الفصائل الفلسطينية المقاومة, فالتنسيق الأمني لديها مقدس, والمصالحة الفلسطينية مشروطة باعتراف الفصائل بقرارات الرباعية الدولية, والمصالحة تعني حسب مفهوم رئيس السلطة محمود عباس الا تكون هناك أي قوة عسكرية على الأرض موازية لقوة السلطة, بمعني انهاء الاجنحة العسكرية المقاومة, ولا نريد ان نخوض في تفاصيل الحوار الفلسطيني اكثر حتى نترك فرصة للأمل الذي ينغرس في نقطة الصفر, لعل وعسى ان يحيي الله ذاك الميت المسمى «مصالحة» ويبعث فيه الروح مجددا, لكننا بمنطق السلطة وسياستها نبقى كمن ينفخ في قربة مقطوعة.

ندرك جميعا ان الاعتقال السياسي يمثل تشتيتاً للجهد. وتفتيتاً للمجتمع, وافشالا للوحدة, وهذه السياسة ملائمة للسلطة لأنها معنية بتشتيت الجهد الفلسطيني فهو تكليف من المجتمع الدولي والإدارة الامريكية والاحتلال الصهيوني منوط بها ان تقوم به, فوحدة الموقف الفلسطيني يعني قوة الصمود والمقاوم وافشال مخططات الاحتلال, وحالة التناقض بين المواقف السياسية للسلطة, ومواقف الشعب الفلسطيني السياسية تتطلب اضعاف الجبهة الداخلية وتفتيتها, لقد انزلقت السلطة الى مربعات خطيرة ما كنا نظن يوما انها ستصل اليها, لكن لعنة السياسة, وارتباط مصالح الأشخاص بجهات خارجية, وتبني اجندات تتنافى مع الرغبات الفلسطينية, والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني على مدار سنوات الصراع مع الاحتلال, جعل فئة متنفذة داخل السلطة توظف نفسها لخدمة الاحتلال والغرق في مستنقع «العمالة» لا لشيء الا لخدمة مصالحهم الشخصية ومشاريعهم التجارية المرتبطة بالاحتلال وبطاقة الVIB , لكن فصائل المقاومة ستتحاور ولن تتخلى عن ثوابتها او مقاومتها, وستبقى تحافظ على وجهة بوصلتها نحو الاحتلال, وهى تراهن على قدرة الشعب على صنع القرار وتحديد السياسات, فالشعب دائما هو الذي يقود, والمقاومة تبقى رصيد هذا الشعب لتحقيق أهدافه والوصول لغاياته.

كلمات دلالية