مضى الوقت سريعاً، تماماً كما استعجلت الرحيل، تحثُّ الخطى إلى رضوان الله وجنته، نحسبك من أهلها والله حسيبك، مضيت أخي إبراهيم الحساينة وما زلنا نروي ظمأ نفوسنا من قطرات الندى المتحدرةِ من على جبينك، ما زال نورك الفياض ينير لقلوبنا وحشة الطريق وهي تسافر عبر الزمن، ما زلنا نتدثر بذاك الورع المحمدي، والزهد الذي كان يتجمل بك.
نعم فمن الناس من يتجملُ بهذه الصفات لكنك أنت زدتها جمالاً وبهاءً، ما زلتُ عبثاً أبحث عن قلبٍ كقلبك في صفائه وحسن سريرته، حتى مع من يخالفونك الرأي والموقف، فأرجع خائباً حسيراً، فأنىّ لي أن أظفر بمثلك سيدي أبا جعفر.
كلما التقيت أو اجتمعت بأحدٍ ممن عرفوك أو رافقوك في سنيّ حياتك المليئة بالتضحية والجهاد، أدركُ تماماً أنني ما زلت على شاطئ بحرك الطامي ولم أظفر بمكنونه من النفائس والجواهر..
يا من تركت في كل قلب فرحة، ورسمت على الوجوه بسمة، وعبرت بجموع الملهوفين والمكلومين أمواج الحياة الهادرة حتى وصلت بهم إلى بر الأمان ومهدت لكل طالبِ علمٍ أو محتاجٍ أو مكروبٍ طريقه لبلوغ حاجته ومراده، فجزاك الله عن ذلك حباً لا ينتهي وذكراً لا ينقطع، ومعهما ألم الفراق ووجع الفقد الذي يذيب أكبادنا شوقاً ولوعة لرؤياك ومجالستك، ولكنه أمر الله الذي قدره ولا راد لأمره.
ولكن حسبنا أننا على موعدٍ للقاء بصحبة حبيبنا المصطفى وآل بيته الكرام في جنة لا نصب فيها ولا وصب
وحتى ذلك الحين أرجو من الله أن يصبرنا ويربط على قلوبنا حتى تظلَّ مشتاقة وفيةَّ لعهدكم، رحمك الله وطيب ثراك، ورزقنا السير على خطاك..