جنين تصنع مجدها من جديد وتبزغ نجمة حرية في سماء فلسطين

الساعة 11:18 ص|06 يوليو 2023

فلسطين اليوم | خالد صادق

 خالد صادق

الحكومة الصهيونية تقول انها تعتبر جولة القتال التي خاضتها في جنين، تمهيد لجولات أخرى من القتال يستعد لها الجيش النازي الصهيوني، ويبدو ان مفهوم الانتصار في أي معركة تغير وتبدل لدى "إسرائيل"، وأصبح نتنياهو يخرج في اعقاب كل عدوان يخوضه ضد المقاومة الفلسطينية سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية ليتحدث عن تحقيق اهداف العدوان وان "إسرائيل" ردعت المقاومة، وهي تحتاج الى سنوات طويلة لترميم وضعها، واستعادة قدراتها القتالية وتنظيم هيكليتها من جديد، وفي كل مرة تثبت المقاومة انها قادرة على النهوض مجددا والبروز بشكل اقوى, وتكشف بأدائها القتالي كذب ادعاءات الاحتلال, الذي يبحث دائما عن صورة نصر زائفة يحاول ان يسوقها على الإسرائيليين, الا ان الأمور سرعان ما تتكشف ويسقط القناع عن الوجوه الزائفة, المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي، قال أن إسرائيل تحضّرت لعملية عسكرية في جنين على مدار العام الأخير، وذلك بسبب تصاعد عمليات المقاومة التي انطلقت منها ومن مخيمها وتعزيز قدرات الفصائل هناك وتحديدا "كتيبة جنين" التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وهو النشاط والنفوذ الذي أربك إسرائيل. وأشار بن يشاي إلى صعوبات تواجه الجيش الإسرائيلي في العملية التي ينفذها بمراكز وجود الفصائل المسلحة وقدرته على التنقل" ما يعني ان العملية في جنين ليست سهلة كما يعتقد الاحتلال, وان المقاومة مستعدة للتصدي للعدوان رغم قلة إمكاناتها القتالية, مقارنة بإمكانات الاحتلال الصهيوني, فان كانت "إسرائيل" تملك قوة السلاح والعتاد, فان المقاومة الفلسطينية تملك قوة الإرادة, وتستطيع بإرادتها تحقيق المعجزات, وهو ما تحقق في ملحمة جنين مؤخرا, والتي افشلت العدوان, ومنعت الجيش الصهيوني من تحقيق أهدافه, وحافظت المقاومة في جنين على حضورها القوي عسكريا وميدانيا.

 

من الواضح ان إسرائيل تبحث عن تغير تكتيكها في أي معركة ستخوضها بعد ان تكبدت خسائر كبيرة في عدوانها الهمجي على جنين فالكاتب الإسرائيلي يارون فريدمان يكشف في مقاله على موقع “زمن إسرائيل” حجم التخوفات الإسرائيلية من مخيم جنين ومدينته الواقعة شمالي الضفة الغربية والتي تبرز دوما كمنطقة عصية على الاحتلال خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي. ويقول ان هناك حقيقة لا نستطيع إنكارها وهي أن مخيم جنين ينهض دائما بعشرات المقاومين الموحدين تحت راية المقاومة وليس تحت أي راية فصائلية، كلما اعتقد فيها الإسرائيليون أن المقاومة ضعفت وانهارت في الضفة الغربية. فيما يقول بن يشاي إن الجيش الإسرائيلي فقد عنصر المفاجئة بهذه العملية العسكرية التي تم الحديث عنها كثيرا في وسائل الإعلام، الأمر الذي من شأنه أن يعقد الأمور لدرجة أن يتحول الهجوم على جنين إلى مواجهة في الضفة عامة، وهو الأمر الذي لا تريده إسرائيل, فما الذي حققه الاحتلال من مكاسب خلال عدوانه على جنين, هناك اثني عشر شهيدا, ثلاثة منهم فقط من كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي, وهذا دليل على كذب نتنياهو ووزرائه, فالمقاومة في جنين ما زالت متماسكة, وقادرة على توجيه ضربات للاحتلال, والأيام القادمة ستثبت ان جنين خرجت اقوى من هذه المعركة, وانها ستبقى حاضنة المقاومة في الضفة, وايقونة جنين ستبقى حاضرة بصمودها الأسطوري, وملحمتها البطولية التي تسطر تاريخ ناصع لقوة شعبنا وتلاحمه مع المقاومة الباسلة, فقوة الأداء المقاوم مستمدة من قوة الحاضنة الشعبية وتماسكها ودعمها المطلق واللامحدود للمقاومة, فمشهد اشتباك المقاوم مع جنود الاحتلال, كان يصاحبه مشهد ملازمة المواطنين الفلسطينيين المدنيين للمقاوم وكأنهم يحمونه من صواريخ الاحتلال, لذلك دائما ما نجد معظم الشهداء لدى شعبنا من المدنيين الفلسطينيين الابرياء .

 

انعكاس أداء المقاومة الفلسطينية في جنين على الحاضنة الشعبية كان مؤثرا جدا, خرجت الجماهير في اعقاب نهاية العدوان الصهيوني على مخيم جنين لتحتفي بالمقاومة وتهتف لكتيبة جنين, وتؤكد على خيارها المقاوم الذي لا بديل عنه, خرجت الجماهير لتهتف لأمين عام الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة, وتحيي أداء السرايا والمقاومة الفلسطينية, وقد حملت الجماهير رسالة واضحة وجهتها للجميع بما فيها السلطة الفلسطينية, ان المقاومة هي الخيار, ولا بديل عنها, وان الشعب قادر على تحقيق إنجازات ضد الاحتلال من خلال الفعل المقاوم, والسلطة مطالبة بتغيير موقفها, والايمان بان المقاومة هي اقصر طرق الوصول الى تحقيق الأهداف, والمقاومة حق مشروع ومكفول للشعوب المحتلة وفق القوانين والشرائع الدولية, وان "إسرائيل" التي تحللت من اتفاقيات التسوية, ولم تعترف بقرارات مجلس الامن والأمم المتحدة, تحتاج الى قوة حقيقية لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني منها, ستبقى جنين بيت المقاومة, ومنبع الثورة, وقبلة الاحرار والثوار, وهى التي تعطي دائما نموذجا في تحقيق الانتصارات, وتخرج من بين الركام كطائر العنقاء لتنفجر كالبركان في وجه الاحتلال, لقد ظن نتنياهو ان تجربة عدوان 2002م على مخيم جنين مثلت حالة ردع لأهلها ومقاومتها, لكنه فوجئ ان الأداء المقاوم اقوى واكثر قدرة على ايلام الاحتلال, وان الشعب الفلسطيني يصنع من جراحه والامه جسورا للانتصار, الضربة التي لا تميته تقويه, واليوم جنين بصمودها وقتالها تصنع مجدها من جديد, وتسطع نجمة حرية في سماء فلسطين.