"الطفلة هاجر" .. روح أبيها التي قتلها الاحتلال

الساعة 05:15 م|23 مايو 2023

فلسطين اليوم

تغني "هاجر البهتيني" ابنة الخمسة حروب بصوتها الناعم بعد عودتها من روضتها مرتمية في أحضان أبيها، "يا روح الروح"، "يا هاجر" يرد عليها مدللها، لتعيد ترتيل أغنية ألفّت كلماتها على مسامع أبيها، وتكمل "قلبك مجروح"، يطاوعها الأخير بذات الابتسامة وخفة روح "يا هاجر"، وكلما ذكر لها اسمها زادت في الغناء الحزين الذي ملأ صوتيهما معاً.

باحتفاظ ذاكرة الهاتف الذكي بالكثير من المقاطع المسجلة، تحولت ذاكرته في ليلة وضحاها إلى ألبوم ذكريات مكدس بالصوت ومقاطع الفيديو القصيرة، فقد وثقت علاقة الطفلة الصغيرة بمن حولها، وملاطفتها للصغير والكبير وبث الحياة في أرجاء البيت لأنها تحمل لقب "آخر العنقود، سكر معقود".

فجر التاسع من شهر مايو الجاري، حملت معه فاجعة الفقد المروّع بعدما غدرت الطائرات الحربية الإسرائيلية بالبيوت الآمنة وكان بيت الصغيرة "هاجر" واحداً منها.

لم تعد "هاجر" ووالديها على قيد الحياة، بعدما تركت البيت برفقة أمها وأبيها المتعلقين بحضورها ومداعبتها فهي "دمية البيت" كما يسميها أخيها الأكبر "هادي"، "لم تحتفل هاجر بثوبها المجهز لبوم حفلة تخرجها من الروضة"، يقول شقيقها.

أما ندى الشقيقة الأكبر تُعرّف عن نفسها بقولها "أنا أخت الشهيدة عصفورة الجنة هاجر"، وتضيف: "بابا دخل البيت في الليل عشان خاطر هاجر بدها إياه، بس هاجر وبابا وماما صاروا مع بعض في الجنة".

تنبش ندى ابنة العشرة أعوام ركام البيت الذي تحول لكومة ركام، خرجت وأختها سارة وأخيها هادي من تحت أسقفه المتهتكة بفعل تفجره بالصواريخ وهم نيام بداخله، فغدت ناجية وأخيها من الموت، ممتلئة بلحظات الصدمة والذهول وبشاعة المنظر.

وصفت ندى ما رأته عيناها كأنه حلم مخيف لا يمكن استيعابه بعقل واحد، ولكن الحقيقة انه حدث حقيقي فقد على إثره أركان أسرتها الثابتة "أمها وأبيها وأختها الأصغر".

أبت هاجر إلا أن ترحل مع والدها، فكان يصفها بـ "روحه"، تقفز أمام عيني شقيقها مشاهد من هذا الحب، "أبي شديد السرية والتحركات الأمنية، عاد للبيت في تلك الليلة لشدة تعلقه بأختي هاجر فنامت بقربه، كانت صاحبة صوت عذب كوالدي ودائمًا تنشد له، وينشد لها".

في حي التفاح شرق مدينة غزة، ولدت الطفلة هاجر البهتيني مع أربعة من الإخوة، وفي الحي ذاته ودعت الحياة من تحت أنقاض بيتها المنسوف بصواريخ حربية مدمرة، فرحلت وهيا على مشارف إنهاء عام دراسي يفترض أن يختتم بحفلة كبيرة داخل رياض الأطفال ولكنها حملت على الاكتاف شهيدة.

وعلى مدار 5 أيام من العدوان الهمجي على قطاع غزة، حصد الاحتلال الإسرائيلي أرواح ستة أطفال واضعًا حدًا لأحلامهم الوردية التي رسموها على جدران بيوتهم دون أدنى مراعاة للإنسانية.

المصدر: وكالة الرأي الفلسطينية للإعلام

كلمات دلالية