خبر نكسة حزيران 67: حرب قصيرة .. انتهت باحتلال أراض من 3 دول عربية

الساعة 03:39 م|05 يونيو 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

تحل اليوم الذكرى الثانية والأربعون لحرب حزيران (يونيو) 1967 أو حرب الأيام الستة التي اندلعت بين إسرائيل والدول العربية، وانتهت باحتلال إسرائيل مساحات واسعة من الأراضي العربية حيث استولت بقوة السلاح على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان. ورغم أن شبه جزيرة سيناء عادت إلى مصر بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فإن الضفة والقطاع والهضبة ما تزال خاضعة للاحتلال. وقد اصطلحت الرسمية العربية على تسمية هذه الحرب بالنكسة، لما انطوت عليه من خسارة كبيرة.

تعد حرب 1967 الحرب الثالثة في سياق الحروب العربية - الإسرائيلية، وقد اندلعت في 5 حزيران (يونيو) العام 1967 بهجوم إسرائيلي على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء. وكان هذا الهجوم النقطة الفاصلة بين فترة ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد والحرب الشاملة بين إسرائيل وكل من مصر، والأردن، وسورية.

وقد تدخلت الولايات المتحدة بقوة في هذه الحرب حيث أمدت إسرائيل بكل أنواع السلاح بواسطة جسر جوي أقيم لهذا الغرض، بينما اتهمت حكومات عربية الاتحاد السوفييتي بالتخاذل والتخلي عن حلفائه العرب في حرب لم تستغرق أكثر من ستة أيام وانتهت بكارثة عسكرية وسياسية في التاريخ العربي المعاصر.

مقدمات الحرب

تشكلت حالة التوتر تدريجيا منذ نهاية العام 1966 ففي 15 أيار (مايو) 1967 عبرت قوات برية كبيرة من الجيش المصري قناة السويس ورابطت في شبه جزيرة سيناء لإظهار حالة الاستعداد، ودفع ذلك الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان حالة تأهب في صفوف الجيش الإسرائيلي. وفي 16 أيار (مايو) طالب الرئيس المصري إخلاء قوات الأمم المتحدة من سيناء وقطاع غزة. وقد كانت هذه القوات الدولية تراقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومصر منذ العام 1957. وغادرت قوات الأمم المتحدة المنطقة في 18 أيار (مايو) 1967. وفي 22 أيار (مايو) أعلنت مصر إغلاق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل سببا للحرب. وفي 5 حزيران (يونيو) شن الجيش الإسرائيلي هجوما على القوات المصرية في سيناء.

جذور الحرب - ما بين أزمة السويس وحرب حزيران 67

انتهت أزمة السويس بانسحاب إسرائيلي من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة في 8 آذار (مارس) عام 1957 ووافقت إسرائيل ومصر على دخول قوات دولية تابعة لـلأمم المتحدة  إلى المناطق التي انسحبت منها إسرائيل لحماية وقف إطلاق النار. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد الانسحاب أن إسرائيل ستعتبر إعادة إغلاق ممر تيران أمام سفن إسرائيلية سبباً لحرب. وبين آذار 1957 ونيسان 1967 كانت الحدود بين إسرائيل ومصر هادئة نسبياً، بينما تكثفت الاشتباكات بين إسرائيل وسورية في 1964 بشأن النزاع على استغلال مياه نهر الأردن.

معركة السموع

في تشرين الثاني (نوفمبر) 1966، انتهى التفاهم بين الحكومتين الإسرائيلية والأردنية بشأن تهدئة الحدود الطويلة بين البلدين حيث قُتل 3 جنود إسرائيليون بانفجار لغم على خط الهدنة قرب قرية السموع بجنوبي الضفة الغربية في لواء الخليل الذي كان تابعا للمملكة الأردنية، فشنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً على القرية الحدودية وهدم بيوتاً كثيرةً فيها وادعت إسرائيل آنذاك أنها أوقعت عشرات الإصابات في صفوف الجيش الأردني واعترفت بمقتل إسرائيلي واحد في تلك المعركة. لكن تقارير الأمم المتحدة أكدت أن خسائر الجيش الأردني لم تزد عن 16 شهيدا. وقد أعلن الإسرائيليون فيما بعد أن قائد الحملة الإسرائيلية في هذه المعركة قد لقي حتفه أثناء القتال. وكان قرارات الأمم المتحدة عند إعلان وقف إطلاق النار في العام 1948 قد نصت على أن تخلو الضفة الغربية من الأسلحة الثقيلة كالدبابات والمدفعية الثقيلة، إلا أن استخدام الإسرائيليين لهذه الأسلحة في معركة السموع، دفع القيادة الأردنية إلى إقرار دخولها تحسبا لأي هجوم آخر بنفس المستوى.

