خبر بداية جديدة مزدوجة .. هآرتس

الساعة 11:02 ص|05 يونيو 2009

بقلم: أسرة التحرير

الخطاب الاستثنائي للرئيس الامريكي في القاهرة أمس يرمي، على حد تعريفه الى "البحث عن بداية جديدة" بين الولايات المتحدة والاسلام. البداية حيوية بعد سنوات من العداء والاغتراب بين الادارات الامريكية وبين المسلمين والعرب. الخطابة الفاخرة لبراك اوباما، الصدق والمباشرة اللذين عرض بهما تاريخ العداء بين الاسلام والغرب والطريقة التي رسم فيها المسارات المناسبة التي ينبغي ان تسير فيهما هاتان الحضارتان العظيمتان كي تقيما شراكة،  فتحت افقا جديدة لمنظومة العلاقات بينهما. هكذا، على الاقل، ينبغي الامل.

ولكن ليس فقط جدول اعمال ايديولوجي جديد رسمت امس الولايات المتحدة اوباما. فحتى لو غابت عن الخطاب الخطوط الحادة للخطة السياسية والاستراتيجية لتطبيقه، فان جدول الاعمال السياسي واضح بما فيه الكفاية وهو يصدر عن البنية الايديولوجية الجديدة. وحسب هذه البنية لا يوجد في نظر اوباما متساوون اكثر ومتساوون اقل. حق اسرائيل في الوجود كدولة مستقلة وسيادية ليس افضل من حق الفلسطينيين. معاناة ومهانة الفلسطينيين تحت الاحتلال لا تطاق وعليه، فيجب استبدالها بحقوق انسانية وسياسية، مثلما هو لا يطاق وضع المواطنين الاسرائيليين الذين يعيشون تحت تهديد الصواريخ. وبالاساس، المستوطنات هي مخلوق غير شرعي – سواء سميت بؤرا ام بلدات. لا يدور الحديث فقط عن حقائق سلبية على الارض بل عن عراقيل عملية في وجه مسيرة السلام.

اوباما لا يعفي أي طرف من المسؤولية، ولا حتى الادارة برئاسته. توزيع الادوار واضح وهو يستند الى خريطة الطريق والمبادرة العربية. على الفلسطينيين ان يكافحوا الارهاب وان يقيموا حكومة مسؤولة. على اسرائيل أن تكف عن الاستيطان وان تعترف بحقوق الفلسطينيين. على الدول العربية أن تعترف باسرائيل دون ان تنتظر حل النزاع وعلى الادارة الامريكية أن تبذل كل جهد كي تربط كل اطراف الخيوط.

في حكومة اسرائيل كان هناك من خشوا من الخطاب، الذي يأتي على خلفية التوتر في العلاقات مع الادارة، وفي اوساط المستوطنين، كما هو متوقع، انطلقت اقوال حازمة ضده وضد السياسة التي يتبناها. وغير قليلين بين الجمهور سيرون في الخطاب مجرد ضريبة كلامية للدول العربية والاسلامية، على حساب اسرائيل. وبالمقابل، في الجانب العربي والاسلامي سيكون هناك كثيرون يحتفلون بانتصار "عدالتهم" على "عدالة" الاسرائيلي وسيرون في الخطاب انجازا في كونه انعطافة استراتيجية في سير العملاق الامريكي.

ولكن الطرفين سيخطئان خطأ جسيما اذا ما تركوا الخطابة الفاخرة لاوباما تترسب لتصبح ملاحظات هامشية في المناكفة المتبادلة. إذ انه وضعت في القاهرة أمس امام ليس فقط امام الاسلام والغرب، بل وايضا، وربما اساسا، امام اسرائيل، الفلسطينيين والعرب بشكل عام الفرصة لبداية جديدة. بدون تهديد وبدون اكراه ولكن مع وعد وتعهد امريكي بالعمل كعامود من نار يوجه، يشجع ويطور المسيرة السياسية. ليس لحكومة اسرائيل، مثلما ليس للحكومة الفلسطينية الحق في تجاهل هذه الفرصة ووضعها في جارور هدر الفرص. ثمن الهدر لن يقاس في جودة العلاقات مع واشنطن بل في حياة الناس.