"وفاء عياد" من مخيم الدهيشة القريب من بيت لحم، كان شهر آذار/ مارس شهر مميزا، ففيه رزقت بطفلها الوحيد، وفيه كان يحتفل معها على مدار ١٥ عاما بأمومتها، ولكن هذا العام يعود هذا العيد ثقيلا على قلبها وروحها وهي التي فقدت طفلها آدم برصاصة.
تقول عياد لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "حتى الأن لا أستطيع ان أصدق أنه رحل، أراه في كل مكان حولي، وكل لحظة أتخيل أنه سيدخل من باب البيت".
واستشهد عياد بعد إطلاق جنود الاحتلال رصاصة باتجاهه اخترقت قلبه، وترك والدته بوجعها الكبير" فراقه صعب، في قلبي وجع كبير لم ينقص منذ استشهاده".
درس آدم في مدارس مخيم الدهيشة حتى الصف العاشر، ومع بداية العام الحالي ترك المدرسة وقال لوالدته أنه الأن كُبر ويجب أن تعتمد عليه، وبدأ بالعمل في فرن في المخيم.
وبحسب الوالدة، تأثر آدم بمن حوله ممن اعتقلوا وأصيبوا من قبل الاحتلال خاله وأبناء خالته، ولكن تأثره الأكبر كان برفيقه في الفرن عمر مناع والذي كان قد تعلق به تعلقا شديدا، وكان استشهاده نقطة تغير في حياته، كان يوميا يزور قبره ويجلس إلى جواره، وهو المكان الذي دفن فيه هو بعد استشهاده- بعد أقل من شهر.
وتتابع عن آدم: "كان طفلا بشوشا دائم الضحك، ويحب الحياة كثيرا، وأنه كان يحلم بالسفر وشراء مركبة وبيت لنسكن فيه سويا، ولكن بحسب الوالدة فإن أمنياته في الأشهر الأخيرة تحولت إلى أمنية واحدة وهي الشهادة".
كانت الوالدة تحاول أن تثنيه عما يتمنى، وكانت تقول له إنه وحيدها ولا يوجد لها في الحياة غيره فيرد عليها:" استشهادي فداءا للوطن وعليك بالصبر".
تقول الوالدة: "آدم طفل كما كل أطفال العالم، كان يحب الحياة ولديه الكثير من الأمنيات، ولكنه لم يستطيع أن يحقق منها شيئا سوى الشهادة".
وعن يوم استشهاده، تقول في تلك الليلة أعددت له العشاء ولكنه لم يأكله فقط كان قد تناول العشاء في منزل صديقه، وعندما عاد إلى البيت كان سعيدا، وهو يتحدث عن عمله وعن زيادة أجره من قبل صاحب الفرن، وقال لها أن تستعمل المال الذي أدخره أن احتاجته، وبعدها خرج من المنزل.
عند الفجر طرقت زوجة أخيها بابها وأبلغتها عن إصابة آدم، وطلبت منها ألا تخاف لأن إصابته خفيفة، ولكن عندما علمت أن إصابته بالصدر علمت أن هناك شيئا أصابته.
عندما وصلت إلى المستشفى كان شقيقها يصرخ في غرفة الطوارئ بينما كان الأطباء يحاولون إنعاشه، فأدركت أنه استشهد.
وكان أحد قناصة الاحتلال أطلق رصاصة من نوع الرصاص الحي المتفجر باتجاهه مباشرة، اخترقت صدره مما أدى إلى استشهاده.
حتى هذه اللحظة، لا تزال وفاء تعيش صدمة رحيل طفلها الوحيد بعد شهرين ونصف على استشهاده، ولا تصدق أنه استشهد حتى أنها في بعض الأحيان تنسى وتقوم بالاتصال على أصدقائه تسأل عنه وعن سبب غيابه عن البيت، "يوم أمس شعرت أن الساعة تأخرت وهو لم يرجع إلى البيت قمت بالاتصال بأختي أسألها عنه".