طوال الشهور الأول من عام 1967 كانت الجبهة السورية مع إسرائيل مشتعلة بنيران متقطعة بين الجانبين، بسبب الاشتباكات المدفعية بين الجانبين وتسلل وحدات من المهاجمين الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل وتسلل وحدات كوماندوز إسرائيلية إلى الأراضي السورية، وكان الاتجاه العام داخل إسرائيل يميل للتصعيد العسكري مع سورية، وفي يوم 5 نيسان (أبريل) أعلن رئيس وزراء اسرائيل ليفي أشكول في الكنيست: "إن إسرائيل قررت أن ترد بالطريقة التي تراها ملائمة على سورية، وأن الطريق إلى دمشق مفتوح"، وفي 7 نيسان (أبريل) 1967 أسقطت إسرائيل 6 طائرات سورية من طراز ميغ 21 على خلفية تصاعد التوتر بين الجانبين، و تبادل لإطلاق النار والقصف، وبعد هذه الحادثة أصبحت التوقعات مفتوحة على كل الاحتمالات، وكان هناك اعتقاد بأن الحرب ستنشب لا محالة بين سورية وإسرائيل، فعلى الجانب السوري زادت العمليات الفلسطينية ضد الإسرائيليين، وعلى الجانب الإسرائيلي هدد رابين و أشكول الجانب السوري بأن الأسوأ لم يأت بعد، وأخبرت وكالة المخابرات الأميركية الرئيس ليندون جونسون باحتمالية وقوع تحركات ضد سورية، وتوصل المصريون إلى نفس الاستنتاج، وأبلغ وكيل وزارة الخارجية السوفيتية سيميونوف نائب الرئيس المصري أنور السادات أن ليفي أشكول بعث برسالة إلى الكسي كوسجين رئيس الوزراء السوفييتي حول الأوضاع على الجبهة السورية الإسرائيلية يحمل فيها سورية مسئولية الاستفزاز، وأن رئيس الوزراء الروسي قام بتقريع السفير الإسرائيلي بسبب حشد اسرائيل لقواتها ضد سورية، فأخبره السفير الإسرائيلي أنه مخول بنفي تلك المعلومات، وان ليفي أشكول طلب من السفير الروسي الذهاب بنفسه لزيارة الجبهة الشمالية للتأكد، فرفض الأخير معللا ذلك بقدرة الإتحاد السوفييتي على معرفة الحقيقة بوسائله الخاصة.

وفي 13 أيار (مايو) 1967 أبلغ مندوب المخابرات السوفييتي "سيرجي" (كان مستشارا بالسفارة السوفيتية بالقاهرة) مدير المخابرات العامة المصرية بأنه هناك 11 لواءً إسرائيليا محتشدا على الجبهة السورية، وفي 14 أيار (مايو) أصدر المشير عبد الحكيم عامر أوامره بوضع جميع وحدات الجيش المصري على أهبة الاستعداد، بسبب الحشود الإسرائيلية الكثيفة على الحدود مع سورية، وعندما ناقشه رئيس العمليات اللواء أنور القاضي في عدم جاهزية الجيش للحرب، اخبره المشير بألا يقلق، فالقتال لم يكن جزءا من الخطة الموضوعة وإنما استعراض كرد على التهديدات الإسرائيلية لسورية.

وفي 15 أيار (مايو) ذهب الفريق محمد فوزي إلى سورية، ولم يستطع الحصول على أي معلومة تؤيد المعلومات الروسية، وحتى الصور الجوية لم تظهر أي تغيير في مواقع القوات الإسرائيلية في يومي 12 و 13 أيار (مايو). وفي 15 أيار (مايو) بدأت مصر بتكثيف قواتها في سيناء، ورأت الاستخبارات الأميركية والبريطانية أن هذه التحركات هي "تحركات دفاعية تهدف لإظهار للتضامن مع السوريين في وجه التهديدات الإسرائيلية"، حتى أن الإسرائيليين لم يظهروا قلقا كبيرا تجاه هذه التحركات، وذهب القادة الإسرائيليون للمشاركة في احتفال عسكري بالذكري التاسعة عشرة لقيام دولة إسرائيل. وفي 16 أيار (مايو) طالبت مصر القوات الدولية بالخروج من أراضيها في خطاب وجهه الفريق أول محمد فوزي إلى قائد القوات الدولية الجنرال الهندي ريخي يطالبه فيه بسحب جميع جنوده، للحفاظ على سلامتهم، وذلك بسبب حالة التأهب التي أعلنها الجيش وتركيز القوات على الحدود الشرقية استعدادا لأي هجوم من إسرائيل. وكان الإسرائيليون مازالوا في حالة تركيز على الوضع السوري. وفي 22 أيار (مايو) أعلنت مصر إغلاق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية المتجهة إلى ميناء إيلات، واعتبرت إسرائيل هذه الخطوة إعلان حرب نسبة إلى تصريح رئيس وزرائها بعد أزمة السويس.

وفي 5 حزيران (يونيو) 1967 شن سلاح الجو الإسرائيلي هجوما مباغتا على جميع المرافق الجوية المصرية ودمرها خلال 3 ساعات مطلقا بذلك شرارة الحرب.

