تقرير عيدٌ ثقيل في 99 بيتاً: حزن وفقد وذكريات مؤلمة لا تُنسى..!

الساعة 01:49 م|19 ابريل 2023

فلسطين اليوم

99 بيتاً لن الترى الفرح في عيد الفطر المبارك هذا العام، يسكن قلوب أصحابها الحزن والألم والفقد، ستسبق دموعها تكبيرات العيد في ساعات الفجر الأولى، لا تقوى ألسنتهم على تبادل كلمات التهنئة والمعايدة، فمن كان يصنع بسمتها غيبته رصاصات حاقدة..

99 عائلة شهيد، في الضفة المحتلة وقطاع غزة، فقدتهم من بداية مطلع العام الجاري، بينهم أطفال ونساء، حيث تصدرت عدة محافظات الشهداء، وهي بالترتيب جنين، ونابلس، والخليل، والقدس، وأريحا وطولكرم وغزة.

فـ"إسرائيل" حوًلت الضفة المحتلة لكتلة لهب مشتعلة خلال الشهور الأولى من العام الحالي، ليمر شهر رمضان صعباً وقاسياً بعد أن غاب عن مائدة الإفطار من كان يصنع بسمتها وضحكتها، ليأتي عيد الفطر المبارك ويفتح جرح الفقد والألم الذي لم يندمل بعد..

فمنذ بداية العام الحالي كانت الضفة على صفيحٍ ساخن، اشتدت فيه حدة المواجهات والاشتباكات مع قوات الاحتلال، واشتعلت نقاط التماس في معظم مناطق الضفة، فارتقى منذ بداية العام 99 شهيداً.

فجنين، ونابلس، والخليل، والقدس، وأريحا وطولكرم، تأن حزناً على شبانها ومقاوميها، ولا تشعر بأجواء العيد التي تحولت لأيام حزن وغصةً في القلب..

هذه الأيام تمر طويلاً على أمهات وذوي الشهداء، الذين فقدوا أبنائهم خلال العام الحالي، ومنهم من لم يستطع أن يودعه أو يلمسه اللمسة الأخيرة قبل الوداع الأخير، فلا أمنية ليلة العيد سوى لمسة أخيرة تشفي قلوبهم..

أم "جميل العموري" الذي يخلد اسمه من بين قادة المقاومة في الضفة المحتلة، استطاع أن ينقش تاريخاً مشرفاً من الجهاد والنضال والرجولة، ومواجهة العدو الصهيوني ليكمل الطريق من بعده جمهور من المقاومين، تستذكر في هذه الأيام نجلها الشهيد.

تقول العموري لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": جميل كان الأقرب لقلبي على الرغم من وجود أربعة أبناء لي ولدان وبنتان، إلا أنه كان الأقرب لها ويعد صديق لها، على الرغم من الوقت الكبير الذي يقضيه خارج المنزل.

وتشير العموري إلى أن جميل كان يفاجئها دوماً بما يعطيه لها، فكان يكرمها دائماً، بما يسر قلبها، ويحرص على رضاها وأن تكون سعيدة، على الرغم من انشغاله الدائم عنها بالمقاومة...

لا تطلب العموري بعد استشهاده سوى أن يعود لها جثمان نجلها لتحتضنه وتودعه، حيث يحتجز الاحتلال جثمانه منذ استشهاده في 10 يونيو 2023.   

مقعد فارغ

أما والدة الشهيد فادي غطاس فتمر أيامها ثقيلة وهي ترى مقعده كل يوم خالياً أمامها على مائدة الإفطار، خاصةً أنا لم تعرف مصيره حتى الآن، فكل ما قاله الاحتلال إنه استشهد خلال محاولته تنفيذ عملية دون أن ينشر صورة أو فيديو للعملية أو جثمانه..

استشهد فادي في الثاني من سبتمبر/أيلول 2022 بعد إطلاق جنود الاحتلال النار عليه بشكل مباشر على حاجز بيت عينون شمال شرق الخليل، ومنذ ذلك الحين يحتجز الاحتلال جثمانه، دون السماح لعائلته بمعرفة مكانه أو رؤيته.

دينامو البيت

لا تتمنى والدته عدلة غطاس في حديثها لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" سوى أن تدفنه وتكرمه باستشهاده..

وعن فادي في رمضان، تعود لتتحدث الوالدة التي تفتقده في كل لحظة:" كان هو دينامو البيت في رمضان، قبل الإفطار كان يقوم بشراء متطلبات الإفطار وخاصة الحمص و الفلافل و العصائر".

كان فادي يفضل أطعمة معينة على السحور، وهو ما جعله يكتب لوالدته قائمة بأكله المفضل ويثبتها لها على الثلاجة، وأكثر ما كان يفضله في رمضان هو المنسف، والقطايف الصغيرة "العصافيري" المحشوة بالجبن.

وبعد الإفطار يخرج فادي للمسجد لصلاة التراويح، وبعد صلاة التراويح، اعتاد فادي مع أصدقائه ممارسة رياضته المفضلة وهي ركوب الدراجات الهوائية لساعات.

أمنية كل أمهات الشهداء

وبحسب الوالدة فإن نار قلبها لن تبرد على فادي وتصدق أنه استشهد إلا بعد أن تستلم جثمانه، "كيف ستستقبلين فادي حينها؟" سألناها فردت:" سأقبله وأضمه طويلا إلى صدري، وأريد أن أحمل نعشه وأمشي في جنازته حتى أدفنه وأرتاح وأريحه".

وتابعت: "هذه أمنية كل أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم".

عيد ثقيل

"وفاء عياد" من مخيم الدهيشة القريب من بيت لحم، كان شهر آذار/ مارس شهر مميزا، ففيه رزقت بطفلها الوحيد، وفيه كان يحتفل معها على مدار ١٥ عاماً بأمومتها، ولكن هذا العام يعود هذا العيد ثقيلاً على قلبها وروحها وهي التي فقدت طفلها آدم برصاصة.

تقول عياد لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "حتى الأن لا أستطيع أن أصدق أنه رحل، أراه في كل مكان حولي، وكل لحظة أتخيل أنه سيدخل من باب البيت".

واستشهد عياد بعد إطلاق جنود الاحتلال رصاصة باتجاهه اخترقت قلبه، وترك والدته بوجعها الكبير" فراقه صعب، في قلبي وجع كبير لم ينقص منذ استشهاده".

 

وتتابع عن آدم: "كان طفلا بشوشا دائم الضحك، ويحب الحياة كثيرا، وأنه كان يحلم بالسفر وشراء مركبة وبيت لنسكن فيه سويا، ولكن بحسب الوالدة فإن أمنياته في الأشهر الأخيرة تحولت إلى أمنية واحدة وهي الشهادة".

تقول الوالدة: "آدم طفل كما كل أطفال العالم، كان يحب الحياة ولديه الكثير من الأمنيات، ولكنه لم يستطيع أن يحقق منها شيئا سوى الشهادة".

حتى هذه اللحظة، لا تزال وفاء تعيش صدمة رحيل طفلها الوحيد بعد قرابة 3 شهور على استشهاده، ولا تصدق أنه استشهد حتى أنها في بعض الأحيان تنسى وتقوم بالاتصال على أصدقائه تسأل عنه وعن سبب غيابه عن البيت.

وتبقى زيارة بيوت الشهداء وتقبيل رؤوس أمهاتهم، ومعايدة أبنائهم، والاطمئنان على أحوالهم هي جزء يسير من رد الجميل لمن سبقوا للتضحية بدمائهم من أجل فلسطين والمسجد الأقصى.

كلمات دلالية