حصاد خمسة أيام من "ثأر الأحرار"

الساعة 03:43 م|16 مايو 2023

فلسطين اليوم

حصاد خمسة أيام من "ثأر الأحرار".. د.سفيان ابو زايدة

بعد خمسة ايام من المواجهة، انتهت جولة اخرى من جولات المواجهة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة التي كان في صدارتها الجهاد الاسلامي استشهد خلالها ثلاثة وثلاثين فلسطينيا من بينهم خمسة اطفال واربعه نساء، وستة من القيادات العسكرية البارزة ومئات الجرحى اضافة الى تدمير اكثر من عشرين منزل تدميرا كاملا.

خلال هذه الايام اطلق من غزة ما يزيد عن الف صاروخ وصل مدى بعضها الى تل ابيب في الشمال و بئر السبع في الجنوب ومشارف القدس في الشرق مما عطل حياة اكثر من اثنين مليون اسرائيلي بشكل كلي او جزئي اضافة الى الخسائر الاقتصادية التي تقدر بملايين الدولارات عدى عن الاضرار النفسية التي لم تستطع القبة الحديدية ان تشكل غطاء كافيا للتخفيف منها فأستعانوا لاول مره بمقلاع داوود لحماية سماء تل ابيب والقدس التي تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد مليون دولار مقابل صاروخ القبة الحديدية التي تبلغ تكلفته خمسين الف دولار فقط.

السؤال هو من الذي خرج منتصرا او منكسرا في هذه المعركة؟

اولا اسرائيل التي بدأت العدوان بأغتيال القادة العسكريين الثلاثة حيث ارادت ان تعزز قوة الردع التي تآكلت خلال السنوات الاخيرة وتغيير المعادلة التي كانت قائمة طوال السنوات الماضية. ارادت ان تكون المعركة يومين او ثلاثة على اكثر تعديل من خلال الاستفراد في الجهاد الاسلامي. من ضمن الاهداف ايضا تعزيز الجبهة الداخلية على اثر الشرخ الذي حدث في المجتمع والنظام السياسي الاسرائيلي. وكذلك اراد نتنياهو ان يستفيد من هذا العدوان لعمل صيانه على حساب الدم الفلسطيني لحكومته التي بدأت تظهر مؤشرات التفكك و كذلك صيانة لشعبيته التي تراجعت الى درجة الانهيار وفقا لاستطلاعات الرأي الاخيرة.

بعد انتهاء الجولة، ما الذي حققته اسرائيل من كل هذه الاهداف، هل تعززت قدرة الردع لديها وهو الهدف الرئيسي من العملية؟ الاجابه بشكل قاطع لا، بل العكس تماما، قدرة الردع الاسرائيلي بعد هذا العدوان تآكلت اكثر رغم اغتيال ستة من قيادات الجهاد الاسلامي وتفاخرهم بسهولة الوصول الى كل من يريدون.

في المرة القادمة عندما تفكر اسرائيل بأغتيال اي قيادي سيحسبون الف حساب وان قالوا غير ذك. الانتقادات ستكون كثيرة وستعلوا الاصوات التي تقول لمتخذي القرار في اسرائيل ان غزة عصية على الكسر وان هذه المواجهة لم تغير من الواقع شيء ولا احد يستطيع ان يضمن ان لا تكون هناك جولة اخرى بعد شهر او اقل او اكثر. وان المطلوب ليس تكرار هذه السياسة الفاشلة في التعاطي مع غزة سياسيا وامنيا واقتصاديا وانسانيا، وان الفشل الحقيقي الذي سيتكرر في كل مره هو في غياب استراتيجية تقدم حلول جذرية للوضع الفلسطيني بشكل عام بما في ذلك غزة.

ثانيا الجهاد الاسلامي

فُرضّت المعركة على الجهاد الاسلامي بعد اغتيال القادة الثلاثة ولم يكن هناك خيار ولم يكن متوقعا غير ان يرد على عملية الاغتيال ردا يتناسب مع حجم هذا الاعتداء وحجم هؤلاء القادة.