العمليـات العسكـرية

عند الشروع بالعمليات العسكرية استثمرت القيادة الإسرائيلية جملة عوامل الهدف منها جني الأرباح من معركتها المزمعة، وأهمها:

بسبب صغر حجم إسرائيل النسبي ومحدودية جيشها استخدمت استراتيجية استندت فيها على الاستفادة من جميع العوامل والظروف والطاقات من سوقية وتعبوية عسكرية منها تحديد الأهداف من الحرب، حيث رأت إسرائيل أن من أهم الأهداف المتوخاة من الحرب تثبيت ركائز الدولة العبرية، كما اعتمدت إسرائيل بسبب هشاشة تكوينها كدولة على دول عظمى من خلال عقد المعاهدات الإستراتيجية التي من خلالها تقدم الخدمات الكبيرة لتلك الدول أو من خلال تأثيرات الجاليات اليهودية المتنفذة سياسيا واقتصاديا فيها أو ما يسمى باللوبي الداعم لإسرائيل المشكل في الولايات المتحدة من الزعامات والقيادات اليهودية الأميركية.

واعتمدت إسرائيل على الحرب الإعلامية. وأطلقت حملة من الحرب النفسية.

وقد استغلت القضية اليهودية القديمة في أوروبا المستندة على ما يسمى "بالعداء للسامية" واضطهاد نظام هتلر لهم بما يسمى محارق الهولوكوست.

أطلقت حملة دعم في أميركا وإنجلترا تحديدا من خلال الكنائس البروتستانتية ذات العقيدة القريبة من الفكر اللاهوتي التوراتي معتمدةً على التلمود المشترك بين اليهودية وتلك الطائفة التي يدين بها اغلب الإنجليز والأكثرية الساحقة من الأميركان.

كما استغلت إسرائيل عوامل عربية داخلية مثل انشغال الدول العربية بانقلابات فاشلة أو بلبلة داخلية كتكفير الإخوان المسلمين للحكومة المصرية ومحاولاتهم قلب نظام الحكم والتحريض على حرق معامل حلوان الأمر الذي أشغل الدولة كثيراً. وكذلك استثمرت الأدوار التي لعبها الجواسيس من اليهود العرب وغيرهم مثل منير روفا الذي اختطف طائرة ميغ 21 وعزرا ناجي زلخا وايلي كوهين وغيرهم، في جمع المعلومات عن السلاح العربي للتعرف على أسراره ومواجهته والعمل كطابور خامس لتحطيم الجبهات الداخلية العربية.

واعتمدت على مبدأ التفوق في السلاح فبعد أن كانت القوات العربية متفوقة تسليحيا لغاية العام 1965 عقدت إسرائيل عددا مهما من الاتفاقات لإعادة تسليحها بأحدث الأسلحة الغربية.

واعتمدت كذلك على مبدأ التفوق الجوي في ساحة المعركة ذلك لوهن الجندي الإسرائيلي ومحدودية حيلته وعدده. وبنت قيادة الجيش والأركان الإسرائيلية خططها على الانفراد بكل جبهة عربية على حدة لعدم إمكانيتها فتح أكثر من جبهة في آن واحد.

واعتمدت على الدول الكبرى من خلال عدم فسح المجال للقوات العربية بالمبادأة واختيار الزمان والمكان المناسبين لأي تخطيط عسكري تعبوي وعدم فسح المجال أو إعطاء فرصة للقوات العربية لتنظيم قطاعاتها لصد الهجوم أو القيام بهجوم مقابل من خلال التزام الدول الكبرى الأعضاء بمجلس الأمن بإصدار قرار وقف إطلاق النار بعد إتمام العدوان مباشرة لإظهار العرب وكأنهم اخترقوا القرارات والمواثيق الدولية وبهذا يستحقون الردع والعقاب.

أثناء بدء العمليات قامت القوة الجوية الإسرائيلية بضرب المطارات والقواعد الجوية العربية وتحطيم طائراتها، وكذلك استفادت من الضربة الجوية التي قامت بها القوات الجوية الأميركية والبريطانية اللتان كانتا متمركزتين في قاعدتى هويلز والعدم بليبيا وكان من أهم نتائج هذه الضربة تحييد سلاح الجو المصري والذي كان بإمكانه تقديم الدعم والغطاء الجوى للقوات المصرية أثناء العمليات العسكرية أو حتى أثناء الانسحاب، ثم استثمرت تحرك الوحدات العربية في عملية إعادة التنظيم الخاصة بالقيادة العربية المشتركة وشنت هجوماً بالدروع باستخدام أسلوب الحرب الخاطفة على الضفة الغربية التي كانت تابعة للأردن وعلى مرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة الذي كان تابعاً لمصر ولسيناء كل على انفراد حيث استعملت الأسلحة المحرمة دولياً كالنابالم وقذائف البازوكا. وحدث ارتباك لدى القوات المصرية بسبب قرار الانسحاب العشوائي الخاطئ الذي أصدره القائد العام للقوات المسلحة المصرية المشير عبد الحكيم عامر، في الوقت الذي قررت فيه الوحدات السورية إعادة تنظيمها للرد على المعركة أو الضربة الأولى. إلا أن مجلس الأمن سارع بإصدار قرار وقف إطلاق النار ففسح ذلك المجال أمام القوات الإسرائيلية لتنظيم وحداتها فيما يسمى عسكرياً استثمار الفوز.