كتب د. محمد مشتهى: فلسفة قتال صحيحة

الساعة 03:59 م|19 يونيو 2023

فلسطين اليوم

ما يحدث في الضفة الفلسطينية وخصوصاً في جنين البطولة يؤكد أن الثمن الذي دفعته الجهاد الإسلامي من دماء قادتها ما هو إلا ثمن في سياق إشعال بؤرة الصراع الحقيقي والأكثر ألما للعدو الصهيوني، وأن المراكمة الحقيقية لقدرات المقاومة صارت تظهر جلياً مع مرور الوقت في مدن وقرى الضفة، فمن السكين إلى الكارلو إلى استهداف الحواجز إلى العبوات الناسفة البدائية ثم تطويرها إلى محاولة تصنيع الهاون، كل ذلك يؤكد بأن مراكمة القوة لا تعني التخزين والتطوير فقط كما يريد أن يسوقها البعض وإنما الأهم هو تفعليها، ومع التفعيل تزداد المراكمة قوة وتأثيراً، وكل من ينادي للمراكمة وتطويرها دون تفعيلها وإشغالها ما هي إلا دعوات غير صحيحة وربما هي هروب من إستحقاق المشاغلة، لذلك بتقديري كانت إستراتيجية سرايا القدس في الضفة المراكمة لأجل المشاغلة وهي ما أثبتت نجاحها على المستوى الميداني وخير دليل ما يحدث في الضفة الفلسطينية الآن.

إن تفعيل ما يتم مراكمته من قوة لا يزيد من الامكانيات المادية فحسب بل يزيد من إحتضان الجماهير للمقاومة ويرفع من منسوب الالتفاف حولها، فهذا العموري الجميل الذي لم يمتلك من الامكانيات المادية إلا سلاح واحد فقام بتفعيله، فما الذي حدث بعدها؟ إلتفت الجماهير من حوله ثم إقتدت به، وتلك هي المراكمة البشرية وهي الأهم بالمناسبة، فماذا يعني التثوير؟ التثوير هو ألا تبقى تقاتل وحدك في الميدان، بل تقاتل وعينك على شد المزيد من المقاتلين والمساندين لفكرتك وهذا هو جوهر وفلسفة التثوير التي عملت بإخلاص عليها الجهاد الإسلامي وسراياها المظفرة.

من يريد تثوير الجماهير عليه أن الاّ يلتفت للمكاسب الحزبية بل عليه أن يضع نصب أعينه المكاسب والقضايا الوطنية الكبيرة، وهذا ما تفعله الجهاد الإسلامي في الضفة الفلسطينية منذ ما يزيد عن العامين وهي تحاول جاهدة لرص صفوف المقاومين وعدم التفرقة بينهم من أجل شيئ واحد فقط وهو قتال العدو وما دون ذلك هوامش كما قال د. الشقاقي رحمه الله.

كل ما سبق هو إغاظة للعدو الذي كان عادة ما يستفيد من حالة النزاع الحزبي فيعمل على إلهاء المقاومين وحواضنهم وإشغالهم وحصرهم في زوايا حزبية ضيقة، الجهاد الإسلامي بكتائبه المظفرة منتبهة لذلك وتعمل عكس ما يريده العدو، وهذا ما سمعناه مباشرة في برنامج ما خفي أعظم عندما تحدث المسؤول العسكري لسرايا القدس القائد أبو محمد العجوري عندما قال: كل المقاتلين هم أبناءنا وكل الشهداء شهداءنا وليس مهم من يتبنى الشهيد، المهم أن نقاتل عدونا مجتمعين، وقد أكد على هذا المفهوم مرارا الأمين العام الراحل د. رمضان شلح والأمين العام الحالي القائد ابو طارق النخالة.

إن فلسفة القتال التي تتبعها الجهاد الإسلامي هي رائدة في تاريخ النضال الفلسطيني وهي مدعاة للفخر واثبتت نجاحها في الضفة الفلسطينية حيث تجد الكل الفلسطيني هناك من كل الفصائل بقياداتهم ورموزهم وطلابهم يشيدون بفعل السرايا دونما طلب منهم، وهذا نتاج حتمي للمناضل الذي يؤثِر على نفسه من أجل الوطن، وإن في معركة ثأر الأحرار الأخيرة الكثير من العبر والشواهد على ذلك، حيث كانت الجماهير بقياداتها وكتّابها ومحلليها هي التي تتحدث عن بطولات السرايا وهذا أقوى وأنبل وأرقى وأكثر تأثيرا في الراي العام، المهم هو التركيز على الفعل الميداني والإمعان في إيذاء العدو والتقدم عليه ولو بخطوة واحدة ثم أنظر بعدها ماذا سيحدث في الرأي العام؟

الجماهير لها عقول وتميز لوحدها بين من يطلق شعارات ثم ينفذها وبين من يطلق شعارات فارغة

الجهاد الإسلامي الآن بكل جدارة هي تقود ميادين الشرف في كل الساحات ومعها كل الشعب الفلسطيني وهذا ليس مدعاة للتكبر والعياذ بالله ولكن هي حقيقة ماثلة أمام العيون، وهذا يضيف الكثير من التحديات على الحركة وأبنائها بالتمسك أكثر بتطبيق فلسفة القتال والنضال التي تقودها الجهاد الإسلامي على كافة المستويات وخصوصاً المستوى الاعلامي والجماهيري

كلمات دلالية