الذكرى الـ47

عشية يوم الأرض: أراضٍ على الحدود الشرقية لقطاع غزة دخولها "ممنوع" وخسارتها فادحة

الساعة 11:51 ص|29 مارس 2023

فلسطين اليوم

ثمانية دونمات زراعية تقع على الحدود الشرقية لمحافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، يراها صاحبها بعينيه ولكن لا يستطيع أن تطأها قدماه، فلا يمكن الاقتراب منها أو الوصول لها، وحتى إن استطعت الوصول في أضعف الحالات فلا يمكنك الاستفادة منها، فباتت أرض بور لا تسر الناظرين.

لا يمكن وصف الإحساس الذي يشعر به المزارع أبو مهيب قديح عندما يتحدث عن أرضه الزراعية التي حرم من زراعتها والاستفادة منها، فباتت لا قيمة لها ولا فائدة، يمكن الاستفادة منها، لكنها هي عمود وشريان حياة لا يمكن التفريط بها.

اطارات  ومواجهات على حدود غزة (25).JPG
 

قديح ليس وحده، فمئات المزارعين من أصحاب الأراضي القريبة من الحدود الشرقية الممتدة على طول قطاع غزة، لا يستطيعون الاستفادة من أراضيهم الزراعية، كونها مهددة من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يستهدف أراضيهم بالتجريف وإطلاق النار المتواصل.

ويحيي الفلسطينيون يوم غدٍ الخميس 30 مارس 2023، ذكرى يوم الأرض الـ47، ، الذي تعود أحداثه إلى عام 1976، حينما استولت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" على مساحات شاسعة من أراضي السكان العرب لديها، في ظل استهداف متواصل للأرض الفلسطينية ومحاولة الاستلاء عليها والسيطرة على ما تبقى من الأرض.

فيوم الأرض يتكرر يومياً، ولازال المزارعون على عهدهم متمسكين بأرضهم، رغم كل العراقيل التي تضعها "إسرائيل" أمام زراعة الأرض وفلاحتها، والاستفادة منها.

مسيرة حاشدة على حدود خانيونس جنوب قطاع غزة (45).JPG
 

يقول قديح لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "زرعت الأرض أكثر من مرة، إلا أن جرافات الاحتلال تتوغل فيها وتطلق النار علينا في وقت زراعتها وفلاحتها، ومنذ 3 سنوات لم أستطع الوصول لها".

ويشير قديح إلى أنه أصيب بخسارة كبيرة بسبب زراعته الأرض وعدم قدرته على الوصول لها في وقت موسم جني المحصول بسبب استهداف الاحتلال للأرض وكافة الأراضي القريبة".

وأوضح قديح، أن المناطق الزراعية باتت خطيرة، فالاحتلال لا يستهدف فقط المزارعين بل أيضاً المنازل المجاورة فيتم إطلاق النار عليها مباشرة مما يؤدي إلى إصابات في صفوف المواطنين.

وبين قديح، أن الاحتلال يستهدف كافة الأراضي الزراعية التي يرتفع فيها منسوب المزروعات، لذا فيضطر المزارعون لاقتصار زراعتها على البقدونس والسبانخ والقمح والبازيلاء، كونها قصيرة غير مرتفعة.

واوضح قديح، أن المزارعين يتكبدون خسائر فادحة في حال زراعتهم للأرض ويعملون تحت الخطر، برفقة العمال الذين يعملون بخوف من استهداف الاحتلال.

مزارع يتفقد أرضه قرب الجدار الحدودي (9).JPG
 

حكاية يوم الأرض

عام 1975، أعلنت الحكومة الإسرائيلية خطة لتهويد منطقة الجليل، لبناء تجمّعات سكنية يهودية على أراض تعود لفلسطينيين، يمثلون أغلبية في المنطقة.

جاءت تلك الخطة، ضمن مشروع أطلقت عليه السلطات الإسرائيلية اسم "تطوير الجليل".

وصادقت الحكومة، في 29 فبراير/ شباط 1976، على قرار لمصادرة 21 ألف دونم، من أراض تعود ملكيتها لفلسطينيين في بلدات "سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد".

وخصصت إسرائيل، تلك المساحات المُصادَرة لبناء المزيد من المستوطنات.

واستباقا لأي مواجهة فلسطينية، أعلنت السلطات الإسرائيلية حظر التجوال في القرى التي شهدت مصادرة للأراضي منذ الساعة الـ5 مساء من يوم 29 مارس من ذلك العام، واعتبرت أي تظاهرة ستخرج احتجاجا على المصادرة، غير قانونية.

كما هددت إسرائيل بإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين، لمنع تنفيذ الإضراب.

وفي إطار مواجهة هذا القرار، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي، التي انبثقت عن لجان محلية فلسطينية، وأقرّت إعلان الإضراب الشامل في اليوم التالي الذي وافق 30 مارس، ولمدة يوم واحد فقط.

وبدأت شرارة المظاهرات الاحتجاجية، في 29 مارس من ذلك العام، بانطلاق مسيرة شعبية في بلدة دير حنا، تعرضت "للقمع" الشديد من الشرطة، تلتها تظاهرة أخرى في بلدة عرّابة، وكان "القمع" أقوى، حيث ارتقى خلالها شهيد وعشرات الجرحى.

وأدى انتشار خبر استشهاد المتظاهر، إلى اتساع دائرة المظاهرات والاحتجاج في كافة المناطق العربية في اليوم التالي.

وتركزت المواجهات في منطقتي "الجليل" و"المثلث" شمالي إسرائيل لاسيما قرى وبلدات "عرابة - دير حنا – سخنين"، وكذلك صحراء النقب.

وأفضت هذه المواجهات، إلى استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة العشرات جرّاء قسوة الرد الإسرائيلي.

ورفض الاحتلال تشكيل لجنة للتحقيق في ظروف مقتل هؤلاء الفلسطينيين، على الرغم من أنهم كانوا يحملون الهوية الإسرائيلية.

ومع استمرار السياسات الإسرائيلية في مصادرة الأراضي وسرقتها، فإن الفلسطينيين يعتبرون معركة الأرض مستمرة حتّى هذا الوقت.

 

كلمات دلالية