خبر تحدي الانكار- هآرتس

الساعة 09:07 ص|28 مايو 2009

بقلم: اوري شفيت

 (المضمون: اختبار الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء الاسرائيلي سيكون في قدرتهما على ان يترجما فهما مشتركا للتحدي التاريخي لعملية تاريخية مشتركة – متزنة، منسقة، مصممة ومسؤولة - المصدر).

بنيامين نتنياهو يؤمن بان هناك ثلاثة مواضيع على جدول الاعمال الوطني: ايران، ايران وايران. المرة الاولى، لانه اذا ما تحولت ايران نوويا – فان الشرق الاوسط سيتحول نوويا. المرة الثانية، لانه اذا ما تحولت ايران نوويا – فان الشرق الاوسط سيتطرف. والمرة الثالثة، لانها اذا ما تحولت ايران نوويا – آجلا أم عاجلا فان مجنونا متدينا ما من شأنه ان يقوم باستخدام ما للقدرة النووية التي ستكتسبها. وعليه، فانه من ناحية نتنياهو، السنة القريبة القادمة هي السنة الحاسمة في تاريخ اسرائيل. المهمة الاولى هي حمل العالم على وقف ايران. المهمة الثانية هي الاستعداد لامكانية الا يوقف العالم ايران واسرائيل ستقف لمصيرها وحدها.

نتنياهو يؤمن حقا بان ايران تهدد الغرب بقدر لا يقل عما تهدد اسرائيل. في حديثه الطويل مع براك اوباما الاسبوع الماضي حذر من أنه اذا ما تحولت ايران نوويا – فان الولايات المتحدة ستقف ليس امام باكستان واحدة بل امام ست دول تشبه الباكستان. اذا ما تحولت ايران نوويا، فهي ستتنافس مع الولايات المتحدة على مكانة صاحبة الهيمنة في الشرق الاوسط، النظام العالمي سيتضعضع، الولايات المتحدة ستضعف واوباما نفسه سيذكر كمن خرجت المنظومة الدولية في عهده عن نطاق السيطرة. وعليه فلا يوجد اليوم تناقض بين المصلحة الاسرائيلية والمصلحة الامريكية او الاوروبية. واكثر من أي وقت مضى اسرائيل هي السد الامامي لحلف شمالي الاطلسي في وجه الاعصار القادم من الشرق.

احساس نتنياهو هو أنه بالذات في الموضوع الايراني وجد لدى اوباما اذنا صاغية. التشديدات مختلفة والخطاب مختلف، ولكن اوباما يفهم. حتى قبل أن يكون رئيسا تحدث عن ان العالم لا يمكنه ان يسمح لنفسه بدولة اسلامية متطرفة مسلحة بالسلاح النووي.

ولكن التقديرات الاستخبارية التي قرأها منذ دخل الغرفة البيضاوية عمقت فهمه. هكذا ايضا محادثاته مع الملك عبدالله. خلافا لما نقل في وسائل الاعلام، فان الحاكم الاردني القلق على مستقبله كرس معظم زمنه في واشنطن للتهديد الايراني: هكذا يفعل ايضا رؤساء وملوك عرب آخرون في محادثاتهم مع مبعوثي الرئيس الامريكي وسفرائه. ليس ضغوط اللوبي اليهودي بل هتافات النجدة من الزعامة العربية تدفع براك حسين اوباما لان يفهم بان ايران هي التحدي. على ايران سيقوم او يسقط.

هكذا بحيث أن المشكلة الكبرى التي تقف امامها اسرائيل اليوم ليست قيادة الغرب، بل الرأي العام في الغرب. في واشنطن، في لندن، في باريس وفي برلين يجلس رؤساء دول يفهمون معنى ايران. كما أن المؤسسات السياسية – الامنية لاوباما، بار أون، ساركوزي وماركيل تفهم معنى ايران. في ضوء التهديد الايراني الحقيقي لا خلاف عميق في الرأي مثل الخلاف الذي كان قبل سبع سنوات حيال التهديد العراقي الموهوم.

ولكن بين فهم زعماء العالم وبين الرأي العام في بلدانهم توجد فجوة مذهلة. فمنذ الحرب العالمية الثانية، والاوروبيون ليسوا مستعدين لان يدفعوا ثمنا حقيقيا كي يدافعوا عن حريتهم وعن ثقافتهم. منذ حرب العراق، والامريكيون لم يعودوا قادرين على أن يفكروا بمغامرات اخرى في الشرق الاوسط. وعليه، فان قادة العالم الحر الخمسة مشلولون. ليس لانهم لا يرون الخطر، بل بسبب الضغط التصالحي للجمهور الذي يحيط بزعماء الغرب يجعلهم يختارون بطواعية التصرف وكأنهم عديمو الحيلة.

لدى نتنياهو عدم الحيلة هذه تبعث على تداعيات تاريخية معروفة. فعندما يجري المقارنة بين الثلاثينيات في القرن الماضي وبين سنوات الالفين فانه لا يقصد بذلك ان الكارثة على الباب. كما أنه واع لحقيقة أن احمدي نجاد ليس هتلر. يحتمل أن ينزل الشهر القادم عن المنصة. ولكن رئيس الوزراء يلاحظ شبها بين ضعف الرأي وضعف ارادة الديمقراطيات في تلك العهود وفي هذا الزمن. وهو يلاحظ وجه شبه بين الدوافع التي ادت بـ تشمبرلين الى مصالحة الشر وبين الدوافع التي تؤدي الان بالكثيرين الى التصرف بتراخ وتردد في ضوء الشر. ليس لديه شك بان في نهاية المطاف الشرق سيستيقظ، سيصحو وسينتصر. ولكنه يخشى من ان يحصل هذا في وقت متأخر اكثر مما ينبغي. وهو من شأنه أن يحصل ليس قبل تشيكوسلوفاكيا بل بعد تشيكوسلوفاكيا.

الوضع هو وضع انكار. في الولايات المتحدة، في اوروبا وفي اسرائيل يفضلون الا ينظروا الى الحقيقة في العينين. يفضلون أن ينشغلوا بالصغائر من كل نوع. وعليه فان الاختبار هو اختبار الزعامة. اوباما ونتنياهو على حد سواء سيحاكمان حسب قدرتهما في أن يكونا قائدين وليس مقودين. اختبار الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء الاسرائيلي سيكون في قدرتهما على ان يترجما فهما مشتركا للتحدي التاريخي لعملية تاريخية مشتركة – متزنة، منسقة، مصممة ومسؤولة.