كتب ناصر خالد: الاعتقال السياسي

الساعة 12:50 م|13 يوليو 2023

فلسطين اليوم

ناصر خالد

يعتبر الاعتقال السياسي أحد الكبائر والمحرمات لدى الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وتوجهاته الفكرية والتنظيمية وفئاته الاجتماعية، فيعرف المعتقل السياسي بأنه "كل شخص يتم توقيفه بدون تهمة جنائية وبسبب أفكاره وتوجهاته السياسية والوطنية المخالفة لسلطة الحاكمة".

فالاعتقال السياسي هو أحد أدوات القمع الأكثر شيوعاً واستخداماً في عالمنا العربي عامة والفلسطيني خاصةً، وهو سمة أساسية من سمات النظام الدكتاتوري والاستبدادي وهو نمط من السلوك المستحدث الذى دخل إلى الحياة السياسية الفلسطينية مع قدوم السلطة، ويعتبر أحد إفرازات أوسلو بأن يعتقل الفلسطيني أخيه الفلسطيني شريكه في المعاناة و المقاومة.

ويعتبر الشهيد هاني عابد أول معتقل سياسي لدى أجهزة السلطة، حيث وقع هذا الاعتقال بتاريخ 24/5/1994 م  وهو أيضا أول شهيد تم اغتياله في المناطق التي تخضع لسيطرة السلطة وإدارتها وكان ذلك بتاريخ  2/11/1994م و تلاحقت الأحداث بعد اغتياله  لتوصل الشعب الفلسطيني إلى ما يعرف بمجزرة مسجد فلسطين .

وتطور الاعتقال السياسي بعد هذا الحدث، فأصبح يُمارس فيه كل أشكال التعذيب التي تفوق ممارسه الاحتلال وبطرق أكثر بشاعة وشراسة، وتم الإعلان عن تفكيك خلايا المقاومة  والاستيلاء على مقدراتها من عتاد وسلاح  وتصريح عن إفشال عمليات عسكرية.

ولم يقف السقوط عند هذا الحد بل تجاوزه إلى مرحلة الاغتيال السياسي والقتل خارج القانون ضد قيادة المقاومة ليستيقظ الشعب الفلسطيني على حادثة اغتيال كل من الشهيد عمار الأعرج وأيمن الرزاينة وهما قائدان في الجناح العسكري للجهاد الإسلامي وذلك في تاريخ 3/2/1996م الموافق 14 رمضان المكان مخيم الشاطئ .

الفلسطيني حطم كل المحرمات في ممارساته السياسية من أجل أن يجلب ما اعتقد في لحظة أنها وعود صادقة من عدوه  في إقامة دولة فلسطينية وإذ به يحصد الريح بكفيه والندم ويعمق في قلبه الجراح التي لا تشفى إلى  الأبد .

ويبدو أن التاريخ يُعيد نفسة ولكن في جغرافيا وأشخاص مختلفين وكأن الاعتقال السياسي قدر وسيف مسلط على رقاب المقاومين، وما إن خرج الشعب الفلسطيني بكل مكوناته بعد معركة صمود مخيم جنين الأخيرة أكثر وحدة وانحياز لخيار المقاومة وفرحاً واعتزازا بذاته وبمقاومته وظهر ذلك من خلال الحالة الشعبية وما صاحبها من تصريحات رسمية ومقترحات من أجل الوحدة وتحليلات من قبل النخب الاعلامية والسياسية حتى أفق الشعب الفلسطيني على حوادث اعتقال سياسي بحق مقاتلين من كتيبة جنين التي صنعت هذا الصمود معها كل قوى المقاومة الأخرى.

ومن يمارس الاعتقال السياسي يضرب بعرض الحائط كل المواقف والتصريحات التي صدرت عن التنظيمات والشخصيات وفي مقدمتها ما صدر عن الرئاسة الفلسطينية من اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطيني .

ما صدر عن الأمين العام للجهاد الإسلامي من تصريح بأن الاعتقال السياسي يفسد لقاء الأمناء العامين هو دق لجدار الخزان ونفخ في سور الصمت لعل صداها يصل إلى رجل رشيد في مقاطعة رام الله يوقف الاعتقال السياسي حتى لا ينزلق المشهد الفلسطيني ونكرر ما حدث في غزة.

كلمات دلالية