خبر قائد قوات الحرس الوطني شمال القطاع: « إسرائيل » احتلت غزة عام 67 بالتمويه

الساعة 04:09 م|05 يونيو 2009

فلسطين اليوم : غزة (قسم المتابعة الإخبارية)

على الرغم مما شكلته نكسة حرب حزيران من صدمة كونها الحرب التي احتلت فيها إسرائيل ما تبقى من فلسطين التاريخية، إلا إن من خاضوا غمار هذه الحرب وعايشوا تبعاتها يجمعون على أن ما تمر به القضية الفلسطينية منذ أن ضرب الانقسام الساحة الفلسطينية في الشهر نفسه قبل عامين، كان اشد خطرا على القضية ومستقبل الشعب الفلسطيني.        

ويرى الشاعر عمر خليل عمر الذي شغل منصب قائد قوات الحرس الوطني في شمال قطاع غزة وكان تحت إمرته إبان نكسة حزيران 1100 جندي، أن ما يمر به الشعب الفلسطيني حاليا من انقسام عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران عام 2007 يعد اشد سوءاً من نكبة العام 48، ونكسة 67، متسائلا عن الغنائم التي يسعى إليها كل طرف من طرفي الانقسام "حركتا فتح وحماس".

وقال عمر "لم يتبق للفلسطينيين ما يستحق أن يختلفوا عليه فالاحتلال مازال قائما ومستوطنوه ينهبون الأرض وجيشه يعمل ليل نهار على تهويد مدينة القدس، أما غزة فما زالت تئن تحت وطأة الحصار فماذا تبقى لهم كي يختلفوا عليه".

وحول تفاصيل عدوان العام 67 على قطاع غزة، أشار عمر إلى أن لواء الجنود الذين كانوا تحت إمرته تم تسليحهم بالأسلحة الخفيفة من نوع كلاشنكوف دون أن يتم تزويدهم بالأسلحة الثقيلة ومضادات الدبابات والطائرات.

ويقول عمر "كانت قيادة الجيش المصري ومعها قيادة قوات التحرير الشعبية تتوقع أن يشن الاحتلال هجومه على قطاع غزة من الجهة الشمالية "حدود بلدة بيت حانون" وعلى الرغم من ذلك، لم يتم تزويدنا بأجهزة الاتصالات اللاسلكية، حيث كنا نجري اتصالاتنا مع القيادة عبر الهواتف الميدانية، ولكن الروح المعنوية للجنود كانت مرتفعة".

وبين عمر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت هجومها على قطاع غزة من الجهة الجنوبية، الأمر الذي فاجأ الجميع وأربكهم، موضحا انه تلقى في الثاني من حزيران عام 67 أي قبل اندلاع الحرب بيومين برقية من العميد محمود خفاجا نائب القائد العام المصري ابلغه فيها نصاً باحتمال قيام العدو بهجومه اليوم او غدا من جهة سيناء أو منطقة رفح جنوب قطاع غزة.

وقال: هذه كانت آخر برقية واتصال جرى بيني وبين قيادة الجيش, فبعد يومين من وصول هذه البرقية شن الاحتلال هجومه على غزة ولم نكن نحن في الشمال نعلم بذلك ولم تبلغني القيادة بالهجوم فظللنا لعدة أيام لا نعلم بتفاصيل الحرب وواصلت وجنودي البقاء في شمال قطاع غزة حتى العاشر من حزيران بعد أن احتلت إسرائيل جنوب ووسط قطاع غزة وفي العاشر من حزيران دخلت قوات الاحتلال إلى شمال القطاع.

وأشار في هذا السياق إلى انه قاد هذا العدد الكبير من الجنود وهو برتبة ملازم أول، مؤكدا أن أسس ومبادئ القيادة العسكرية تقتضي في هذه الحالة تعيين ضابطا برتبة عسكرية متقدمة لقيادة مثل هذا العدد من الجنود.

وأضاف علمت من احد الجنود أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت باجتياحها لشمال قطاع غزة من اتجاه بلدتي بيت لاهيا وجباليا فما كان مني بعد أن علمت بسقوط جنوب ووسط القطاع وفي ظل ضعف الإمكانات العسكرية المتوفرة لدينا إلا وأن اصدر أوامري للجنود بالانسحاب فوراً.

وبين أن الأنباء التي كانت ترد من مدن قطاع غزة التي سقطت تباعا كشفت أن قوات الاحتلال كانت ترفع على دباباتها أعلام الدول العربية فهذه دبابة رفعت العلم الجزائري وأخرى رفعت علم العراق وثالثة رفعت علم مصر كوسيلة من وسائل التمويه العسكري التي استخدمته إسرائيل كي تقلل من الخسائر في صفوف جنودها لدى دخولها وسط المدن حيث انطلت هذه الخدعة على المدنيين, أما العسكريون ممن بقوا في مناطق متفرقة فسقط العديد منهم بنيران الأعيرة النارية الثقيلة لدبابات الاحتلال حيث شهدت العديد من مناطق القطاع مقاومة من قبل الجنود ولكن كانت مقاومة ارتجالية استشهد فيها عدد كبير من الضباط والجنود.

ولفت عمر الذي كان يبلغ آنذاك 29 عاما إلى أن غالبية الجنود بعد أن صدرت إليهم أوامر الانسحاب حملوا أسلحتهم وانخرطوا فيما بعد بصفوف المقاومة ضمن قوات التحرير الشعبية وطلائع المقاومة العسكرية التابعة لحركة القوميين العرب التي انبثقت عنها في وقت لاحق الجبهة الشعبية.

وأشار عمر إلى الصدمة التي شعر بها أهل غزة لدى سماعهم خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أعلن حينها استقالته حيث لم يكن هناك من يتوقع تلك الهزيمة مؤكدا أن  خطاب عبد الناصر كان له وقع الصاعقة على مسامع الفلسطينيين فهم لم يتوقعوا هزيمة الجيوش العربية المدججة بالأسلحة.

وأوضح انه بعد شهرين من نكسة حزيران بدأت عناصر المقاومة خاصة من قوات التحرير الشعبية والجبهة الشعبية وحركة فتح في تنفيذ عمليات عسكرية متفرقة على شكل حرب الشوارع التي استهدفت دوريات الاحتلال واستمرت حتى منتصف السبعينات حيث اعتقل الاحتلال أعدادا كبيرة من عناصر المقاومة وسقط العديد من الشهداء, مشيرا إلى انه اعتقل في مطلع عام 68 وأمضى ثماني سنوات في سجون الاحتلال.

واعتبر عمر بعد مضي ( 43 عاماً ) على نكسة حرب حزيران و61 عاما على نكبة عام 48 أن ما يمر به الشعب الفلسطيني حاليا من انقسام اشد خطرا على الشعب الفلسطيني من النكبتين المذكورتين.