إلى روحك يا عدنان

الساعة 07:13 م|04 مايو 2023

فلسطين اليوم

بقلم: رئيس تيار الفكر الشعبي - لبنان د. فواز فرحات

إنه لم يكن إضراباً عن الطعام، بل إضراب عن الذل والهوان والتثاقل إلى الأرض .. إضراب امتد إلى سبعة وثمانين يوماً متواصلة، عاند في أثنائه الأسير الفلسطيني البطل، الشيخ خضر عدنان، حتى الرمق الأخير، قوات البغي والظلم والقهر الصهيونية وغير الصهيونية، قارعاً باب الحرية الحمراء القانية بكل قوة، هذه الحرية التي كان ينتزعها دائماً بعد كل إضراب، لكنها عاندته هذه المرة حتى أُعلن استشهاده فجر الثلاثاء في زنزانة باردة في سجن الرملة الإسرائيلي،

بعد معركة إضراب خاضها عن الطعام واستمرت 87 يوما رفضا لاعتقاله.

إن هذا "الاحتلال الغاشم" الذي اغتال الأسير الشيخ خضر عدنان عن سبق إصرار" وعن نية مسبقة لقتله، لا بد دافع الثمن، عاجلاً غير  آجل ..

‏إنها عملية قتل موصوفة ممنهجة، ضربت عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الإنسانية والدولية رغم الوضع الصحي بالغ الخطورة الذي كان عليه الشهيد بعد نحو ثلاثة أشهر من الإضراب المتواصل عن الطعام، ورفض حتى آخرها إجراء الفحوص الطبية، وكما في كل إضراباته السابقة امتنع عن أخذ المدعمات الغذائية أيضا.

إنها بطولة أسطورية فاقت كل البطولات، وسطرت بالدم والروح ملحمة رائعة من ملاحم الصمود والإباء والعنفوان لن يمحو ألقها الزمن ..

لقد شكل إضراب الشيخ عدنان حالة نادرة وتاريخية ومفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني، وأحرج إسرائيل محلياً وعربياً ودوليا" هذا الكيان المجرم الذي عجز عن النيل من حريته وكرامته رغم اعتقالاته التعسفية المتكررة.

وشرفني في معرض استشهاده أن أعيد نشر وصيتة المعلنة في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، التي أرسلها الشيخ الأسير مكتوبة لعائلته، والتي ما قرأتها إلا أبكتني وقال فيها:

 "أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي…". وأوصى زوجته بأطفاله، ودعاها إلى "قول الحق في كل زمان ومكان…". وأضاف أن "خير بيوت فلسطين هي بيوت الشهداء والأسرى والجرحى والصالحين".

وقال عدنان في وصيته "إذا كانت شهادتي. فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان".

وفي كلمته للشعب الفلسطيني، قال عدنان: "هذه أرض الله، ولنا فيها وعد منه، إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيهم فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب".

"فالحرية قدر أيضاً"

أي صمود أسطوري هذا الذي يقدمه الأسير الفلسطيني خضر عدنان .. وأية قصة أسطورية تلك التي قدمتها وسطرتها زوجته، السيدة المناضلة العظيمة، رندة موسى التي تواصل عملها أمًّا تعول تسعة أبناء، وفي الوقت ذاته مناضلة من الطراز الرفيع تدافع عن زوجها.

كل التحية والإكبار لروحك يا عدنان، و وكل الإعجاب والتقدير لصمودك وتفانيك يا أم الرجال .. ولتكونوا يا أحرار العالم وأشرافه في كل مكان على يقين من أن أمة تنجب أمثال عدنان خضر وعدي التميمي والآلاف غيرهم، لن تهزم أبداً، ولابد لفجر الحرية والنصر المؤزر أن يبزغ، ولو بعد حين، فهو وعد من الله، وحاشى لله أن يخلف وعده ..

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر .. والحمد لله رب العالمين ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون بإذن الله ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

كلمات دلالية