رغم خسارته لستة من خيرة قياداته العسكرية خلال ايام المواجهة الا ان الجهاد خرج من هذه المعركة مرفوع الرأس، ليس فقط لم يرفع الراية البيضاء بل خرج على الاقل من الناحية العسكرية والمعنوية اكثر قوة، ليس فقط لم يتم ردعه رغم خسارته بل اصبح اكثر جرأة واكثر قدرة على توجيه صفعات مؤلمة اذا ما تعرض الى اعتداء في المستقبل.

ثالثا حركة حماس

لقد حرصت اسرائيل منذ البداية على ان لا تدخل حماس هذه المعركة بشكل مباشر لان دخول حماس يعني ان المواجهة ستكون اكثر شراسة وان امدها سيطول وهي غير معنية بأن تدخل في مواجهة مفتوحة مع غزة تقودها حماس، على الاقل في هذه المرحله وفي هذه المعركة.

طوال ايام العدوان حرص الناطقين العسكريين والسياسيين ووسائل الاعلام على عدم التطرق لحماس او اتهامها بأنها جزء من المعركة على الرغم من ان كل البيانات التي صدرت كانت بأسم الغرفة المشتركة التي توجد فيها كل الفصائل وعلى رأسها حماس، وعلى الرغم من التصريحات لقيادات حماس وقيادات الجهاد التي يفهم منها بأن هناك تنسيق بين كل المكونات العسكرية في غرة بما في ذلك حماس.

على الرغم من الانتقادات التي وصلت الى حد التهكم على موقف حماس، لكن استطيع القول ان حماس خرجت من هذه المعركة كأكثر المستفيدين من خلال عدم مشاركتها بشكل فعلي او مباشر في هذه المعركة.

يتم النظر الى موقف حماس على انه موقف مسؤول غير متهور وغير عاطفي وجَنب الشعب الفلسطيني في غزة مزيدا من الخسائر والدمار والشهداء والجرحى، وبالمناسبة غالبية الناس يؤيدون هذا الموقف حتى الذي انتقد و تهكم واتهم ايضا كان بداخله راض عن موقف حماس.

ماذا يعني ذلك، هذا يعني ان حماس التي اكتسبت شرعيتها وشعبيتها فلسطينيا واقليميا من خلال البندقية، هذا الموقف المتزن والمسؤول سيساعد في اكتسابها شرعية دولية ايضا.

حماس عمليا تسير في نفس الطريق التي سارت فيه فتح ومنظمة التحرير. شرعية شعبية ووطنية من خلال البندقية وفيما بعد شرعية دولية من خلال بوابة البرغماتية والاعتدال وتحمل المسؤولية.

رابعا السلطة الفلسطينية والرئيس عباس

لا شك ان السلطة الفلسطينية بعناوينها المختلفة من اعضاء تنفيذية ورئيس وزراء ووزراء واعضاء لجنة مركزية بذلوا جهدا لكي تكون السلطة حاضرة غير مغيبة وتتحمل المسؤلية السياسية والاخلاقية تجاه ما يجري في غزة من عدوان اسرائيلي. الا انه كان من الواضح غياب كلي للرئيس الفلسطيني ابو مازن وكأنه غير ذي صله بما يجري لابناء شعبه. ليس لنا في هذا المقام سوى ان ندعو له بحسن الخاتمة.

خامسا واخيرا الموقف المصري المشرف والمسؤول والذي هو ليس بغريب او استثنائي على مصر ورئيسها التي دوما حاضره لمساندة الشعب الفلسطيني. كان لمصر الدور الاساسي والحاسم في وقف العدوان الاسرائيلي على ابناء شعبنا رغم ما واجهه الوفد المصري من صعوبات نتيجة التعنت الاسرائيلي. شكرا مصر شكرا للرئيس السياسي.

كلمات دلالية