كيف يمكن تجاوز نظرات الشهيد؟

الساعة 11:53 م|15 مايو 2023

فلسطين اليوم | عبد الرحمن شهاب

تحاصرني صورهم المتناثرة في كلّ مكان، عيناهُ تتجه إليّ أيما توجهت، وكأنها تحدثني وتريدُ أن تقول شيئًا، لا تحتاج أن تخبرني بهِ في المنام أو بكرامةٍ من كرامات الشهداء، لا افهمها لكنها تشبه نظراتك "طارق"، عندما كان لا يعجبكَ كلامنا وعندما تغرق في البحث عن الكلام، وتشبه انحناءة "أبو هادي" عندما يحاولُ أن يأخذ الحديث بعيدًا ليعود إلى حُجته بطريقة أخرى، ليقنعنا بتغيير اتجاه الريح وأن نصحو من ذاك المنام، أو مسبحة "أبو أنس" عندما يشهرها في وجهنا كي نتوقف عن الكلام.
ماذا تريدون أن تقولوا لنا بعيونكم التي تطاردنا، فقد فجعتنا بِصَمتها اليوم، وحال بيننا بعد الزمان وبعد المكان؟! كيف لي أن أقف عند قبره لأقرأ الاسم وصاحبه لا يشاركني القراءة، بل وأقرأ الفاتحة وألقي عليه السلام؟! ويح قلبي ومن لي وقد سقط بين ذراعيّ رأس بوزن الجبال، أهي قاصمة الظهر؟ أم صعقة كهربائية لاستعادة قلبي الذي توقف؟
أعودُ إلى الماضي لأستعيد التوازن وأبحثُ عني في عينيه، ما الذي كان يُرضيه؟ وأين اعتراضه؟ فقد كان يقدّمني عنه في كل مكان وزمان، ومن أجلي كان يعود بخطوته للوراء، ربما كان يجاملني ليستأثر بما هو أجدى من هذه الحياة، فاليوم توقفتُ متمسكًا بالحياة وهو الذي اقتحم العقبة، لقد ظننتُ أن تأخري وتقدمك هذه المرة كان إيثارًا لجمائلك كيوم الكتيبة، يوم استقبالنا، يوم أن تأخرتُ عن معانقة بيتي وأهلي قبل أن أطمئن إلى أين ستذهب أو أين سيأخذونك وأين تبيت، لكن هذه المرة سبقتني بمسافة طول الزمان وبعد المكان، لم يعد ما يمكن ان أفعله لك يليق بقامتك ويليق بحسنك وجمال طهرك وطيب سريرتك وعلانية شهادتك، لكن طمعي ورجائي عندك - وهو بكم حفيًا – أن تتشفع لي كي يربط على قلبي، فقد فاق فراقكم كل احتمال.

كلمات دلالية