رجُل الظل

بالفيديو خليل البهتيني... عاشقُ الشهادة ذو الصوت الرخيم والنظرة الثاقبة

الساعة 06:50 م|10 مايو 2023

فلسطين اليوم

"حارت فيك العقول، شهدت فيك العدول، يا حبيب قلوب مجاهدينا" بهذه الأنشودة والكلمات الجميلة كان خليل الشاب يرثي صديقه المقرب شادي الكحلوت في بداية انتفاضة الأقصى العام 2001، فلم يكن أحد يعلم بأن ذاك المُنشد العشريني صاحب الصوت الرخيم سيكون واحداً من أبرز القادة العسكريين في الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في يوم من الأيام.

إنه خليل صلاح البهتيني "أبو هادي" المولود في مدينة غزة في تشرين الثاني من العام 1978، فقد تربى في كنف أسرة مجاهدة من عائلات مدينة غزة، وسرعان ما التحق في صفوف المقاومة منذ ريعان شبابه، وبسبب ذلك اعتقله الاحتلال وهو لم يتجاوز الـ13 ربيعاُ خلال انتفاضة الحجارة عام 87. سرعان ما انتمى الشهيد خليل لحركة الجهاد الإسلامي التي آمن بأفكارها ومعتقداتها وصوابية منهجها الذي يؤمن بمركزية فلسطين في الصراع مع العدو الصهيوني، فكان الشهيد خليل من أوئل من التحقوا بالعمل الطلابي التابع لحركة الجهاد الإسلامي في انتفاضة الحجارة، ومن ثم تردج في العمل التنظيمي والعسكري في مختلف المجالات.

صاحب الصوت الرخيم

عُرف عن الشهيد القائد خليل بالهتيني بتمتعه بصوته المميز الرخيم، فكان ذو قدرة كبيرة على التأثير في من يقابله، هذا الأمر تحصل عليه من خلال عمله في إحدى فرق الإنشاد الفنية التابعة لحركة الجهاد الإسلامي والتي كانت تسمى "النور- عشاق الشهادة" في أوخر التسعينات وأوائل انتفاضة الأقصى.

قام بتأسيس شركة رؤى للانتاج الفني مع صديقه الشهيد وائل البيطار، فكان منهمكاُ في تسجيل الاناشيد والأعمال الفنية التي كان يؤمن أنها تساهم في التأثير بالشباب الفلسطيني الذي يستهدفه الاحتلال بشتى الوسائل. فهو الذي قال ذات مرة لأحد أصدقائه "المحافظة على استمرارية التغذية الوطنية للأطفال، إذ ثمّة حرب تستهدف تغريبهم وطنياً وخلقياً ودينياً، ومن واجب من يمتلك الموهبة أن يقف في هذا الثغر"

يقول الشهيد القائد البهتيني عن هذه الأنشودة: "حارت فيك العقول، شهدت فيك العدول، يا حبيب قلوب مجاهدينا": "هذه الأنشودة كان يعشقها صديقي الشهيد شادي الكحلوت، وكان هي بمثابة الشريط المصور الثاني لفرقة عشاق الشهادة التي كان أحد مؤسسيها".

ويضيف: "بعد صدور هذه الأنشودة أصبحت محط سماع الآلاف من الشباب، ولكنها أصبحت مهمة أكثر بعد استشهاده الشهيد شادي عام 2001 لأنه هو من قام بإنشادها".

 

هادئ ذو نظرة ثاقبة

تدرج البهتيني في العمل العسكري في سرايا القدس، وكان له شرف المشاركة منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 في العديد من عمليات صد الاجتياحات "الإسرائيلية" التي كانت تستهدف الأحياء الشرقية لمدينة غزة.

نظراً لتميزه بحس أمني عالي وهدوء كبير يلازمه نظرة ثاقبة، وبُعده الدائم عن الظهور على الإعلام؛ أُوكل له مهمة تأسيس جهاز الأمن في سرايا القدس خلال الانتفاضة الثانية، وكان ممن ترك بصمة واضحة في هذا المجال، بالإضافة لدوره الواضح في الجهاز الدعوي لسرايا القدس، كما شارك في تعزيز القدرة الصاروخية لسرايا القدس وتطويرها بشكل مستمر في السنوات الأخيرة حتى بات أحد أخطر المطلوبين للاحتلال بسبب هذه الصواريخ التي اربكت الاحتلال.

عمل البهتيني في الإعلام الحربي التابع لسرايا القدس وتولى مهام مسؤولية هذا الجهاز في قطاع غزة بعد استشهاد القائد صلاح الدين أبو حسنين عام 2014، وكان له دورٌ بارز في تطوير منظومة الإعلام في حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس، وتوّج ذلك بفضائية القدس اليوم التي كان أحد مؤسسيها، وكان ملازما للشهيد القائد بهاء أبو العطا وتعرض للاستهداف أكثر من مرة وأصيب في بعضها كان أهمها استهداف برج الشروق عام 2012.

سطع نجمُهُ عقب اغتيال الاحتلال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس بهاء أبو العطا، في تشرين الثاني 2019، بعدها سلطت العديد من الصحف العبرية الضوء عليه، واتهمته بأنه هو المسؤول عن عمليات إطلاق الصواريخ على اسدود وعسقلان في حينها. وعقب اغتيال قائد المنطقة الشمالية، القائد تيسير الجعبري، في معركة "وحدة الساحات" في آب/ اغسطس 2022، تولى البهتيني قيادة المنطقة الشمالية.

كانت الخاتمة مشرفة للرجل الذي لطالما لم يُكثر الظهور الإعلامي وكان دوماً يعمل في الخفاء بساحات القتال، فكم كان يحب الشهادة في سبيل الله ويعشقها منذ زمن بعيد، وهو الذي كان ينشدها في أناشيده مخاطباُ الشهداء "حارت فيك العقول، شهدت فيك العدول، يا حبيب قلوب مجاهدينا".

كلمات دلالية